تأخر في الإنجاز، غياب استراتيجية واضحة المعالم، وضعف الحكامة، كانت هذه هي العناوين البارزة للتقرير الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات لتقييم استراتيجية "المغرب الرقمي 2013"التي تم إطلاقها سنة 2009 وتم تحديد سنة 2013 من أجل أن تحقق جميع أهدافها، غير أنه هذه الأهداف لم يحقق منها إلا الشيء القليل حسب التقرير. وكشف التقرير الصادر نهاية الأسبوع الماضي عن مجموعة من الاختلالات، التي شابت تنزيل هذا المشروع على أرض الواقع بداية بعدم التوزيع العادل للموارد المالية على أولويات المشروع الأربعة وهي التحول الاجتماعي، الخدمات العامة الموجهة للمرتفقين، استعمال المعلوميات من طرف المقاولات الصغرى والمتوسطة، إضافة إلى تطوير الصناعات المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات. وتم رصد مبلغ 500 مليار سنتيم من أجل تحقيق هذه الأولويات غير أن مجلس جطو أشار إلى 83 في المائة من هذه الميزانية تم تخصيصها للأولوية الأولى والثانية في حين تم تهميش الأولويتين المتبقيتين، كما أن "الإستراتيجية لم تحدد بشكل واضح مصادر تمويل هذه الإستراتيجية التي اعتمدت على التمويل الخارجي" يقول التقرير. وتبين لقضاة المجلس الأعلى للحسابات الذي يشرف عليه إدريس جطو، أنه إلى غاية 30 يونيو من العام المنصرم مازلت تعرف وتيرة إنجاز الأولويات "تأخيرا كبيرا"، ففي الشق المتعلق بالتحول الاجتماعي فإن حصيلة الإنجازات لم تتعد 11 في المائة من مجموع المشاريع المبرمجة. كما رصد التقرير تفاوتا في إنجاز المشاريع ففي الوقت الذي عرف كل من مشروعي "nafida"، و"injazz"، نسبة إنجاز جيدة فإن المشروع المتعلق بتجهيز المدارس الابتدائية والإعدادية والثانوية بالحواسيب المحمولة الموصولة بالإنترنت المعروف ببرنامج "Genie"، لم يسجل إلا نسبة 24 في المائة فيما يخص تجهيز القاعات المتعددة الوسائط، "وذلك عوض تعميمه على مجموع المؤسسات المدرسية"، يقول التقرير الذي أشار إلى أن 20 في المائة من المشاريع تم التخلي عنها ولم يتم تنفيذها. تقرير المجلس الأعلى للحسابات، تطرق أيضا إلى حصيلة مشروع الحكومة الرقمية، والتي لم تنجز سوى 36 في المائة من أصل 69 مشروعا مبرمجا، بينما توجد 3 في المائة من المشاريع في طور الإنجاز، في حين أن 38 في المائة من المشاريع تعرف مشاكل في عمليات إنجازها و22 في المائة لم يشرع بعد في إنجازها. وهذا ما يؤشر على أن مشروع الحكومة الرقمية التي تراهن عليه الحكومة بشكل كبير مازال يعرف الكثير من التعثرات وبأن أكثر من ثلثي المشاريع لم يتم إنجازها أو أن هناك صعوبة في تحقيقها على الرغم من الموارد المالية المهمة التي رصدت لهذا الورش. كما انتقد التقرير بشدة عدم إنجاز المشاريع التي وصفها ب"الإستراتيجية" في إطار مخطط المغرب الرقمي وعلى رأسها مشروع "القنصلية الرقمية" ونظام المعلومات الخاص بالجماعات المحلية، مبررا عدم قدرة مشروع "المغرب الرقمي" على بلوغ أهدافه ب"ضعف الحكامة" حيث لم يخضع المشروع للمصادقة القبلية من طرف جميع الفاعلين المعنيين بهذا المشروع، "مما أثر سلبا على سير مجموعة من المشاريع المبرمجة". ووجه التقرير، انتقادات لاذعة للمجلس الوطني لتكنولوجيات الإعلام والاقتصاد الرقمي، الذي "لم يقم بالأدوار المنوطة به حيث إنه في الفترة الممتدة بين ما بين 2009 و2013 لم ينعقد إلا ثلاث مرات في حين من المفترض أن يعقد اجتماعين على الأقل في كل سنة" حسب ما جاء به التقرير. ولم يتوقف تقرير مجلس جطو عند حدود الاختلالات التنظيمية والتدبيرية، بل رصد مجموعة من الخروقات المالية، أولها أنه خلال السنتين الأولتين، لتنفيذ استراتيجية المغرب الرقمي، تم إسناد مهمة إنجاز مشروع الحكومة الرقمية لشركة وخمسة متعاقدين في حين أن محور التحول الاجتماعي الذي خصص له غلاف مالي قيمته 200 مليار سنتيم تقريبا تم إسنادها لشركة واحدة. ولفت التقرير إلى كون التعاقد مع الشركات ينص على أنها ستكون مكلفة بتنفيذ مشاريع المغرب الرقمي خلال سنتي 2011 و2012، "في حين يبقى استبعاد إنجاز البرنامج سنة 2013 غير مفهوم" حسب ما جاء في التقرير الذي عبر عن استغرابه من طريقة التعاقد من الشركات.