توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منازل المرأة في شعر الفلسطيني عز الدين المناصرة
نشر في هسبريس يوم 03 - 04 - 2014

من المفارقات المضحكة ما اعتاد عليه البعض، ودأب يردده، من دون تدبر وتفكير، من أن الشعر الفلسطيني، الذي نذر نفسه للمقاومة، والإعلاء من شأن الأرض والإنسان، لا يحق له أن يكرس مُفْتلذات ونُتفا شعرية للحب، حب المرأة تحديدا، كتعبير عن آدمية الشاعر، وحاجته الطبيعية إلى الجنس الآخر، بما هو امتداد وتكملة، وقَسيم.
لعلنا ننسى أن الميثولوجيات كلها، والأديان جميعها، تقاطعت حول تمجيد الحب، ورفعت المرأة إلى عِلّيين. ففي طقوس الحب السُّومرية، شعر ملتهب وَعَارٍ، يذهب، من غير مداورة، إلى الجسد. وفي البُرْديات المصرية على أيام العرامسة، صفحات من الحب الحسي، يتواثب فيها جمر الجنس والشبق. وفي المعتقد البَابِلي والكَنْعَاني، اِرتقاء بالمرأة إلى مستوى الألوهية. وبإجمال، وَثَّنَ الإنسان القديم المرأة، حيث أقام لها التماثيل والنُّصُبَ، ممجدا خصوبتها، وقدرتها الإنجابية، معتبرا إياها، ينبوعا للحياة ". وتمدنا حفريات العصر الحجري بالتصور الديني لأهله، ففي عديد من المدن، وُجِدتْ تماثيل من الحجر أو العظام لنساء يلفت النظَرَ إليها شيئان: إن الأعضاء الأنثوية قد بولغ في تضخيمها، وأن الوجه لا يحمل أي ملامح.وتسمى هذه التماثيل : "فينوسات لوسييل..." (1 ).
وإذا اكتفينا من الديانات بالإسلام فقط، فمن المعروف أنه يعتبر المرأة حرثاً، والحرث، تحارث، فهو مطاوعة وتشارك. وفي الحديث الشريف: "رفقا بالقوارير". وما أظن أن ثمة مجازا ساميا وبديعا في المرأة، يدانيه رقة، وهفهفة، ورهافة. كما أن الشعر العربي القديم، أسس لتوصيف موطوء، لامرأة نمطية متعالية، تعتبر مثال الجمال، أو فينوس العربية.
وهي "الأوصاف التي لم تخرج- حتى القرن الخامس الهجري- عن البيضاء البَضَّة المَضَّة، البدينة –سوداء الشعر والعينين، رقيقة الرائحة، طيبة الملمس، ثقيلة الخطو والحركة" ( 2).
وتكاد الأبيات الشعرية التالية، تختزل هذا الثابت النمطي للمرأة الفاتنة:
غَرَّاءُ فرعاء مصقول عوارضها / تمشي الهويني كما يمشي الوجى الوَحِلُ كأن مشيتها من بيت جاراتها / مر السحابة لا ريث ولا عجل.
يكاد يصرعها لولا تشددها / إذا قامت إلى جارتها الكسل (3 ).
أما في الشعر العربي الحديث والمعاصر –إذا سمحنا لأنفسنا بالقفز على شعراء أعلام في هذا الاتجاه: كنزار قباني والأخطل الصغير (بشارة الخوري) وسعيد عقل، والشابي، وعلي محمود طه، وإبراهيم ناجي- فإن الشعرية الفلسطينية تقف في صدارة الشعريات العربية التي نذرت نفسها لهذه الموضوعة الأزلية والأثيرة، لاعتبارين اثنين : مديح الأرض بما هي رَحِمٌ أمومية، ودفء، أي بما هي امرأة مُحَوَّلةٌ في المخيال. ومديح المرأة الفلسطينية، راسخة القدم في العطاء والحب، وبما هي أم الشهيد، بالإضافة إلى أنها أيقونة الجمال والسحر. رأى إليها الشاعر الفلسطيني في عاديتها، وآدميتها، فأنطق رغائبها وشهواتها، وصور إغواءها، وإغراءها.
