تتفاقمُ معاناة المهاجرِين المغاربة في ليبيا، مع انزلاق الوضع في البلاد، بتقاطر الآلاف على المعبر الحدودِي "رأس جدير" بين ذات الدولة التي تشهد تطاحنا والجمهورية التونسية. حيثُ جرى تسليم وثائق السماح بالعبُور ل950 شخصًا لا يتوفرُون على جواز السفر، أوْ لأبناء الجالية المتزوجين بليبيين والمسجلِين في سجلات الحالة المدنية للمغرب. واستفاد 740 مغربيا منْ مساعدة خلية مغربية، على مستوى المعبر الحدُودِي، للتمكن منْ المغادرة صوب مطار تونس العاصمة ومن ثمة الطيران إلى مطار محمد الخامس في النواصر بضواحي الدارالبيضاء، وذلك بالرغم منْ ضعف البنيات المرصُودة للعملية. وتتواصل عملية الترحيل على مستوى المعبر فيما كانت ت عملية ترحيل أفراد الجالية المغربية انطلاقا منْ مدينة بنغازِي قدْ تعثرت في وقت سابق، بسبب المواجهات العنيفة التي احتدمت بين الميليشيات والجيش الليبي المدعُوم من قبل خليفة حفتر، بعدما كانت خلية قدْ أنشئت، صيف العام الماضي، بتنسيق بين وزارة الجالية المغربية في الخارج والشؤون الخارجية والتعاون لترحِيل المغاربة. وبالرغم من توقيع اتفاقية في وقتٍ سابق مع وكالة أسفار في بنغازِي لتولي نقل المواطنين المغاربة من مطار طبرق في شرق البلاد، إلى تونسقرطاج ومن ثمة الدارالبيضاء، إلا أن الوضع الأمني المتردِي عرقل مضي العملية، كما أن أعضاء الخلية المغربية يضطرُّون إلى الدخُول إلى ليبيا في بعض الأحيان لمساعدة المغارة بتنسيق مع مراقبي المعبر. ومن العراقيل الماثلة أمام ترحيل المغاربة في ليبيا طُول المسافة التي يضطرُّ الخارجُون من التراب الليبي إلى قطعها لبلوغ مطار تونسقرطاج في العاصمة التونسية، في حين كان منْ المتاح إطلاق رحلاتٍ للعائدِين منْ مطار جربة في الجنوب التونسي الذِي لا يبعدُ عنْ الممر الحدودِي لراس جدير سوى بحواليْ مائة وخمسين كيلومترَا. في غضُون ذلك، كان الوزير المكلف بالجالية المغربية المقيمة بالخارج، أنيس بيرُو، قدْ أكد في تصريحٍ لهسبريس، أنَّ الدولة المغربية تتكفلُ بأيِّ مغربي في ليبيا يودُّ العودة إلى الوطن، وأنَّ ترتيبات جرى القيام بها منذ بدء الأزمة في ليبيا، غير أن عددًا من المهاجرِين كانُوا قدْ أرجؤُوا العودة قبل أنْ يزداد الوضع ترديًا. وتكابدُ النساء المغربيات المتزوجات برجال أجانب في ليبيا مشكلًا آخر في المعبر الحدودِي، بالنظر إلى عدم تسجيل مواليدهنَّ الأجانب في سجلات الحالة المدنية لدى المصالح القنصليَّة المغربية في طرابلس وبنغازِي، على حدٍّ سواء. وفي اتصال هاتفي مع هسبريس، قال المهاجر المغربي في ليبيا، حميد طارق، إن الإشكال المطروح لدى مغاربة ليبيا ممنْ فضلوا البقاء هو عدم اشتغال المصالح القنصلية لإمدادهم بالوثائق اللازمة "انا هنا منذُ ثلاثة وعشرين عامًا، أسستُ حياتِي وأبنائي يتابعُون دراستهم رغم الصعوبات، كيف لي أنْ أترك كلَّ شيء وأقفل راجعًا". المتحدث أضاف أن أسرًا مغربية كثيرة لا تزالُ تعيشُ في طرابلس وباقي المدن، لكونها تدركُ ان لا شيء ينتظرها لدى الوصُول إلى المغرب "ذاك ما يدفعها إلى الصبر هنا، وما نريدهُ اليوم هو تأمين تواصل الجالية هنا بالمصالح الديبلوماسية، لأننا لا نجدُ أحدًا اليوم في خضم الأزمة، حتى أن بعض الجمعيات التي كانت تنشطُ في المساعدة غادر الكثيرُ منها، وفي الأسبوع الأخير، توفي مهاجر مغربي فاضطررنا إلى دفنه هنا في ليبيا، لعدم وجود سبيل لنقله صوب المغرب".