أولَى سهرات كاظم الصّيفية تحصُدُ استياءَ الجمهور يجب ألاَّ نتأخر في القول بأن السهرة التي أقامها كاظم الساهر في الدارالبيضاء يومه السبت الماضي فاشلة. دام الحفل الذي أقامه الساهر بإحدى قاعات سينما "ميغاراما" بالدارالبيضاء المغربية ساعتين (مع حرص حسن عبد الله على عدم تجاوز هذا الوقت). ويعد هذا الحفل أول ما افتتح من خلاله كاظم حفلاته لصيف 2010. وتأتي هذه الزيارة بعد خمسة أشهر فقط من آخر حفل أقامه في المدينة نفسها. لكل شيء دلالته ومعناه: تاريخ الحفل. مكان إقامة الحفل. الفرقة التي صاحبته. وما دار أثناء الحفل. هي أشياء لها أن تكشف لنا عن سهرة خيَّبت تطلعات الجمهور الذي حضر الحفل. غنَّى كاظم الساهر بَعْد مطربة مغربية مغمورة اسمها نبيلة معان التي كان أداؤها باهتا. هكذا إذن اعتلى الساهر خشبة المسرح في تمام العاشرة والنصف ليلا وسط تصفيقات وزغاريد الجمهور، هذا الأخير الذي اقتنى تذاكر الدرجة الثالثة نظرا لارتفاع أسعار التذاكر، فيما تشكلت مقاعد الدرجتين الأولى والثانية من بطاقات الدعوة المهداة من كاظم لأصدقائه و من اللجنة المنظمة لأصدقائها. فاللافت للانتباه هو أن المقاعد، ولوقت قليل من انطلاق الحفل ظلت فارغة، وهو ما جعل أصحاب الصفوف الخلفية يشاركون أصحاب الصفوف الأمامية أماكنهم، وسط استياء من البعض. وعند استفسار أحد المنظمين عن تدَنِّي مستوى بيع التذاكر في هذا الحفل، أكد لنا أن ذلك راجع إلى ارتفاع أسعار التذاكر، الناتج عن الأجر الكبير الذي طلبه كاظم الساهر نظير غنائه لمدة ساعتين. وتبقى أسعار التذاكر هذه باهظة بالمقارنة مع مستوى عيش المغاربة. افتتح كاظم الساهر الغناء بأغنية أراضي خدودها، ثم ونسيت دائي، وزيديني عشقا، وباقة من 600 بوسة، وضمني على صدرك، وحبيبتي، ونمت وحلمت، وعيد وحب، ويدك، والليلة احساسي غريب، وكثر الحديث، وست الحلوات...وقد صاحبته الفرقة المغربية للموسيقى العربية بقيادة صلاح الدين المرسلي الشرقاوي. واكتفى الساهر بإحضار تسعة عازفين فقط من فرقته، مقابل واحد وعشرين عازفا من فرقة الشرقاوي، وتساءل الجمهور عن الداعي إلى ذلك، خصوصا وأن الجميع بات يعلم الأجر الذي تقاضاه كاظم في هذا الحفل، حيث كان بإمكانه أن يجلب جميع أعضاء فرقته الموسيقية إلى الحفل. وفي الوقت الذي كان يطلب فيه الساهريون بعض الأغاني، كان يتحجَّجُ بأنه لم يحضر النوتة الموسيقية، أو أن الأغنية المطلوبة صعبة. ونحن هنا نتساءل: كيف يؤدي جمهور ما يقارب 150 دولار ويسمع مثل هذه الحجج الواهية؟ بل الأمَرُّ من ذلك هو أن الساهر سيحمل الكتاب الخاص بمنهاج الأغاني وسيقرأ على مسامع الجمهور الأغاني التي بإمكانه غناؤها، وكأنه يريد أن يقول للجمهور كفاكم إحراجا لي. لأن الفرقة سبق لها أن تدربت على عزف أغان محددة، ولا يمكنها عزف أخرى. هذا ما حدث ببساطة! سيعرف الحفل حركة غير عادية، مثمثلة في مغادرة الكثير من الحاضرين القاعة، أولئك الذين فضلوا إكمال سهرتهم بعيدا عن كاظم، وسط استياء كبير منهم. هذا، ولم يكن كاظم وحده مصدر هذا الاستياء بل أيضا حسن عبد الله الذي شارك الساهر الوقوف على خشبة المسرح، فما لبث يصعد وينزل، ثم يحمل الهاتف ويكلم أناسا من عليها، دون أدنى احترام لقدسية الخشبة أو للجمهور الذي حضر الحفل، وكأنه يريد أن يظهر للجميع بأنه هو الذي يسهر على كل شيء هنا. غير أن حسن عبد الله لم يجِدْ سوى التغزل في الفتيات، ومراقبة ساعته حتى لا يتجاوز الساهر الساعتين، أضف إلى ذلك ملامستُه لربطة عنقه من حين لآخر، وكأنه يخاف أن تنزلق من عنقه. فيما كان الأجدر به، وهو كرجل إضافي في إدارة أعمال كاظم، أن يسهر على جزئيات الحفل، من حيث التنظيم والديكور... لا أن يحتل مكانا بارزا من خشبة المسرح، ويشغل انتباه الجمهور بحركاته فوقها، ويخرجهم من الشعور إلى اللا شعور. سيطلب بعض الساهريين من كاظم أداء أغنية الحب المستحيل، وسيُجيبهم بأنه قد غناها في الحفل! وهو ما لم يحصل بتاتا، وأمام إصرارهم، وهم المتابعون بحرص شديد لكل كبيرة وصغيرة، سيرضخ كاظم لطلبهم ويغنيها. هنا تتضح للجميع عدم رغبة كاظم في تلبية طلبات الجمهور، وفي انزعاجه من أداء الأغاني "الصعبة" على حد تعبيره. يغني مدرسة الحب دون أن يكملها، وينتهي الحفل. غياب إحساس كاظم وحضور الجانب النفعي فيه. غياب الاحترافية في فريق عمله وحضور مزعج من حسن عبد الله. عناوين كبرى في حفل كاظم. والخاسر الأكبر هو الجمهور الذي ألح في الحضور، وتكبد غلاء أسعار التذاكر ولم يلاقِ ما كان ينتظِر. غير أن الجميع تمنوا أن يكون الحفل حالة إخفاق استثنائية. وأن يعيد الساهر حساباته، وينسى بأن الجمهور تكفيه إطلالة كاظم، ففي المغرب، كما في البلدان الأخرى جمهور يحب كاظم ويحب إحساسه وأداءه على المسرح في آن، ومتى غاب عنصر من هذه العناصر غاب كاظم. ...حينما يتمنى الجمهور انتهاء السهرة قبل الموعد المحدد. [email protected]