أليست سليلة حواء؟ ألا تتماهى مع التفاحة الشهوية التي أخرجت الرجل من عدن إلى جحيم اليومي، والعذاب الأبدي؟ كما رأى إليها كمتخيل شعري، يحيل على عوالم دلالية عديدة، ومتشابكة. بل إنه تعامل معها –في أكثر نصوصه نموذجية وعذوبة، وتعقيدا أيضا، كدال متعال من خلال أسطرتها. هكذا تعامل المناصرة، على غرار الشعراء العرب الأفذاذ، مع ثيمة المرأة، في مختلف تجلياتها، وتمظهراتها التي أومأنا إليها. فَنَزَّلَها المنزلة القدسية، كما قاربها إيروسيا بوصفها غاوية، ومنبع إغراء فهي: (الحية بنت الحية بنت الوقواق)، بتعبيره التهكمي. ثم رأى إليها في عاديتها وعذريتها وبساطتها. إذاً، هي ثلاثة منازل، تبادلت الأدوار عبر تمرحلات تاريخية، وإرغامات عاشها الشاعر؛ وكانت سكنى للمرأة الفلسطينية، والمرأة الأخرى –والأنثى المشتهاة. وسنعرض لكل حال شعرية بعد تقطير النصوص، واختزالها، وإلا، فإن الأشعار المكرسة لها من الوفرة والانتشار، ما يستحيل معه القبض عليها، والاستهداء بها في مبحث يعي حدوده، وطاقته.
تتربع "جفرا" على عرش شعرية المناصرة، وتحوز الاهتمام الأكبر، والانشغال الأوفر لدى الشاعر، بما هي وجه آخر ضامر أو مُسَاوٍ –لا يهم- للكنعنة. إذ تَرِدُ، في أكثر المتن، رمزا مشعا، متحدرا من سلالة كنعان. ويهمنا –الآن- من بين دلالاتها الأخرى –ما يرتبط بالمرأة- الرمز التي خلع عليها دمها المسفوح خطأ وغدرا، طقسا ابتهاليا، عرف الشاعر كيف يوظفه، وينجح في إخفائه ضمن تضاعيف شعريته، فيختلط بعناصر أخرى، مما يستوجب الفداء، والتَّقْدِمَاتِ. عن هذه الجفرا، يقول الشاعر : (ولدت جفرا في شعري، لأول مرة عام 1962، حيث عادت لي بقوة من خلال حادثة مأساوية: فقد قتلت جفرا في بيروت بسبب ثوبها المطرز بأوراق وأغصان العنب. لكن صورتها تختلط مع جفراوات أخريات، لهذا رثيتها رثاء مُرًّا) (4 ).
وليست الأخريات اللاَّتي أوْمَأَ إليهن المناصرة، غير "مَرْيَامْ"، و"أم علي النصراوية"، المرأة الصلبة، وهي سيدة حقيقية، خنساء معاصرة: (قدمت أبناءها الثلاثة شهداء في الرحلة الطويلة، كانت تغسل الشهداء، وتقود المظاهرات) (5 )، و"حيزية الجزائرية" شبيهة "جفرا"، أو العكس، تلك الفاتنة المعشوقة التي قتلها حبيسها ذات فجر رهيب من القرن التاسع عشر "بِبسَكْرة"، عن طريق الخطإ والخوف !. والحارقة "أماندا" التي رحلت وأصبحت أثرا بعد عين، والتي خلفت للشاعر، الأسى الممض، والألم الفادح، والجمرة المشتعلة أبدا. فمن هي أماندا؟: (كانت تلك الفتاة من بنات عمي الإغريقيات، ومن مواليد الأسكندرية. تعرفت إليها، وإلى أهلها صيف سنة 1966، عشقتها، كنت أذهب معها إلى البحر لنبني قصورا من الطين على رمل شاطيء المنتزه. وفي صيف 1969، عرض علي والدها ووالدتها أن أهاجر معهم إلى أستراليا، فرفضت، وعندما ذهبت لوداعها في شهر شباط 1970، وجدتها قد هاجرت فعلا مع العائلة إلى أستراليا، كان اسمها أماندا. كتبت عنها عام 1966، قصيدتي : "لسبب عاطفي إغريقي") ( 6).
