لمْ تُفْلح المبادرة الوطنية للتنمية البشرية بعْد مُضيّ عشْر سنوات على الشروع في تطبيقها (سنة 2005)، في إخراجِ سكّان الجبال المغاربة من الوضعيّة الاجتماعية الصعبة التي يعيشونها، والتي تتّسم ب"التهميش الفظيع"، حسبَ ما أعْلنَ فاعلون جمعويون في ندوة صحافية اليوم بالرباط. وقالَ محمد الديش، رئيسُ جمعية "الهدف" بولمان، في الندوة الصحافية التي عقدتْها الجمعية لتقديم حصيلة السنة الأولى من برنامج المرافعة من أجل تحسين شروط عيش ساكنة المناطق الجبلية بالمغرب، "سكّان الجبل يعانون من الإقصاء ومن تجاهل قضاياهم، منذ عقود"، وأضاف "الجبلُ يعاني تهميشا فظيعا". ويُحضّر الائتلافُ الجمعوي الذي تأسسَ عقبَ المنتدى الوطني الأول للمناطق الجبلية بالمغرب المنعقد خلال الأسبوع الماضي بمدينة آزرو من خلال برنامج المرافعة إلى حشْد دعم أكبر عدد من الفاعلين المدنيين والسياسيين والحقوقيين، بهدف رفْع التهميش عن ساكنة الجبال، والمطالبة بجبْر الضرر الذي لحقهم. وسيشتغلُ الائتلاف الذي يضمّ 120 جمعية، عبر أربع تنسيقيات، تشملُ الريف، والأطلس الكبير والمتوسط والصغير، وسيطالبُ الائتلاف، فضلا عن جبر الضرر الجماعي لسكّان الجبال، بتبنّي سياسات عموميّة مُلائمة للمناطق الجبلية، وخلْق تمييز إيجابي، كما سيسعى، وفق ما أُعلنَ في الندوة، إلى إقرار قانون الجبل، من خلال التنسيق مع الفاعلين السياسيين. وعلى الرغم من أنّ المناطق الجبليّة تشكّل 26 في المائة من المساحة الإجمالية للمغرب، وتمثل ساكنتها 30 في المائة من مجموع السكان، وما تتوفّر عليه من مؤهلات ثقافية وبيئية وطاقية ومعدنية، إلّا أنّها تعاني من "التهميش ومحدودية حظها من التنمية مقارنة مع مناطق السهول"، بحسب المذكّرة المطلبية التي رفعتْها الجمعيات المشاركة في منتدى آزرو إلى المؤسسات المعنية. وانتقدت الجمعيات في مذكرتها سياسات الحكومات المتعاقبة والتي تتسم بتركّز مجهودها التنموي وتخطيطها الإنمائي وتوفير الخدمات على الأراضي المنخفضة والمنبسطة، "تاركة الفقر والتنمية في المناطق الجبلية دون معالجة"، بحسب ما ورد في المذكّرة، أمّا محمد الديش فيقول إنّ النهوض بوضعية الجبل لا يُمكن أن تتمّ إلا باعتماد إستراتيجية مؤسسة على منطلقات الاستدامة، "وليس على برامج ترقيعية". وأضاف الديش أنّ ثمّة ضرورة ملحّة لتدخّل الدولة من خلال سياسة عمومية واضحة وإستراتيجية مهيْكلة، بهدف تقليص الفوارق الاجتماعية القائمة بين ساكنة الجبال وسكان السهول، والتي قالَ إنّها متفاقمة "بشكل كارثيٍّ"، وتابع الديش "السياسات العمومية الحالية لا تتلاءم مع وضعية ساكنة الجبل، والتي لا تحتاج إلى إعانات في فصل الشتاء، بل إلى رؤية إستراتيجية لتنمية مستدامة".