تتلاعب بسيجارة المارلبورو بين شفتيها ويدها اليسرى ممسكة بكأس من مشروب الجين. بعد سحبها نفسا عميقا قالت "لقد صوتت لحزب العدالة والتنمية مرتين وسأصوت عليه كذلك في المرة القادمة". جنان ذات الخمس وعشرين ربيعا تعمل صحفية مستقلة في إحدى الجرائد اليومية التركية. التقيتها في مقهى بأسطنبول بشارع الاستقلال الشهير للتحدث عن تجربة حزب العدالة والتنمية التركي في الحكم. البديل الحقيقي إذا كان السائد هو أن حزب العدالة والتنمية التركي ذو مرجعية إسلامية، فإن أغلب المصوتين عليه ليسوا بالضرورة يشاركونه نفس الإيديولوجية. "سبب تصويتي على حزب العدالة والتنمية يعود إلى برنامجه "الاقتصادي الليبرالي" والى غياب "بديل حقيقي" في الأحزاب الأخرى". يشرح محمد جلان سبب تصويته لحزب أردوغان. أسس محمد وزمرة من الناشطين في الماضي منظمة اتحاد المدنيين التي اتخذت من معارضة حكم العسكر والدولة العميقة شغلها الشاغل. وإن كان معظم المنتمين إلى المنظمة علمانيين فإنهم يجدون انفسهم في حزب العدالة والتنمية التركي أكثر من الاحزاب اليسارية أو القومية الاخرى. تضيف جلان بأن حزب العدالة والتنمية "فرض نفسه كمعادلة لا يستطيع تجاوزها الناخب التركي بتركيزه على البلديات والقرب من المواطن. خلال تولي عمودية إسطنبول من طرف أردوغان الوزير الاول الحالي التركي "تغير وجه المدينة من مجمع للقاذورات إلى مدينة عالمية يؤمها السياح من مختلف مناطق العالم" تقول جنان. ويضيف محمد أن الأتراك كانوا "يعانوا الأمرين للحصول على العلاج في المستشفيات الحكومية وقد تغير الوضع حاليا منذ استلام حزب العدالة والتنمية الحكم". أردوغان تعود هيمنة الحزب كذلك الى الشخصية الكارزمية لأردوغان. نسبة غير قليلة ممن يصوتون لحزب العدالة والتنمية يصوتون في الحقيقة من أجل أردوغان نفسه، لا من أجل الحزب بسبب مواقفه الجريئة وقربه من الشعب. "انها اول مرة في تاريخ تركيا نرى رئيسا يشبهنا يضحك ويبكي ويلقي الشعر"، تقول جنان. في العام 1998 تم سجن أردوغان من قبل السلطات ولكن عندما خرج من السجن التف عدد من المتدينين والليبراليين حوله. أردوغان وحزبه لم يدخلا في صراع مباشر مع المؤسسة العسكرية بل عمل الرجل على تقوية رصيده الشعبي وتقليم اظافر العسكر تدريجيا وإحالتهم على المحكمة التي أدانت بعض القادة العسكريين بمحاولة الانقلاب على الحكم المدني في تركيا.