وأخريات أيضا، يَذْرَعْنَ شوارع هنا أو هناك، أحبهن الشاعر في المهجر والمنفى، في الهواء ممتطيا، من دون كلل، طائرات الغربة، والتطويح، وفي "التّْرَانْزِيتْ" العربي الاضطهادي، وفي مقاهي، وحانات، وغابات أوروبا. لقد ارتبطت نساء أضحين رموزا تخترق تاريخ الشعريات، بشعراء عبر العالم. فلسطينيا: تبرز جفرا المناصرة، ورِيتَا محمود درويش أو: (إيرِيتْزْ)، وكارُولِينْ سميح القاسم، وَكَايْ توفيق صايغ، ورَضْوى مريد البرغوثي، وحمدة محمد القيسي (حمدة الأم الأسطورية).
أما عراقيا: فتبرز وفيقة بدر شاكل السياب، وَنَتَاشَا حسب الشيخ جعفر. وعالميا: بْياتْرِيسْ دَانْتِي، وَلُورا بِتْرَارْكْ، وهيلِينْ رُونْسَارْ، وأَنِيتا غُوتَهْ، وكْلاَرا رِيلْكْه، وَإِلْزا أراغون، وهيلين رُونْسَارْ، وفاليري إيليوت... إلخ. إلخ. والقائمة تطول. ليس في النية من وراء إيراد أسماء هؤلاء الملهمات، إلا إظهار منزلة المرأة الأثيرة في حياة الشعراء، إذ بِهَا، هُمْ، لأنها المنهل، والعريشة، والينبوع. وهي الغزال الذهبي، كما عبر عبد الوهاب البياتي مُؤَسْطِرًا عائشة : (وتنهض عائشة من تحت الأعشاب البرية، والأحجار السوداء، غزالا ذهبيا، تعدو وأنا أتبعها تحت الكرمة مجنونا أمسكها وأعريها).
تتحول جفرا –كما أسلفنا- إلى دلالات مركبة، تحيل على رموز مختلفة. تُرَى كيف تعامل معها الشاعر، وهو يُؤَسْطِرُها ؟. لقد كَنَّى عنها بزرقاء اليمامة الرائية التي كذبها قومها في لحظة عصيبة، فأصبحوا عصفا مأكولا، وحصيدا:
-[لكن يا جفرا الكنعانية
قلت لنا : إن الأشجار تسير على الطرقات
كجيش محتشد تحت الأمطار
أقرأه سطرا سطرا رغم التمويه
لكن يا زرقاء العينين، ويا نجمة عتمتنا الحمراء
كنا نلهث في صحراء التيه
كيتامى منكسرين على مائدة الأعمام
ولهذا ما صدقك سواي... لهذا كنت الناجي]
وقد اختبأ الشاعر في عُبِّ دالية، فماذا شاهد؟
=[شاهدت مجزرة لطخت بالرمال
وشاهدت ما لا يقال
كان الجيش السفاح مع الفجر
ينحر سكان القرية في عيد النحر
يلقي تفاح الأرحام بقاع البئر..]
تعلو جفرا كنجمة لتلابس المرأة الرائية : الزرقاء الجاهلية الشهيرة بالرؤية الخارقة، والتي كُذِّبَتْ بعد وصف الشجر الزاحف حيث قصر إدراك قومها، واعتبروا زحف الشجر ضربا من الهذيان. فكأن الالتجاء إلى التمويه يعز على الفهم، ويند عن إعمال العقل ! وما الزرقاء إلا فلسطين التي حدست الخطر، فدقت الناقوس عبثا، فأخذتها الرجفة، وتعرض أهلها لذبح مريع، وطقس نحري شنيع.
