لم تمر الحادثة الإرهابية التي طالت معبدا يهوديا في العاصمة الدنمركية "كوبنهاغن"، قبل أيام خلت، والتي أسفرت عن مقتل شخص وإصابة آخرين، دون أن تسيل الكثير من التداعيات، سواء داخل الدنمرك أو خارجه، خاصة بعد أن تم تضخيم الحادث، وربط الإسلام بالإرهاب من جديد. وأفضت الحادثة في المعبد، الذي كان يحتضن نقاشا عن التجارة الإسلامية وحرية التعبير، وحضرها "لارس فيلك" صاحب الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول، إلى شن اعتداءات وتضييقات على أفراد من الجالية المسلمة، خاصة النساء المحجبات اللائي تعرضن للتعنيف اللفظي. وتعرضت نساء محجباتٌ إلى نزع حجابهن بالعنف، دون أدنى تدخل من الشرطة، حيث لم تتم الاستجابة لنداءات الاستغاثة من المسلمين اللذين أصبحوا عرضة للتنكيل بسبب حادث مأساوي تسبب فيه يافع مسلم من أصل فلسطيني لم يكمل بعد ربيعه ال22، وخرج لتوه من السجن. وتساءل مسلمو الدانمرك إن كان عليهم دفع ضريبة هذا الحادث بعد تقاعس قوى الأمن عن حمايتهم، ولم يتأخر الجواب كثيرا، حيث تم تأسيس لجان الدفاع الذاتي لاستقبال مكالمات الاستغاثة، والتي اختار فرعها في كوبنهاغن العاصمة، تسميتها 'Beskyt dine søstre' "دافع عن أختك". وتضم اللجان شبانا مسلمين متطوعين، يناهز عددهم 1545 شابا، حيث يتم استقبال نداءات الاستغاثة، وتوزع بعد ذلك الأدوار على الأعضاء حسب قربهم من الحادث، ويتم تعنيف المعتدي بمثل ما اعتدى، فإن كان الاعتداء بدنيا نال نفس الجزاء، أما إن هرب الجاني يتم إيصال المعتدى عليه إلى المكان الذي كان يقصده. وفي خضم رفض الشرطة الدانمركية التعليق على تأسيس لجان الدفاع الذاتي هذه، يعيش المسلمون حاليا أياما عصيبة اضطرت بعضهم إلى ثني زوجاتهم عن الخروج لوحدهن خاصة في بعض المناطق التي أصبح فيها تجوال السيدة المحجبة أو الرجل الملتحي يشكل خطرا عليه. وتقول عوا العمري، دنمركية من أصل عراقي، إنها استفادت من حماية لجان الدفاع الذاتي "دافع عن أختك"، وتضيف "لم أتوقع يوم الثلاثاء الماضي حين وجودي بمحطة فلينتهولم للقطار، أن يتم الاعتداء علي بطريقة وحشية، إذ سحبني أحد الدانمركيين من معطفي فسقطت من أعلى الدرج..تألمت كثيرا ولم أتوقف عن البكاء". استجمعت الفتاة قواها، وتذكرت الرقم الهاتفي الذي وضعه شباب لجنة "دافع عن أختك" رهن إشارة الجالية المسلمة بهذا البلد الأوربي، حيث طلبت النجدة وما هي إلا عشر دقائق، تقول عوا العمري، حتى حضر أربع شباب من جنسيات مختلفة لحمايتي وتعقب المعتدي وزميله". وليست حالة العمري الوحيدة، إذ يحكي مهاجر مغربي كيف تعرض لاعتداء لفظي من مواطن دانمركي، بعد أن ركن سيارته بجانب سيارته، ليفاجأ بالمواطن الدانمركي يأمره أن يعود إلى سوريا من حيث جاء، حيث أجابه المغربي أنه لم يأت من سوريا، وأن عليه دراسة الجغرافيا". وتصاعد النقاش بين الشخصين، فرجع المهاجر إلى سيارته ليضع حقيبته في صندوق السيارة ويغادر المكان، وما إن رآه المواطن الدنماركي حتى أسرع بالاتصال بالشرطة، ظنا منه أن الواقف أمامه شخص إرهابي سيحضر سلاح كلاشنيكوف من سيارته ليجهز عليه.