ارتقاب توقيف القاضي الإسباني "بالتاثار غارثون" يوم غدّ الخميس من المتوقّع أن يعمد المجلس العام للقضاء بإسبانيا يوم غد الخميس إلى توقيف "مؤقّت" للقاضي "بالتاثار غارثون" القاضي بالمحكمة الوطنية الإسبانية وذلك على خلفية تحريك شكايات توصل بها قضاء المحكمة العليا الإسبانية، إذ سيتمّ النظر في ملف يطال القاضي الإسباني الشهير بتهمة "الإخلال بالواجب المهني عبر تبنّي حيل قانونية" والتي قد تفضي في حل الإدانة إلى التغريم والإيقاف عن العمل لمدّة تطول لعشرين عاماً بالتمام والكمال. قضية القاضي غارتون انطلقت شهر أكتوبر من العام 2007 بإثارته لرغبة في التحقيق ضمن ملف المفقودين خلال فترة الحرب الأهلية الإسبانية المؤرّخة في الفترة الممتدّة من منتصف إلى آخر ثلاثينيات القرن الماضي، مرتكزا في تحريكه للملفّ على طلبات واردة عن عائلات وأسر الضحايا وكذا قانون "الذاكرة التاريخية" الصادر عن الحكومة خلال عام 2007، حيث فُهم الأمر في شاكلة رغبة من غارثون للسير على خطى تعامله مع ملف الديكتاتور الشيلي أغُسْتُو بينوشِيه، متجاهلا قانون العفو العام الصّادر بإسبانيا سنة 1977 المكتسب للشرعية من تصويت البرلمانيين الإسباني عامين من وفاة الديكتاتور فرانكو، وهو القانون الذي يستثني جرائم نظام الجنرال الدموي من أي تحقيق قضائي كيفما كان مصدره. متابعة القاضي غارثون جاءت بناء على طلب مباشر موجه من جمعية "الأيادي البيضاء" وحزب "الكتيبة" إلى قاضي المحكمة العليا لوسيانو فاريلا، وهي نفس الجمعية التي وصفها غارسون ب "الهامشية" قبل أن يضطر إلى معاودة الالتفاف على التحقيق الذي فتحه بشأن مجازر فترة فرانكو بإعلانه التوقف عن النظر في قضايا تُوفي مرتكبوها المُفترضون، تفعيلا للمبدأ القانوني الجنائي النّاص على "غياب المحاكمة بغياب المجرم"، إلاّ أنّ بالتاثار عاود على الفور تناول نفس الملف ب "التحايل" و إثارة ضرورة فتح القضاء لملف "المقابر الجماعية" التي تضمّ أزيد من 114 ألف فرد أعدموا دون محاكمة خلال الحرب الأهلية الإسبانية، موردا حيزا مكانيا مرصودا بالقرب من غرناطة ويرجَّح ضمّه لجثمان "فريديريكو غارسيا لوركا".. زيادة على إثارة قضايا مرتبطة بسلب عشرات الأطفال من أهاليهم خلال نفس الحقبة الدموية من تاريخ إسبانيا. الملف القضائي المفتوح للقاضي بالتاثار غارثون آخذ في اللمّ لتضامن دولي داع لمطالب "مدنية دولية" بمراجعة المحكمة العليا لنظرتها بشأن العمل الذي شرع فيه القاضي المهدد بالمتابعة، إذ وصلت حملة التضامن إلى الجامعات الفرنسية بتعميم وثيقة إمضاءات إلكترونية تروم جمع أكبر كمّ من التوقيعات المتضامنة مع ملف غارثون، إذ تمّ تصدير الوثيقة المذكورة بتضمينها ديباجة: "إذا كان للُّحمة الأوروبية معنى فإنّ هذا النداء المنسوب للطلبة الجامعيين بفرنسا، والمنطلق من مدينة بُو، قد يكون لها صدى بالمملكة الإسبانية..". حملة التضامن تفعّل أيضا بإسبانيا تحت صدى تصريحات المحامي غُنْزالو مارتينيز فرِسنيدا الذي اعتبر ما يتعرّض له غارثون "تهديدا خطرا على استقلالية القضاء التي يحرص عليها الدستور"، إضافة لمناشدات مؤازرة شعبية معمّمة من لدن جمعية استعادة الذاكرة التاريخية وكمّ هام من النقابات العمّالية الراغبة في خلق التفاف عمّالي حول الإجراء القضائي المرصود.. في حين وصلت نفس الحملة التضامنية إلى عدد من الدول الأوروبية والإسبانية والأمريكية، ومن بينها الأرجنتين التي تجمّع بها عدد من عائلات ضحايا الاستعمار الإسباني مهدّدين باللجوء إلى القضاء الدولي في حال "التضييق" على ممارسة غارثون لمهامه القضائية، إذ أورد أحد محاميي "بوينوس آيريس" بأنّ المطالبة بالتحقيق في جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها النظام الديكتاتوري للجنرال فرانكو منذ الحرب الأهلية حتى أول انتخابات ديمقراطية في إسبانيا ويمكن أن يتم ذلك بفضل مبدأ الولاية القضائية العالمية.. في حين برز الدعم الأمريكي والبريطاني على شكل افتتاحيتين لجريدتي نيويورك تايمز والغارديان. اليوم الأربعاء سيكون منعطفا أوّليا في حياة القاضي بالتاثار غارثون والقضاء الإسباني، إذ يُعوّل على قرار القاضي لوثيانو فاريلا من المحكمة العليا في حسم مسار مطالب اليمين المتطرف الإسباني المطالب برأس قاض متخصص في قضايا الإبادة الجماعية التي تمسّ الإنسانية، إلاّ أنّ أغلب المطّلعين تشاءموا من ردّ سابق للوثيانو على مطالب غارثون، وهو الرد السلبي الذي جوبت به رغبة إصغاء المحكمة العليا بإسبانيا لآراء حقوقيين إسبان ودوليين بشأن الجدوى من فتح ملف الجرائم المرتكبة من لدن نظام فرانكو.