رحابةُ صدرٍ كبيرة تلزمُ المغرب، هذه الأيام لسماع كل الانتقادات التِي توجهها منظمات حقوقيَّة إلى تعامله مع مهاجرِي جنوب الصحراء، فرغم إطلاقه سياسة للهجرة، وشروعه في توزيع بطائق الإقامة، على مهاجرين أقامُوا لسنواتٍ بشكلٍ غير نظامِي على ترابه، إلَّا أنَّ منظمة "هيومان رايتس ووتش" طالبته، إلى جانب إسبانيا بوضع مساطر كفيلة بحماية حقوق المهاجرين وتجنب الطرد عند الحدود. هيومان رايتس ووتش قالتْ من بروكسيل، إنَّ إسبانيا تنوِي خلال اجتماع مرتقب مع المغرب، ممارسة ضغوطٍ لأجل إقرار إجراء يتيح الطرد الفوري للمهاجرين السريين من مدينتي سبتة ومليليَّة الواقعتين تحت النفوذ الإسبانِي، وهو ما رفضته الباحثة في شؤون أوربا الغربيَّة بالمنظمَة الحقوقية، جوديث سانديرلاند، موضحةً أَنَّ طرد أشخاصٍ خارج الحدود، بدون سلك المساطر ذات الصلة، ولا البحث عن الحماية، ينتهكُ القوانين الإسبانيَّة، والأوربيَّة والدوليَّة، نظرًا لإقبال المهاجرين عند طردهم صوب المغرب على فصول أخرى من التعنيف، على يد قوات الأمن المغربية. المنظمَة غير الحكوميَّة، أردفتْ أنَّها تمكنت بمعيَّة منظمات أخرى ومعهد إسباني مستقل من استقاء معلومات تفيدُ بأنَّ إسبانيا أقدمت بالفعل على طرد إجباري للمهاجرين من سبتة ومليلية صوب المغرب، ذاكرة أنَّ مهاجرين من جنوب الصحراء أدلوا بشهادات قالُوا عبرها إنَّ الحرس المدني الإسباني الذِي يؤمن الحدود، سلمَ للأمن المغربِي مهاجرين تسللوا إلى المدينتين، دون اتباع أيَّة مسطرة. حتى وإنْ كان القانون الإسباني يمنعُ خطوةً مماثلة، ويمتعُ المهاجر السري، في حالة الطرد، بالحق في مستشار قضائِي، ومترجم. وإنْ كانت إسبانيا قدْ أبدت، في الآونة الأخيرة، توجهًا نحو معالجة طرد المهاجرين غير النظاميين صوب المغرب، من خلاله تأطيره باتفاق معلن مع المغرب، فإنَّ المغرب سيصبحُ ملزمًا في المستقبل بإعادة إدخال المهاجرين إلى ترابه، رغم تسللهم منه، وذلكَ بعد توقيع اتفاقية ثنائية لإعادة التسليم في 1992، لمْ تكتسب فعالية سوى في 2012. أبعد من ذلك، كان وزير الداخلية الإسباني، خورخي فرنانديز دياز، قدْ أبدى أمله في تعديل القانون الوطني حول الهجرة من أجل السماح بطرد المهاجرين صوب المغرب من المدينتين المحتلتين، قائلًا إنَّ بالإمكان اعتبار المهاجرين المتسللين على المدينتين خارج التراب الإسباني، ما لم يتجاوزُوا خط الشرطة. فيما طالبت هيومان رايتس ووتش بتحقيق معمق في طرد المهاجرين الذِين يتعرضُون لمعاملة قاسية في الجانبين، على حد تعبير "هيومان رايتس وواتش".