هيمنت العملية الإرهابية التي استهدفت صحيفة "شارلي إيبدو" على عناوين الصفحات الأولى للصحف المغاربية الصادرة اليوم الخميس. وفي هذا الصدد، أفردت الصحف التونسية حيزا مهما لهذه العمليةº حيث أجمعت بمختلف تلاوينها ومشاربها على إدانتها، محذرة في الوقت نفسه من أية محاولة لتبرير دوافع هذه العملية البربرية، ومن الربط بينها وبين الإسلام وقيمه السمحة. وفي هذا السياق، كتبت صحيفة (الصباح)، على صدر صفحتها الأولى، أن الإرهاب الأعمى ضرب أمس العاصمة الفرنسية باريس، مشددة على أن ما تعرض له صحفيو "شارلي إيبدو" بالأمس من "اعتداء إرهابي همجي بربري أمر مرفوض ولا يمكن التعامل معه كحدث عادي، وهو بالتأكيد ليس كذلك". وأضافت الصحيفة أن هذه العملية "رسالة واضحة لكل فرسان القلم ولكل الذين لم يخفوا رفضهم للعقليات الظلامية المعادية للإنسان والمتنكرة لأصول ومبادئ الإسلام المترفعة عن كل أنواع العنف والإرهاب"، علاوة على أن هذه العملية "حدث يراد به المس بمكانة وموقع قطاع حيوي ومصيري في تحقيق تقدم الشعوب وضمان رقيها في مجال البناء الديمقراطي، والأرجح هنا أن الأمر لا يتوقف عند حدود فرنسا". وفي نفس الاتجاه، كتبت صحيفة (الشروق)، في افتتاحيتها، أن "أي بحث ذرائعي عن تفسيرات سببية تربط بين العمل الإرهابي الذي طال جريدة "شارلي إيبدو" وبين خطها التحريري الساخر، الذي تجاوز في الكثير من الحالات الحد الأخلاقي والإعلامي، هو تأصيل تبريري لفعل إرهابي لا مبرر له إلا التفكير الإرهابي المنغلق على ذاته". وأضافت الصحيفة بالقول .. "صحيح أن ما تنشره الصحيفة حول كافة الديانات، والإسلام بالتحديد، لا يمت إلى حرية التعبير بصلة، وأنها انحرفت بالرسم الكاريكاتوري من فضاء النقد اللاذع إلى التشويه والتحقير والقذف، وقوضت من حرية التعبير أهم لبنة تأسيسية لهذا المبدأ وهي الاحترام المتبادل، غير أن فضاء محاسبة "شارلي إيبدو" وأية مؤسسة إعلامية أخرى يكون عبر القضاء المستقل أو المنافسة بالطرح والمقاربة الحقيقية عن الإسلام داخل مجال عمومي تعددي تكون فيه الغلبة فقط للحجة والبرهان والدليل". ومن جانبه، كتب المحرر السياسي لصحيفة (المغرب)، في افتتاحية العدد، "غني عن القول أن الإسلام ورسالته ونبيه براء من هذه الهمجية الدموية، ولكن مازال فينا من يرى بعض الحرج في إدانة هذه العملية دون الإشارة إلى الإساءة الفعلية أو المفترضة ل"شارلي إيبدو" للإسلام ونبيه"، مضيفا أنه "لابد أن ندرك أن العالم اليوم ينتظر من عامة المسلمين ونخبهم إدانة واضحة لا لبس فيها لهذه الجريمة النكراء دون "لكن" أو غيرها من تبريرات سياسية وعقائدية (...) إن التبريرات والفتاوى التي يحملها هؤلاء المجرمون المحترفون في أدمغتهم للتشريع لما أقدموا عليه لا تعنينا في شيء، وليست فكرة تناقش أو رأيا يختلف حوله". وفي معرض حديثه عن طريقة تعاطي الفرنسيين مع هذا الحدث الإرهابي على المستوى الرسمي والشعبي والحزبي، كتب المحرر السياسي لصحيفة (الضمير) أنه "رغم حالة الصدمة والرعب والخوف التي غمرت الفرنسيين جراء هذه العملية فإن ردود الفعل الفرنسية سواء التي صدرت عن الأحزاب أو المنظمات الفرنسية أو الشخصيات الوطنية لم تخرج عن إطار الوحدة الوطنية المقدسة كما يسميها الفرنسيون"، مضيفا أن "هذا درس فرنسي لكيفية التعاطي مع الأزمات، مفاده ..عندما يكون الوطن في حال استهداف فلا مجال للمزايدة، لأن الوطن فوق الجميع ، وفوق التجاذبات والحسابات السياسية الضيقة". وفي الجزائر أبرز كاتب افتتاحية صحيفة (ليبرتي) أن أوروبا بشكل عام، وفرنسا، على وجه الخصوص، لم تقيم بشكل حقيقي الشر الإرهابي الذي ما يزال مصدره قائما من خلال سياسة عقائدية تقودها الشبكات الاجتماعية بدهاء وتستهدف شبابا هشا "لا يشعر بالأمان بسبب الأزمة، والذين يجدون أنفسهم ضحية باسم خطاب هو أبعد ما يكون عن قيم الإسلام". وخلصت الصحيفة إلى القول إن "الدودة كامنة في الفاكهة، ويتعلق الأمر بكيفية مواجهة المشكلة من جذورها دون الوقوع في (منطق) الإسلاموفوبيا". وفي نفس السياق، سجلت صحيفة (كوتديان وهران) إنه "من الصعب عدم ملاحظة صناعة إعلامية وممنهجة منذ سنوات للإسلاموفوبيا التي مافتئت تنمو مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية". وبعد أن أبرزت ردود فعل فرنسية تدعو إلى عدم الوقوع في إدانة طائفة بأكملها، أعربت الصحيفة عن أملها في "أن تسود هذه الرؤية النيرة ضدا على أولئك الذين تموقعوا عمليا إلى جانب المحافظين الجدد في الولاياتالمتحدة بعد 11 شتنبر". ومن جهتها، كتبت صحيفة "ليكسبريسيون"، في افتتاحيتها، أن "السلطات العمومية التي لم تتمكن من اتخاذ تدابير حيال خطر معاداة الإسلام، تركت المجال لتنامي إسلاموفوبيا تبناها عدد من المثقفين الفرنسيين"، مسجلة أنه "لا أحد حاول التمييز بين دين مليار ونصف من المسلمين، وبين الإرهابيين الذي يدعون أنهم كذلك..".