من مكتبهِ المطلِّ على شارع المسيرة في الدارالبيضاء، يديرُ الوزيرُ السابقُ للشبيبة والرياضة، منصف بلخياط، البالغ من عمره أربعًا وأربعين سنةً، أعمال مجموعة " H&S Invest Holding"، بعدما غادر الحكومة في يناير 2012، وقرر أنْ يتفرغَ بشكلٍ كامل إلى المجموعة التي أنشأها سنة 2004، وظلَّ يديرهَا شريكه وقريبه، علي التازي. بمقاولاتهَا الاِثنتيْ عشرة، ومتعاونيها الثمانمائة، وبما لا يقلُّ عن 1.3 مليار درهم، كرقمٍ معاملات، تبدُو " H&S" كامبراطوريَّة عائلة صغرى، نشيطة في أربعة قطاعات؛ هي التوزيع والتواصل والاستشارة والعقار، كما أنها حاضرة في إمارة دبي. وهُو ما يسعَى مديرها العام إلى تطويره. "لقد تطورنا بصورة سريعة. وثمة ضرورة لتطوير البنى المشتغلة وخلق أخرى للمضي لاكتساحِ أسواق جديدة"، يقول بلخياط. يعتمد بلخياط على زبنائه لتمكين شركة "Dislog" من تحقيق أوَّل عمليَّة توسع صوب الجنوب، في موريتانيا. وذلك، لتواكب، انطلاقا من المنطقة الحرة في نواذيبُو، زبناءها المغاربة والدوليين في أسواق إفريقيا جنوب الصحراء، إستراتيجية استطاعَ أنْ يستقطب بها " North Africa Venture II"، التِي دخلت منذ عدَّة أسابيع في رأسمال المقاولة بزهاء 33 في المائة. في يوليوز 2009، ومعَ تعديل طرأ على حكومة عباس الفاسي، دخل أربعة وزراء جدد، كان من بينهم منصف بلخياط، الذي عهد إليه بحقيبة الشبيبة والرياضة. عبر لون حزب التجمع الوطني للأحرار، رغم الانتماء المفترض إلى حزب الاستقلال. "لقدْ دفعت ثمنًا باهظا لمعارضتِي حركة عشرين فبراير. لكننِي أتحملُ مسئوليَّة ذلك كليًّا، أنَا لمْ أقم سوى بعملِي"، يؤكدُ منصف بلخياط، الذِي كانَ في مرمَى الحركة الاحتجاجيَّة التي عرفها المغرب في نطاق "الربيع العربي"، منصف كانَ ممن استهدفهم الشارع، بالحديث عن استفادتهِ كمسئولٍ من عدَّة امتيازاتٍ دون وجه قانوني، كالظفر ببعض الصفقات العموميَّة. وَإزاء اتهامه بالاستفادة من صفقات عموميَّة خارج جادة القانون، قاد الوزيرُ حملة للتشهير بنشطاء حركة عشرين فبراير، بالقول إنهُمْ مسخرُون من البوليساريُو. بلخياط الذِي سبقَ لهُ أنْ تلقَّى تكوينًا في الولاياتالمتحدة، بدراسته عامين في جامعة "هارفارد"، يدافعُ بكثيرٍ من الحماس عن ثقافة الشبكات، قائلًا إنَّ لا محيد عنها للمرء كيْ يتطور، وإنها ليست بالشيء الذي يبعثُ على الخجل. هو يحاول أنْ يرسي تلك الثقافة في مقاولته حيث لا تسمع "سي" و"مسيُو"، مكتفيًا بإدارة أعماله من وراء حاسوبه بالفرنسيَّة. في حين أنَّ مساره السياسي الذِي دخلَ سباتًا، لا يُعرفُ معه إذَا ما كانَ سيخرجُ ليخوض غمار الانتخابات التشريعيَّة فِي 2016؟ في بدايات ألفين بدأ كلُّ شيء. فبعد صعوده بشكلٍ لافت في شركة " Procter&Gamble"، التِي ولجَ إليها مساعدًا لمدير العلامة التجاريَّة، استطاع أنْ يصبح فيها في غضون ست سنوات مديرًا تجاريًّا لإفريقيا والشرق الأوسط. قبل أن تتلقفه "تيليفونيكا". شركةُ الاتصالات الإسبانِية كانَت قد حصلت على رخصة شبكة الهاتف النقال الثانية في المملكة، داخل اتحادٍ مالِي مع شركة الاتصالات البرتغاليَّة ومجموعة " FinanceCom" المغربيَّة، أعطت شهادة الميلاد ل"ميدتيل". كان البحث جاريًا وقتئذٍ عن مدير تجاري. لا يزيد عن ثلاثين عامًا. وهو ما لمْ يتردد في بلخياط في خوض غماره. "إنهُ إنسانٌ تجارِي في هواه، اعطهِ ريحًا وسيتمكنُ من بيعه. وبثمنٍ عال"، يحكِي عنهُ أحد المتعاونين معهُ سابقًا في "ميديتيل". دون أن يغادر موقعه المريح، حيث بلغُ راتبه الشهري 250 ألف درهم، أعاد رفقة أقاربه وأصدقائه، شركة " Dislog"، التي كانت مملوكة ل" Procter&Gamble، جرى تقييمها حينها ب8 ملايين درهم، "وقد استطعنا أنْ نظفر بها، بفضل التجاري وفابنك"، يؤكدُ منصف. بعد عشر سنوات من ذلك، ستصبح الشركة المختصَّة في التوزيع واللوجستيك مضاعفةً للثمن بخمسة وعشرين مرة من قيمتها في البداية، لتحققُ أزيد من مليار درهم كرقم معاملات. بزبناء يبلغُون المليون يوميًّا، يقول إنهُمْ يجعلون الشركة موصولة بحياة الناس، وإنْ كان ذاك بعيدًا عن الأضواء.