وفي نص شعري آخر، تمتزج جفرا المقتولة بعناصر الأرض، ضاجة بالنشيد الأزلي، مغسولة بالشعر. هائما يتقصى الشاعر أخبارها، رافعا إياها إلى المقام الأسنى، محتقرا من لا يعرفها، محرضا على الموت، فما جدوى البقاء إذا جهلت جفرا؛ فكأنما معرفتها سبيل إلى التقرب منها؛ أو قربان ينبغي أن تفتدى به على جُرْنِ مذبحها، و"تابوت عهدها" :
(من لم يعرف جفرا، فليدفن رأسه
من لم يعشق جفرا، فليشنق نفسه
هل قتلوا جفرا عند الحاجز، هل صلبوها في تابوت؟
جفرا.. أخبرني البلبل لما نقر حبات الرمان
لَمَّا وَتْوَتَ في أُذُنِى القمر الحاني في تشرين
هاجت تحت الماء طيور المرجان
شجر قمري ذهبي يتدلى في عاصفة الألوان
جفرا عنب قلادتها ياقوت
هل قتلوا جفرا قرب الحاجز، هل صلبوها في التابوت؟
فالاستفهام الشعري الذي يتكرر، ويلعب دور اللازمة على ابْتِسَاره: هل قتلوا جفرا.، هل صلبوها؟، يلقي ظلالا من الشك على فعل القتل، أو بعبارة أدق، يبعد فكرة القتل إلى حين، طالما أن الإقرار به، هو قَتْلٌ ثَانٍ لجفرا. من هنا حيرة السؤال، وبالتلازم، حيرة الشاعر الذي يبغي الاحتفاظ بجفرا حيية تنفجر عنفوانا وصبابة، واستمرارا في الحياة. ففي استمرارها حياة الشاعر، وتمديد لآماله، ونداء قادم من اللانهائي لإلهاب أوتار قيثارته، والترنم بأغنيته. وفي لحظة متسامية، تتلاقى فيها رعود الغيب، معلنة عن طلاوة، واخضلال، وتمازج دموع العشاق التاريخيين، والأسطوريين، يتلامح لوركا : الولد الأندلسي المقتول مضرجا بدمه- المسك، دمه المغدور الذي ينتصب متهما تاريخ القتلة، وعصور الجلادين، ورموز الفَاشِسْتْ:
-(للأشجار العاشقة أغني
للأرصفة الصلبة، للحب أغني..
للسيدة الحاملة الأسرار رموزا في سلة تين
تركض عبر الجسر الممنوع علينا، تحمل أشواق المنفيين
سأغني.
لامرأة بقناع في باب الأسباط أغني
للولد الأندلسي المقتول على النبع الريفي أغني..)
هي ذي جفرا، حاملة أسرار ورموز التي تستدعي لوركا العظيم، وتستدعي "حيزية المقتولة، ذات الدم الأخضر المشترك، والنبض الأبيض الواحد، والمصير الأسود المُسْتَلَف !. فتصبح "حيزية" الفارسة، رذاذا سماويا، وفتنة قائمة، تبهج البصر، والبصيرة، وتأخذ بجماع النفس والعظم والشعور. يخلع عليها الشاعر، أوصافا حسية مشتقة من الطبيعة، كيما يَحْتَفِنُ جمالها باليدين.. وكيف؟ وهو الذي لا يملك من دنياه إلا صولجان الشاعر، وحسد الإنسان :
-(آه يا امرأة من رذاذ السماء
آه يا شجر الغابة الماطرة
أحسد الشمع في كفها ثم حِنَّاءَها في اليدين
أحسد الخُرْجَ يعلو صهيل الفرس
أحسد التوت في الصدر والفجر في الثغر
والموج في القمتين ..
أحسد الجذع : زيتونة مَرْجَحَتْ ساعدين
أحسد النبع مركز عشب القبيلة خلف الأفق
أحسد الصُرَّةَ الحلزون وخَلْخَالَها الدموي
وما بَيْنَ بَيَنْ
أحسد الوُرْكَ من عنب، وله مفترق
أحسد الخد في صَحْنِه،
علقت غمزة من لُجَيْنْ..
أحسد السدرة المنتهى... والألق..).
لا يرثى المناصرة حيزية، رغم معرفته بقتلها، وطيش القدر الأعمى الذي وجه الرصاصة لها، وياليتها كانت رصاصة الرحمة ! بل كانت يد الموت العمياء تجهز على كاعب في ميعة الصبا، والجمال. وبخبرة الشاعر الكبيرة، يعمد إلى التوصيف المادي والروحي، حاشدا كل ذي روح صاف، وسحر كامن، ليؤثث به عمارة نصه، وليسبغ على حيزية، الحياة الأبدية، عبر تركيز مواطن فتنتها، وعبر تكرار الفعل المضارع: أحسد. فكأن الأمر يقع الآن؛ علما أنها منازلة أو معارضة شعرية لابن قَيْطون الشاعر الشعبي الجزائري، صاحب النص –الأصل-. ويزداد إعجابنا بهذا الحِذْقِ الشعري حين نرى فعل "أحسد"، يَنْصَبُّ على ما به تَفْتِنُ، وما به تخلب الألباب. وحينها، يتمظهر –أمامنا- معدنها البدوي نقيا كالثلج، فواحا بأعداق واحة "بِسَكْرَةْ".
لا يوجد انزياح تشبيهي، ولا موقعي، ولا استعارة بالمفهوم البلاغي المتداول، غير أن تصادي الحروف، ورمزيتها الصوتية، وتعاود الفعل: (أحسد)، والصور الشعرية التي تستعصي على التسمية، والقوالب البلاغية الجاهزة، يرفع من مستوى شعرية النص، ويمنحه شرعية الانخراط في الكتابة الجديدة.. الكتابة المسؤولة والمشروطة بمقومات الشعر. وعليه، فإن هذا النص –مع نصوص أخرى- ومنها مطولاته، يعكس، إلى حد بعيد، عراك الشاعر المستمر مع الأشكال الشعرية التي خَبَرَهَا، وتميز فيها؛ ويؤشر، تاليا، على أن الموهبة الكبيرة، لا تَنِي تحاور الأسلاف العظام، وتغتدي من المرجعيات الشعرية، والمعرفية المختلفة.
ومثلهما "دادا" التي رآها الشاعر وما رآها، والتي جاءت إليه وما جاءت. فمن أي جبل تَحَدَّرَتْ كزهور لوز كَوَّرَتْهَا الأَرْيَاحُ، فانعقدت نُدَف قُطْنٍ على عوسج الطريق؟. أما صفاتها، وَأَماراتها المائزة، فعجين إسمي، وثريا تشبيهية متأرجحة، لا تستقر على نجمة مضيئة تنير السبيل بين قدمي المدلج في ليل السُّرَى والعجائب:
-[أمن سفح عِيَبالْ جئت كتفاحة طازجة؟
آمن رأس جَلْعَادَ جئت كرمانة قرب نهر السماء؟
رأيتك مثل الحمام الذي باض يوما على مِئْزري
رأيتك بين السطور التي حَبَّرُوها على دفتري؛
رأيتك... في عنب الشام، .. لا
رأيتك أين إذن؟]
إِنْ هو إلا مقطع مجتزأ، وإلا فإن التكرار، كنسق إيقاعي ودلالي، سيِّدٌ، والسؤال مُهَيْمِنٌ، والانزياح التشبيهي مُرَصَّعٌ وَفَاتِقٌ لبرعم الدلالة المتخفي في القاع الأسطوري. أما المكان فجزئي محلي: فرع من أصل : عيبال وجلعاد جبلان فلسطينيان مُبَلَّلاَن بندى الميثولوجيا، وعبق الأديان. على أن المعنى متمنع وهارب.؟ وهل نطمع في غير ذلك؟. لكن المجيء الفعلي لم يتم، ولن يتم على مستوى اللُّقْيا ضمن حيز جغرافي محدود أو وسيع، لأن "دادا" تأسطرت، وانغرست، من ثمة، في العناصر منصهرة ومتحولة.
فإذا انحدرنا أدراجا أسفل، وَعَرَّجْنا على المنزل الأوسط حيث المرأة لحم ودم وكتلة أعصاب، وموضع اشْتهاء، فإننا نُلْفِي نصوصا مختلفة أيضا، تمثل هذا المقام، وفي مقدمتها : "أماندا" الاسترالية التي سحرت الشاعر، فصورها عنوانا للعفة والسماحة والنقاء. فلا غرو، أن يصف تباريحه كما وصفها أجداده الشعراء العذريون، ساهرا ليله، يعد الحصى في ضوء نجمة مثلما فعل قيس في سفح جبل التوباد، حين خطط على الرمل بالحصى، مع ليلى، قصورا؛ فلم تحفظ الريح، ولا الرمل وَعَى :
-[على نجمة،
من عقيق
أعد الحصى،
ثم ألقيه في البحر، حتى يفيق
أشم الطريق التي لامست كعبها
وأشم الهواء الذي شمها في سماء الحقول
أغار من البحر حين رآها فَعَوْكَرَتْهُ بالحصى
مهذبة الطول في مطلع النص،
كانت تحوم
كضوء على لجة الماء،
في ساحة،
نصف أغنامها سارحة
كصوت الغمام المقشر،
راحت تغني النشيد
فراشة ضوء البرازيل،
حامت ونامت على عنقي
واستراحت من الهذيان
كراهب كنعان حين انتهى
من صياغة تلك النصوص
وداعا لسيدة من عطور الدخان
وداعا لمبسمها الأقحوان].
لاشك أن النص يبدو ممانعا، وزئبقيا للذي يستسهل المراودة، ويستعجل الاقتحام؛ وذلك لأنه لا ينزاح عن الدرجة الصفر للكلام فقط، بل ينزاح عن مدونة الحب الشعرية في أكثر نماذجها نحتا، وأرقى نصوصها انهماما وانشغالا بالإضافة والتجريب، أما كيف؟ فلنا أن نقول إن المسألة تعود –في البدء والختام- إلى كيمياء الفعل الشعري، وضفيرة التشبيه البعيد، والتصوير الممشوق، وهلامية المشبه به، والمستعار له.
بضربة إزميل "مُعَلِّم"، يشكل المناصرة موجوداته، ومخلوقاته الشعرية، فتتلاشى الحدود والفروق بين نتوء الجسد الأنثوي، ونتوء الضوء !. وباحثا عن أقصى ما يَسِمُ نصه بالمغايرة والاختلاف، والشذوذ –بالمعنى الإيجابي، يستجلب مفردات تأخذ من دم تجربته وأرقه، وَتَمْتَحُ من مَعِينِ شقاوته، وطيشه الطفولي، وصلصال لغته؛ فإذا النص جُمَاعُ البئرين، وإذا الصور تقترب من ذائقتنا، فيما هي تبتعد بنا إلى أحوال الشعراء المجانين الذين يسفحون ظمأهم للمعشوق، عاريا بدون مساحيق، ولا زخرفة :
أشم الطريق التي لامست كعبها
وأشم الهواء الذي شمها في سماء الحقول.
بالنسبة للمجنون هذا كثير، إذ يكفيه من الحب: الشم، ولو كان بالوساطة، والشفاعة، أي أن يشم عطر حبيبته في الهواء الذي شمها، وأن ينحني على الطريق، ناشقا فتنة كعبها بعد أن تركت أثرا من طقطقة الكعب، أو من صداه في قلب المتيم المخبول، أو في ذرات الغبار المتثائب والمدهوش. ثم يأتي الشاعر على وصف جسدها –قامتها، فإذا هي مهذبة الطول في مطلع النص ! مما يجعلنا نستنفر كل مخزوننا القرائي. فنحن بإزاء لغة أخرى، لغة آلت على نفسها، التفرد، والتحديث، من دون معاضلة ولا تغريب، وإن كانت "تجمع أعناق المتنافرات، وتعقد بين الأجنبيات، معاقد نسب وشبكة" (7 ).
هكذا، تقودنا هذه المعاقد، والمنافرات، والمقايسات الترابطية، إلى الأغنية الشعبية الشامية "ظَرِيفْ الطُّولْ"، وتقودنا التشابهات المتوالية :
(كانت تحوم كضوء –وكصوت الغمام المقشر- وكفراشة حامت ونامت ثم استراحت من الهذيان كراهب كنعنان..)، إلى حداثة السؤال في هذا الشعر !!
إنها "أماندا" مُوَثَّنَةٌ في عين العاشق المُوَلَّهِ.. عين الشاعر، "أماندا" الضوئية التي تُكَهْرِبُ الماء، وتشع بالشمس أكثر من الشمس. وهي أغنية الغمام الذي ينزل شآبيب على القلب، فَتَخْضَرُّ حَوَافُّهُ، وتصدح ضفافه، وترقص نياطه. وأخيرا هي في "المعقد الأجنبي" بتعبير عبد القاهر – شبيهة بالراهب الكنعاني الذي كتب فلسطين في الوجود، وأطلق السلالات في براريها، ثم أغمض عينيه اللوزتين على تاريخ آهل بالهِجْرات، والأسفار، والنساء. "أماندا" المهرة التي ركضت في براري القلب، فما نال منها صاحب القلب إلا تلابيب ضنى وسهاد ودموع. "
أماندا" التي تُقْبِلُ نحو الشاعر لِتَدْهَسَهُ كالقطار، وهو منتظر الشهادة !. وفي هذا الانزياح التشبيهي ما فيه، من لطافة، وعفوية، ولصوق بالعامية. وتلك خصيصة أسلوبية تنضاف إلى رصيد الشاعر الذي تَفَوَّقَ في المزاوجة بين نمطين من التعبير: التعبير المحلق – الراقص، والتعبير الماشي، إذا جاز هذا الوصف :
-(أماندا التي كالندى في صباح يطل على
البحر، جنية القلب، مجنونة حين
تقبل نحوي لتدهسني كالقطار
أموت شهيدا على ساعديك، أماندا التي
حين ترحل في مدن الله، تشهق روحي
على نجمة البحر حتى أموت..)
وله "فْرُوتَا"، فراشة أخرى، يحترق، وهو يتبعها، لاهثا، ملتمسا ضوءها، وَعَوْنَها، هو الذي بلا ضوء، ولا عون، ولا عصا تقوده في الدجى والأشواك. يصفها الشاعر مُضْفيا عليها عذوبة الطفل، وبراءة العشق، والحضن المشتهى، والملجأ الذي يصد عنه برد الأيام، ناعتا زمنه بالزمن الغبي، الزمن الذي فقد الإحساس حين نصر الظالم، وخذل المظلوم.
من هنا، أهمية "فروتا" بالنسبة إلى الشاعر، إذ بها يستقوي، وعليها يتعكز في الزمن المُوحِش، حتى وهي تلسع، تُشْفِي، وتبلسم الجراح. فلنتأمل هذه المقطوعة الغنائية التي ترشح عذوبة، وموسيقى. أليست ممهورة بنشيد البدايات، وخيلاء الفتوة :
-[فْرُوتا يا أعز الناس
زماني ميت الإحساس
أنا المجنون والشاعر
أنا المسفوح والسفاح
لحبك لسعة الخاطر
أنا المجروح والجراح
أنا المقتول والقاتل
أنا العطشان ترويني
بحار الهند والصين
وأنت فراشتي، ضوئي
إذا ما أظلم المتراس
وصار كآبة في الكاس
فروتا يا أعز الناس
زماني ميت الإحساس].
ينفتح النص، وينغلق على الزمن الميت، والأحاسيس المتحجرة. وما بينها، تتنامى الدلالة مُطَّرِدَةً بفضل الثنائيات الضدية التَّذَاوتية. بمعنى أن الشاعر، وهو ينشطر إلى ذاتين، ويتشظى إلى جرحين، يأمل من "فْرُوتا"- "عَنَاةْ" الكنعانية، أو "إيزيس" المصرية أن تلئمه، وتجمع شتاته، وتلقمه أثداء بحار الهند والصين، ليعود معافى من سم الأَعْدِقَاء (الأعداء / الأصدقاء)، وظلم ذوي القربى، فلكأن "فروتا" الطائر الأخضر، ملجأ الشاعر، وعشه المتأرجح بين الغيوم، يلوذ به إذا دجا الحال، وادلهمت الإيام.
وفي أثناء هذا التنامى الدلالي، وإقعال معنى المعنى، تتواثب موسيقى النص كموجات ضوء، وحزمة أنغام، من داخل القوافي المتوالية، ورنين الأصوات المتعاقبة التي تتناوب فيها الحروف : السين والراء والحاء والنون والهمزة،على رغم أن لحرف "السين" السيطرة والاستحواذ. وللأصوات –كما لا يخفى- قيمة موسيقية ودلالية في عملية الإبداع الشعري. كما أن ضمير المتكلم: الأنا الشعري، يعاضد الإيقاع الداخلي فيما هو يفتح جفون الجرح المغمض في جسد النص.
وتعلن الصفات حضورها الدينامي من خلال البنيات الصرفية: (مفعول- وفعال- وفاعل..) ضمن حيز مقفول، وأسطر شعرية معدودات: (مجنون- مسفوح- مجروح- مقتول- السفاح- الجراح- الشاعر- الخاطر - القائل)، التي تراوح بين اسم المفعول، وصيغ المبالغة، واسم الفاعل. ففضلا عن أنها تَتَشَرَّبُ معنى الزمن النحوي في السياق، فإنها : ("تؤدي وظيفة شعرية مهمة تتمثل في تحقيق الانسجام الإيقاعي، والتناغم المطلوبين. فهاجس البحث عن تآلف القافية، كان حاضرا بكل ثقله في العملية الإبداعية") ( 8).
