يراقب الاميركيون الضواحي الفرنسية ذات الكثافة السكانية القوية من المهاجرين ويبدون بحسب برقيات كشفها موقع ويكيليكس مخاوف من ان يثير التمييز ضد المسلمين ازمات متكررة ويجعل من فرنسا "دولة ضعيفة" و"حليفا اقل فعالية". وقالت السفارة الاميركية في برقية صيغت في التاسع من تشرين الثاني/نوفمبر 2005 ان "المشكلة الحقيقية هي فشل فرنساالبيضاء والمسيحية في اعتبار المواطنين اصحاب البشرة الاكثر اسمرارا والمسلمين كمواطنين فعليين". وهذه البرقية المعنونة "هل يتبدد نموذج الاندماج الفرنسي؟" والتي صيغت في وقت شهدت فيه ضواحي كبريات المدن الفرنسية ثلاثة اسابيع من اعمال الشغب العنيفة، تشير الى "الحقيقة المرعبة لفشل فرنسا المتواصل في دمج سكانها من المهاجرين". وبعد ذلك بسنتين، بدأت الولاياتالمتحدة بمتابعة ما يجري في الضواحي عن كثب، وهي عملية سرعت وتيرتها هذه الاحداث، لدرجة تخصيص السفارة الاميركية خلية متخصصة لهذا الموضوع. وبحسب برقية سرية مؤرخة في التاسع من كانون الثاني/يناير، اعربت واشنطن عن نيتها انتهاج "استراتيجية التزام تجاه الاقليات". وتحدثت برقية مؤرخة في 25 كانون الثاني/يناير من العام نفسه عن "تعيين ضابطين مكلفين مسائل الاقليات". واوضحت برقية دبلوماسية ان "الهدف يكمن في توعية الشعب الفرنسي على المستويات كافة لزيادة جهود فرنسا في ترجمة مثلها الخاصة في المساواة بين البشر وبنتيجة ذلك جعل المصالح القومية الاميركية تتقدم". وبعد اشارتها الى نقص في المرونة من جانب المؤسسات الفرنسية "للتأقلم مع تركيبة سكانية اخذة في التنوع"، حذرت البرقية من ان عدم توصل فرنسا الى تحسين اوضاع الاقليات فيها ومنحهم تمثيلا سياسيا، يمكن ان تصبح "بلدا اكثر ضعفا وانقساما واكثر عرضة للازمات وانغلاقا على نفسه، وبالتالي حليفا اقل فعالية". وبرأي الدبلوماسيين الاميركيين، فإن "فرنسا لم تستغل بالكامل الطاقة والاندفاع والافكار لدى اقلياتها". واقرت السفارة بان "الاقليات المسلمة الفرنسية افضل اندماجا من الاقليات المسلمة في اماكن اخرى من اوروبا"، الا انها شددت على وجود "مشكلة تمييز كبيرة". وتضم فرنسا اكبر عدد من المسلمين في اوروبا مع 5 الى 6 ملايين شخص اصلهم بشكل اساسي من دول المغرب العربي وافريقيا. ومع انهم لم يروا عام 2005 استخداما لاعمال الشغب من جانب جماعات اسلامية لغايات سياسية، يرى الاميركيون في اعمال التمييز خطرا بزيادة التطرف. واضافت البرقية ان "هذا سيشكل تحديا لتغيير المواقف المتجذرة حول المهاجرين من غير اصحاب البشرة البيضاء"، لكن "الفشل قد يدفع بطبقات شعبية شديدة البعد عن التسييس الى الاقتراب من التطرف السياسي الاسلامي". وتابعت ان ازدياد التشدد لدى المنظمات الاسلامية او عدمه منوط "بفعالية البرامج الاجتماعية للحكومة وبشكل اشمل بارادة المجتمع الفرنسي بمعالجة مشاكلها المستمرة". واعتبرت السفارة الاميركية في برقية 25 كانون الثاني/يناير 2007 ان "السكان المحرومين يبقون هدفا بديهيا للجهات التي تجند المتشددين"، متحدثة عن مساعدات مالية محتملة لمكافحة "تبعات التمييز والاقصاء اللذين يطالان الاقليات في فرنسا". هذا وتمول الخارجية الاميركية بالفعل رحلات ودورات تدريبية في الولاياتالمتحدة لشبان من الفئات المحرومة اجتماعيا. وبحسب الدبلوماسيين الاميركيين فان هذه الخطوة تلاقي استحسان سكان الاحياء الفقيرة الا ان المطلوب القيام بها "بتكتم ظاهر وبكياسة وبراعة".