أثار نزع المهام التفتيشية لوزارة العدل والحريات، لصالح المجلس الأعلى للسلطة القضائية، نقاشا حادا في أولى جلسات مناقشة مشروع القانون التنظيمي، المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب. وينص مشروع القانون التنظيمي للسلطة القضائية، على أن يتوفر المجلس على متفشية عامة للشؤون القضائية، يحدد القانون مهامها واختصاصاتها وطريقة اشتغالها، ويرأسها مفتش عام يعين بظهير ملكي، من بين قضاة الدرجة الاستثنائية على الأقل ولمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة. واعترض النواب من داخل لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان، يومي الاثنين والثلاثاء، على هذا المقتضى الذي يفرغ حسبهم وزارة العدل من مهامها، إذا ما أضيف إلى استقلالية النيابة العامة عن سلطة وزير العدل والحريات، لكونه سيسحب البساط من تحت أقدام السلطة التنفيذية في ضمان تنفيذ السياسة الجنائية التي تضعها لتخليق الحياة القضائية. وسجلت مداخلات النواب البرلمانيين، أغلبية ومعارضة، أن "تغول" سلطات المجلس الأعلى للسلطة القضائية، سيجعل من بقاء وزارة العدل من عدمه شيئا واحدا داخل التشكيلة الحكومية، مشيرين أن مهام الوزارة لن تتجاوز أمورا تقنية مرتبطة بالتفتيش الإداري، والذي سيصبح هو الآخر مشتركا بين المجلس الأعلى والوزارة الوصية. وأثارت مداخلات النواب إشكالا دستوريا في المفتشية العامة للشؤون القضائية، كمؤسسة كبيرة داخل المجلس الأعلى للسلطة القضائية، منبهين أن الدستور يتحدث على أن يساعد "قضاة مفتشين" المجلس في المهام التأديبية فقط، ولم يتحدث عن متفشية بمنطق المؤسسة، كما نص على ذلك مشروع القانون التنظيمي الذي جاءت به الحكومة. وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد، أكد في رده على تخوفات النواب أنه بصم قبل مصادقة المجلس الحكومي على المشروع الحالي، على سبعة نسخ كمسودات، مبديا استعداده للبصم على نسخة ثامنة، لأن المهم بالنسبة له هو "إخراج نص قانوني جيد". من جهة أخرى طغى على نقاش النواب المقتضى الذي جاءت به المادة 51 من مشروع القانون التنظيمي المذكور، والمرتبطة بالهيئة المشتركة بين المجلس الأعلى والسلطة الحكومية، معتبرين أن المجلس بهذه الهيئة سيهيمن على التفتيش الإداري، بعد هيمنته على الشؤون القضائية. ودعت المداخلات إلى ضرورة بقاء الوضيعة الإدارية للقضاة من المهام الحصرية لوزارة العدل والحريات، مشددين على أنه "لا يجوز للمجلس الأعلى للسلطة القضائية التدخل فيها تحت أي طائلة، مع مراعاة تأسيس سبل واضحة للتعاون والتنسيق في تدبير الشؤون القضائية".