الحمد لله على كل حال ، ودوام الحال من المحال . لقد رزئ بلدنا الحبيب في شخصية سياسية فذة، وفي رجل من الرجال الحكماء الصادقين الأوفياء . وأشهد أنني – ومنذ أن عرفت الفقيد الغالي عن كثب من سنوات عديدة خلت – أكبرته وأحببته ، وازداد حبي له مع مرور الأيام والشهور والسنوات ، لما مُزّي به من حميد الخصال، وما خُص به من كريم الشيم .. فلقد عرف - رحمة الله عليه - بحسن سيرته، ودماثة أخلاقه، ولين جانبه، وفائق تواضعه ... ومما أشهد له به من عظيم المكارم والسجايا التي نذُر وعَزّ وجودها بين العديد من أقرانه : إعزازه وإكرامه لأهل العلم عموما ، ولأهل الفقه في الدين على وجه الخصوص ، وذلك من إجلال الله تبارك وتعالى ، كما ورد في الحديث . ويضاف إلى ما ذكر : اشتهار فقيدنا - رحمه الله – في مختلف الأوساط بالحكمة والكياسة والرزانة وحسن تدبير الخلاف بالحوار المثمر البناء ، وما إلى ذلك من قيم النبل التي أكسبته احترام وتقدير الجميع، بما في ذلك المخالفين لنهجه الحركي والسياسي . ولذلك، فإن موته ليس خسارة لحركته وحزبه فقط ، بل هو خسارة لبلدته كلها بكل أطيافها وتوجهاتها وتياراتها . كلّ امرئ في الدهرِ محضُ حكايةٍ والحُرّ من يغدو حكايةَ دهرِهِ الموت لم يرسم ملامح نقطةٍ سوداءَ تجثمُ في نهاية عُمرِهِ الموتُ لم يرسم سوى (القمرٍ) الذي صعد (المنازلَ) نحو هالةِ بدرِهِ عَشِيَت عيونُ مُشَيِّعيه كأنّهم رفعوا كيانَ الشمسِ نحو مَقَرِّهِ والنعش يألقُ من تألُّقِ كوكبٍ في النعشِ، حانَتْ منهُ ساعةُ حَشْرِهِ هذا ، ونرجو أن يكتب الفقيد العزيز عند الكريم سبحانه في سمط الشهداء ؛ لأنه يشبه من مات تحت الهدم ، وقد صح أن هذا من الشهداء، وذلك في الحديث الذي أخرجه مالك والشيخان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( الشهداء خمسة : المطعون ، والمبطون ، والغرق ، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله ) . رحم الله فقيدنا ، وغفر ذنبه، وأكرم مثواه ، وحشرنا وإياه في زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفقيا ، آمين آمين ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .