في الصورة محمد مجاهد ومحمد الساسي انتقد المكتب السياسي للحزب الاشتراكي مجموعة من "الفتاوى" التي دأبت يومية " التجديد " التابعة لحركة الإصلاح والتوحيد على نشرها ، واعتبرها تتناقض مع العقل. يأتي ذلك ليغذي "الصراع" الدائر بين يومية "التجديد" والقيادي اليساري محمد الساسي حول المواقف التي عبر عنها بخصوص مجموعة من "الفتاوى" المنشورة بالجريدة ذاتها. وسجل المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد في بلاغ له عممه على نطاق واسع، "أن هذه "الفتاوى" تتناقض فعلا مع مبادئ العقل والعلم والمنطق وتدعو إلى خرق القانون، وتتعارض مع قيم التسامح والانفتاح التي يتعامل بها المغاربة في علاقاتهم الاجتماعية ومع حاجياتهم الصحية والمعيشية وغيرها". وأكد بيان الحزب الاشتراكي الموحد الذي يشغل محمد الساسي منصب عضو مجلسه الوطني " أن هذه الفتاوي تدخل ضمن الحملات الرجعية والنكوصية التي تقوم بها بعض الجهات الأصولية والجماعة السياسية المرتبطة بها قصد شحن فئات من المجتمع بأفكار ومسلكيات منغلقة ومتخلفة ومعادية لقيم الحرية والتقدم والحداثة، بهدف التعبئة الأيديلوجية والتجييش السياسي لفائدة هذه الجماعات الشمولية لفرض نموذجها التوتاليتاري على المجتمع. وسجل البيان الذي صدر بالدار البيضاء قبل أكثر من أسبوع أن "خطر هذه "الفتاوي" يتمثل، أيضا، في محاولة فرضها لأفكار وممارسات مؤسسة على التمييز بين المواطنين والمواطنات بسبب الجنس والدين، والمس بحقوقهم في العمل والتطبيب وغيرها من الحقوق الأساسية، إضافة إلى ترويجها لتمثلات وسلوكات خرافية حول بعض الأمراض ودعوتها للتداوي بأساليب الشعوذة بدل العلم والطب." وأضاف البيان ذاته "أنه لايحق لأي جهة خرق قيم المساواة والتسامح ولا التحريض على هدم مبادئ القانون، وليس مقبولا نشر خرافات مناقضة للعلم والعقل بأي مبرر كان، بما في ذلك استغلال القيم الدينية وهي احدى مكونات مشترك المغاربة وبالتالي من غير المشروع الوصاية عليها' واعتماد تأويلات متطرفة وشاذة للدين لأغراض التعبئة الأيديلوجية والسياسوية الرخيصة، معربا عن تضامنه مع الأطباء والطبيبات الذين مست بعض هذه "الفتاوي" الغريبة بشرف مهنتهم النبيلة وأضرت بحقهم الطبيعي في ممارسة عملهم بدون تمييز وفق الضوابط المعروفة كونيا والمعمول بها تاريخيا في المغرب." وشدد بيان المكتب السياسي لهذا الحزب اليساري المعارض أن التصدي بالنقد والفضح لهذا النوع من "الفتاوي" من قبل المثقفين الحداثيين والهيئات المدنية والسياسية التقدمية، ومنها الحزب الاشتراكي الموحد ومناضلوه ومناضلاته، يعتبر حقا مشروعا، بل واجبا تنويريا في إطار الدفاع عن قيم الحرية والمساواة والحداثة والتقدم. وفي معرض رده على بيان المكتب السياسي للحزب الاشتراكي الموحد ، قال مولاي عمر بن حماد، نائب رئيس حركة التوحيد والإصلاح، إن بيان المكتب السياسي لليسار الاشتراكي الموحد لا يؤسس للحوار ولا للعلم، مؤكدا أنه يتضمن عبارات قدحية وتهما مجانية كنا نربأ بحزب سياسي أن يقع فيها. وأضاف بن حماد إن بيان الحزب المذكور انتصر لشخص هو الأستاذ محمد الساسي، بدل أن ينتصر للموضوعية، مبرزا أن ما قاله السياسي تم الرد عليه بعلمية على صفحات الجرائد، وهي ردود بينت تهافت ما يزعمه، وأوضحت الانتقائية ومكامن الخلل في مزاعم الساسي، والمنظار الإديولوجي الذي يحكم تهجماته على الفتاوى التي تنشرها التجديد. وأكد بن حماد أن تكرار ما قاله الساسي بأن تلك الفتاوي مناقضة للعلم والمنطق لم يضف جديدا، لأن الموضوعية والعلمية كانت تقتضي أن ينبري البيان والهيئة التي أصدرته لتوضيح ما إذا كانت تلك الفتاوي مناقضة للقرآن الكريم أو للسنة النبوية أو للشريعة الإسلامية، وأضاف بن حماد أنه من حقنا الدفاع عن القيم الإسلامية، ومن بينها الدفاع عن قيم الحداثة والتقدم والعقل، التي يجب أن تستظل بالإسلام. وأضاف بن حماد أن البيان ركز على فتوى واحدة، وقام بالتعميم على بقية الفتاوى، وهو سلوك غير علمي ولا منطقي، مع العلم أن الشريعة- يوضح بن حماد- تقر بلجوء المرأة إلى الطبيب الرجل، وأن الفتوى التي نشرتها التجديد، تناقش مسألة أخرى تتعلق بترتيب الأولوية بالنسبة للمريضة في زيارة الطبيبة أولا ثم الطبيب إذا لم توجد الطبيبة، منتقدا لجوء الحزب المذكور إلى التجييش والتحريض غير المبرر للأطباء. من جهته، قال محمد مجاهد، الأمين العام لليسار الاشتراكي الموحد، إن الدافع هو ذكر اسم حزبه في افتتاحية ليومية التجديد مؤكدا أن ما ورد في البيان يعبر عن اجتهاد خاص بالحزب، ويعبر عن موقف تجاه المواضيع التي نرى أنها مهمة بالنسبة للمواطن المغربي. وعلّق مصطفى الخلفي، مدير نشر يومية التجديد أن هذا التبرير غير صحيح لأن الجريدة امتنعت عن الانزلاق نحو اعتبار ما يكتبه الساسي تعبيرا عن موقف حزبي للاشتراكي الموحد يستغل هذه الفتاوى والآراء الفقهية في صراعه السياسي مع حزب العدالة والتنمية، رغم محاولة ربط الأستاذ الساسي لهذه الفتاوى بحزب العدالة والتنمية دون أن يقدم دليلا على ذلك. بل إن الجريدة سبق أن أوضحت رفضها لذلك في رسالة مفتوحة وذلك بغرض إبقاء المجال الحوار والنقاش العلمي حول مضامين تلك الفتاوى مستمرا دون ارتهان بالحسابات الاديولوجية والسياسية، ولهذا فالبيان كان مفاجئا.