يبدو أن تسخينات التعبئة الحزبية للاستحقاقات الانتخابية العامة، التي تحدد موعدها في يونيو القادم، بدأت تظهر منذ الآن، حيث عمد الوزير عزيز رباح، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، إلى تعبئة أعضاء حزبه من المهندسين، استعدادا لتلك المحطة الهامة، بقوله: "نحتاج جيلا جديدا من المنتخبين". هذا الجيل، وفق تعبير رباح، الذي كان يتحدث اليوم السبت خلال يوم دراسي نظمته جمعية "مهندسي العدالة والتنمية" بالرباط، يجب أن يتخذ من حكومة عبد الإله بنكيران قدوة له، "مستحيل أن تأخذ منصبا وتلتقط لك الصور وتمر مرور الكرام"، مضيفا أن مشروع الجهوية المتقدمة، التي سيتم تنزيله هذا العام، يحتاج لنخب إدارية وسياسية جديدة ومتكاملة. الوزير الذي يحمل حقيبة النقل والتجهيز واللوجيستيك، أوضح قائلا: "هناك مشاريع تنموية كبيرة ستبرز، والمغرب اختار أن يكون دولة صاعدة.. ويستحيل أن نقدم على تلك المشاريع دون تأهيل النخب الجديدة والقديمة وتجديد فكرها السياسي والتنموي". واشتكى رباح مما وصفه التضخم في الجماعات المحلية، قائلا " للأسف نسجل قلة في التقنيين والمهندسين ممن يتوجب عليهم الإشراف وتنزيل المشاريع التنموية"، مشيرا إلى أن المجالس الجهوية التي سترى النور عقب الانتخابات القادمة، بمثابة حكومة مصغرة "تحتاج لنخب متكاملة ومصالحة بين الساسة والتكنوقراط". وتابع القيادي في حزب "المصباح" بأن البنية التقليدية للأحزاب لا تسمح ببروز نخبة إدارية وتقنية داخل المنظومة الحزبية، مشيرا إلى أن بنية الاستقبال داخل الأحزاب ينبغي أن تقرب تلك النخب، بما فيها المهندسين، من الحياة السياسية، "هذه الحياة تحتاج لتغيير جذري يتيح الانفتاح على تلك الفئة وليس بالضرورة لغرض الإنتماء الحزبي"، يورد وزير النقل والتجهيز واللوجيستيك. وذكر رباح كون صدى الأوضاع السياسية والنقابية، التي كانت متوترة زمن ما قبل ثمانينيات القرن الماضي بالمغرب، كان يصل الجامعات والمعاهد، وأضاف قائلا "المهندسون كانوا يقودون معارك سياسية ونقابية مع نخب التعليم والمحامين من التيارات الإسلامية واليسارية بغض النظر عن الاختلافات بينها". وأشار المتحدث إلى ما أسماه الموجة الرابعة من المصالحة التي يحتاج المغرب تنزيلها، والمتمثلة في المساهمة الإبرائية وعودة الأموال المهربة خارجا إلى المغرب، "لقد أقر المغرب، ومنذ 1996 المصالحة الوطنية السياسية مع الأحزاب وحكومة التناوب، ثم الحقوقية عبر هيئة الإنصالف والمصالحة، والاجتماعية مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية"، مبرزا أن من شأن "المصالحة الوطنية المالية والاقتصادية" المساهمة في بناء دولة مغربية حديثة. وكشف الوزير الإسلامي أن النموذج المغربي لم يكتمل بعد ويحتاج إلى "التكامل بين النخب الإدارية والتقنية والنخب السياسية"، موضحا أن هذا النموذج الجديد الذي يسلكه المغرب مبني على "التوافق والإصلاح المتدرج والثقة بين جميع الفاعلين وأيضا على التنافس في البرامج والعطاء". "هذا النموذج تتمناه دول افريقية وعربية وغربية مثل أوكرانيا واليونان" يضيف رباح وهو يعطي انطباعا إيجابيا على ما أسماه "النموذج المغربي"، مشيرا كون هذا الأخير "لا يمكن أن يعطي نتيجته بسرعة.. حتى المدينة الفاضلة لأفلاطون لا يمكن تحقيقها إلا بمرور قرون من الزمن". وغير رباح بوصلة حديثه نحو من أسماه المنتقدين والفئات المعزولة بقوله "نعتز بهذا النموذج الجديد رغم بعض المنتقدين وحصول مناوشات بين الأحزاب"، مضيفا "هناك فئات معزولة لها قوتها الإعلامية وشبكاتها الانتخابية ليس في مصلحتها هذا النموذج". ورفض عضو الأمانة العامة لحزب بنكيران استمرار عزلة النخب الإدارية، التي وسمها بالتكنوقراط، "يجب على تلك النخب أن تكون مسيسة لأننا بصدد مصالحة وطنية"، على أن دستور 2011 مكن للأحزاب السياسية ومنحها القوة والشرعية الانتخابية، وفق الوزير، الذي دعا إلى تمكين المهندسين من الانخراط في الأحزاب.