هذا، بغض النظر عما تنطوي عليه، مثلا، صيغة مفعول التي تدل على: "وصف المفعول بالحدث على سبيل الانقطاع والتجدد، وصيغة فَعَّالْ التي هي صفة تفيد التكثير في حدث اسم الفاعل، وليست على صيغته" ( 9).
إنها معاني يَتَقَصَّدُها الشاعر، مستثمرا إياها، لإضفاء دينامية إضافية على الوحدات الدلالية، والمعنى العام. كذلك، فوجوب التذكير بالمرحلة التي كتب فيها النص هذا، وأضرابه التي على شاكلته. أمر لازم، وهي منتصف الستينيات، حين أطلق الشاعر صوته من خلال عنوانه الغنائي اللافت : (يا عنب الخليل)، مُشَعْرِنًا نداء "الخلايلة" – (سكان مدينة الخليل)، وهم يبيعون عناقيد العنب الذهبية، التي تفيض بها الخليل.
ثمة ما يدل على أن تعدد أسماء النساء، إنما يرتد، في نهاية المطاف والتدبير، إلى اسم واحد، يخترق النصوص جميعها، ناشرا ظلاله الرَّوَّاغَة على مسير شعرية المناصرة؛ إنها : "جفرا" التي جُنَّ بها الشاعر، فكتب جنونه نشيداً هَيْمَانَ في برية لُوطْ، وعلى ضفاف "البحر الميت". ولئن دأب على تقديم شعره / تَقْدِمَاته، مبتهلا إلى جفرا، متقربا من "عناة"، فإنه، وهو الآدمي- الذي تَفِزُّ كُرَيَاتُهُ الدموية كلما أبصرت عيناه أنثى بضة مضة، تمشي بخطو موقع كالنشيد، بتعبير الشاعر أبي القاسم الشابي، لا يهدأ، ولا ينطفيء أوار رغائبه الشهوية إلا إذا أصغى، وأطال الإصغاء، إلى حركة الملح الإيروسي في دمه، ودخل التجربة بالعنفوان الذكوري حتى وإن خرج منها مُدَمَّى بالمخالب والأشواك. إنها، إذاً المنزلة الثالثة التي تتنزل فيها المرأة :
-[قالت لي : غابة مرجاني تتناسل أنهارا
من عسل الرغبات
غمزتني بعلامات النار الوثنية
الحية بنت الحية بنت الوقواق
قَابِلْنِي في بَابِ الطَّاقْ
أو بعد النبعة تحت الأشجار الملوية
قرب نقوش الأنباط.
وغفطتك، أغمضت الورد العطشان
ثم رويت بساتين الأنباط بأشعاري
ثم توددت لغمزتها المروية
برحيق السهد، هجمت على درب الأقمار الفضية].
إحالات :
[1] -نورمان بربل : نقلا عن علي البطل، الصورة في الشعر العربي حتى آخر القرن الثاني الهجري، دار الأندلس، الطبعة الأولى، بيروت، 1986، ص: 56.
[2] -صلاح عبد الصبور : قراءة جديدة لشعرنا القديم، دار العودة، الطبعة الثالثة، بيروت، 1982، ص: 91.
[3] -من مطولة الأعشى الذائعة : ودع هريرة إن الركب مرتحل.
[4] -شاعرية التاريخ والأمكنة، حوارات مع الشاعر عز الدين، مرجع سابق ص 436.
[5] -نفسه، ص 43.
[6] -عز الدين المناصرة : هامش النص الشعري، كتاب الشهر 43، سلسلة كتب ثقافية، الأردن، عمان، 2002، ص : 200.
[7] -عبدا لقاهر الجرجاني : أسرار البلاغة، تحقيق : محمد رشيد رضا، دار المعرفة، بيروت، 1978، ص : 127.
[8] -محمد بونجمة : الرمزية الصوتية في شعر أدونيس – مطبعة الكرامة، 2001. ص 91.
[9] -تمام حسان : اللغة العربية : معناها ومبناها، دار الثقافة، الدار البيضاء، بدون تاريخ – ص 99.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.