لم تتوقف بعد رحى الصراع التي تدور هذه الأيام بين وزير الصحة، الحسين الوردي، ومجموعة كبيرة من أطر القطاع الصحي، خاصة بعد اتهامه لهم بالغيابات الكثيرة عن مقر عملهم وبالدوس على أخلاقيات مهنتهم الشريفة، فقد تكفّلت صفحة فيسبوكية تحمل اسم "فضائح قطاع الصحة"، بنشر معلومات تكشف جزءاً من أوضاع مستشفياتنا العمومية، معلّقة على ذلك ب:"برافو، الوزير الوردي". هذه الصفحة التي لم يُكتب في وصفها غير "نحن هنا لنكشف الحقيقة"، وجّهت منذ انطلاقتها القوية خلال الأيام الأخيرة انتقادات حادة لوزير الصحة، ناشرة صوراً تبيّن الحالة المزرية التي وصلت إليها مجموعة من المؤسسات الصحية بالمغرب، حيث يظهر أن الصفحة تحاول تبيان أن أكبر مشاكل قطاع الصحة في المغرب، هي الظروف التي يمارس فيها الأطباء مهنتهم، وليس الأطباء أنفسهم كما ورد على لسان الوزير. ونشرت الصفحة في أحدث منشوراتها، صور سكن وظيفي لأحد الأطباء، تُظهر مدى تدهور البناية وضعف مرافقها، وكذلك صورة وجبة غذاء، تتكون من الخبز واللوبياء والخضر، يتم تقديمها لطفل مريض بالسكر في الثامنة من عمره، يعاني انهيار الحماض الكيتوني، رغم أنه من المفروض أن تكون لمرضى السكر حمية خاصة، تزداد صرامتها عندما يكون المريض في نوبة صحية، تشير الصفحة. ومن الصور الحديثة كذلك، واحدة تُظهِر مريضاً وهو يفترش أرض مستشفى، قالت الصفحة إنها تعود لمستعجلات الفارابي، وأخرى للباس ممزق يرتديه طبيب جرّاح ب"غرفة عمليات المستعجلات بمستشفى السويسي بالرباط"، فضلاً عن صورة مؤلمة تمّ نشرها على امتداد واسع، تبيّن وضعاً صعباً داخل ما قيل إنه المستشفى الجامعي السويسي للولادة بالرباط، وكيف تفترش الأمهات الأرض مباشرة بعد الولادة داخل غرفة ضيقة، بسبب غياب الأسرة. كما نشرت الصفحة مقاطع فيديو متعددة، واحد منها يبيّن امتلاء أرضية إحدى القاعات الصحية بالمياه، بشكل يهدّد المرضى والأطر العاملة، وآخر يعطي فكرة عن انتشار القطط داخل المستشفيات رغم خطورتها على صحة المرضى، زيادة على بعض النصوص القصيرة، كواحد دعا الأطباء الشرفاء إلى فضح المستور وكشف معاناتهم اليومية في القطاع. في تصريح لهسبريس، قال عضو من لجنة تطلق على نفسها اسم "لجنة أطباء في خدمة الشعب المغربي"، هي المسيّرة للصفحة، إنّ الحسين الوردي يحتقر ويستصغر الأطباء، حيث يخصّص لهم بين كل وقت وحين نصيباً وافراً من الانتقاد، بما أنه "يعرف أن الأطباء هم الحلقة الأضعف نقابياً، وبما أن كل خططه فشلت وتدهورت أرقامها"، مستغلاً في ذلك خرجاته الإعلامية المتعددة، يقول العضو غير الراغب في الكشف عن اسمه. وأضاف المتحدث ذاته أن الدافع وراء إنشاء هذه الصفحة، هو فضح الظروف المزرية للمستشفيات العمومية، وكيف أن الطبيب يتحمل فقط جزءاً يسيراً من المسؤولية، مبرزاً أن البنيات التحتية المتدهورة لا تسمح أبداً بمعالجة المريض المغربي، وأن الأطباء يعملون من كل المستشفيات المغربية على إرسال الصور ومقاطع الفيديو الذي تبيّن الحقيقة، منهياً حديثه بأن الممرضين سيلتحقون بالصفحة في الأيام المقبلة لمزيد من "الفضح". وكان وزير الصحة، الحسين الوردي، قد وجه قبل أيام انتقادات قوية للأطر الصحية، خلال لقاء تواصلي للوزارة، تحدث فيه عن أن الأطباء يتحملون حيزاً كبيراً من مسؤولية ترّدي جودة الخدمات الصحية بالمستشفيات بغيابهم المستمر، ومن ذلك استفحال وفيات الأمهات والأطفال، معتبراً أن هناك انعداماً للمسؤولية في المراكز الصحية العمومية، بشكل سيجعل الوزارة تتشدّد في معاقبة كل مقصّر في عمله. وقد أعطت الوزارة إشارات في هذا الصدد بمباشرتها حملة واسعة من الإعفاءات والتنقيلات.