في رَدّ قويّ على التصريحات التي أدْلى بها وزير الداخلية محمد حصاد، أمام أعضاء مجلس النواب، والتي اتهم فيها الجمعيات الحقوقيةَ المغربية بالعمالة للخارج، وبإضرارها بالمصالح الوطنية، اتّهمت عشرات المنظمات والجمعيات والهيئات الحقوقية وزيرَ الداخلية ب"تضليل الرأي العام"، مُطالِبةً إيّاهُ بتقديم اعتذار عمّا بدر منه من تصريحات. واعتبرت الجمعيات الحقوقية، التي عقدت ندوة صحافية، صباح اليوم بالرباط، أنّ ما ورد في تصريح وزير الداخلية أمام البرلمان حول خضوع المنظمات الحقوقية المغربية لأجندة أجنبية "فِعلٌ مقصود يستهدف التضليل المتعمّد للرأي العام عما تقوم به الجمعيات من أنشطة تدخُل في صميم رسالتها وواجباتها الرامية إلى النهوض بحقوق الإنسان وحمايتها". وتعليقا على ذلك، قال مصطفى المانوزي، إنّ المُشكل لا يكمن في حديث وزير الداخلية عن الدّعم المالي الذي تتلقّاه الجمعيات الحقوقية من الخارج، ما دام أنّ كل ما تتوصّل به الجمعيات يتمّ التصريح به، طبقا للقوانين المنظمة للجمعيات، "بل المشكل في ربْطنا بالأجندة الأجنبية، والإرهاب، وهذا ليسَ كذبا على الرأي العامّ فقط، بل هو جريمة"، يقول المانوزي. وفيما قال مصطفى المانوزي إنّ تصريحات وزير الداخلية "مُدانة"، شدّدت الجمعيات الحقوقية في التصريح الصحافي المُشترك، أنّ من حَقّها أن تتلقّى الدعم من هيئات حكومية أو وكالات إقليمية أو دولية، وإبرام شراكات معها، وإنجاز برامجَ تتلاءم ودورَها ومساهمتها في التنمية الديمقراطية، طبقا لما يُخوّله لها القانون، شأنها في ذلك شأنَ مؤسّسات وقطاعات حكومية. وأبْدت الجمعيات الحقوقية مخاوفها من أنْ تؤدّي الخُطة التي أعلنت عنها الدولة للتصدّي لمخاطر الإرهاب، إلى التراجع عن المكتسبات الحقوقية، معتبرةً أنّ الربط بين واجبات الدولة في حماية الاستقرار ومواجهة التهديدات الإرهابية، وبين التهجّم على الجمعيات الحقوقية، "يُعتبر رِدّة حقيقية عمّا حققته الحركة الجمعوية من مكاسبَ بفضل نضالها الطويل". وبخصوص ما إنْ كانت تصريحات وزير الداخلية ستؤثّر على التحضير للمنتدى الدولي لحقوق الإنسان، المُرتقب تنظيمه في المغرب خلال شهر نونبر القادم، وما إنْ كان سيتعرّض للعرقلة، قال مصطفى المانوزي إنّ الدولة ليس من مصلحتها أن تعرقل تنظيم المؤتمر، لأنّه سيشكّل بالنسبة إليها محطة تاريخية "للتكفير عن انتهاكات الماضي في مجال حقوق الإنسان". ويبْدو أنّ ردود فعل الجمعيات الحقوقية على تصريحات وزير الداخلية لن تتوقّف عند حدود الندوة الصحافية التي عقدتها صباح اليوم، إذ أعلنت الجمعيات أنها ستنظم وقفات تنديدية بتصريحات حصاد على الصعيد الوطني والجهوي، مع مطالبتها بحق الردّ القانوني، عبر القنوات العمومية، على الاتهامات الموجّهة إليها، فيما قال مصطفى المانوزي، جوابا على سؤال حول ما إنْ كانت الجمعيات الحقوقية ستقاضي وزير الداخلية، "هذه المسألة قابلة للنقاش".