أكد أشخاص من ذوي الإعاقة بالمغرب تشبثهم بمطلب إطلاق النسخة الثالثة من البحث الوطني حول الإعاقة، وذلك بعد نسختي 2004 و2014، مشددين على "أهمية توفير بنك معطيات حديث عن هذه الفئة من أجل المساعدة في بلورة سياسات أكثر مرونة وواقعية". ولم يظهر أي مستجد بخصوص هذا الموضوع منذ اللقاء الذي جمع بين شكيب بنموسى، المندوب السامي للتخطيط، ونعيمة بنيحيى، وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، في يناير الماضي، وخُصّص لمناقشة "إمكانية إطلاق نسخة جديدة من البحث ذاته"، في وقت أكد مصدر مطلع "عدم وجود قرار نهائي بشأن هذا الموضوع حتى الآن، مع إمكانية أن يكون الكشف عن القرار في المستقبل القريب". وكانت النتائج الأولية للإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 سجّلت تراجعًا طفيفًا في معدل انتشار الإعاقة، الذي بلغ 4.8%، مقارنةً بحوالي 5.1% سنة 2014؛ بينما يصل المعدل في الوسط القروي إلى 5.6%، مقابل 4.2% في الوسط الحضري. وأكدت لمياء كمال الحلو، المنسقة الوطنية للجنة الوطنية للموظفين والموظفات ذوي الإعاقة (التابعة للاتحاد المغربي للشغل)، "ضرورة إنجاز بحث وطني ثالث حول الإعاقة في المغرب في المستقبل القريب"، مبرزة أن "الفئة المعنية بهذا الموضوع تترقب أي مستجد بخصوص هذه المسألة". وأضافت الحلو، في تصريح لهسبريس، أن "تحديد المعطيات بدقة حول هذه الفئة داخل المملكة والمساهمة في بلورة سياسات عمومية مندمجة يقتضيان إخراج هذا البحث الوطني، في نسخته الثالثة، خلال السنة الجارية على الأقل"، وتابعت: "ما يجعلنا نتشبث بإجراء هذا البحث الوطني المتخصص هو أن الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 لم يدرس وضعيتنا في المجتمع بعمق، إذ لم يُؤخذ هذا المعطى بعين الاعتبار عند طرح الأسئلة من طرف فرق المندوبية السامية للتخطيط، وهو ما لا يساعد على توفير بنك معطيات دقيق حول ذوي الإعاقة في المملكة". وأوردت المتحدثة أيضًا أن "الرهان على نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024 من الناحية المنهجية لا يُعد كافيًا لجمع معطيات دقيقة عن فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة في ظل تساؤلات بخصوص منسوب الإعاقة وأصنافها بالمملكة مقارنة بسنتي 2004 و2014". وفي سياق متصل قال منير خير الله، باحث في علم الاجتماع والإعاقة والتكنولوجيات الحديثة والدمج الاجتماعي، إن "المسوحات في هذا المجال عادةً ما تتخذ شكلين: إما في إطار الإحصاء العام للسكان والسكنى أو في إطار بحوث وطنية متخصصة"، موضحًا أن "هناك عادةً تفاوتًا في الأرقام التي تصدر عن كل جهة، بفعل اختلاف رهانات الدولة والمقاربات النظرية المعتمدة". وأضاف خير الله، في تصريح لهسبريس، أن "الإحصاء العام للسكان والسكنى في المغرب يعتمد غالبًا على مقاربات طبية تُعرّف الإعاقة كقصور وظيفي، وينطلق من قرار سابق لوزير الصحة يبدو متجاوزًا في الوقت الراهن، بينما يعتمد البحث الوطني حول الإعاقة على معايير فريق واشنطن الأممي التي تُعتبر أكثر شمولية ودقّة". وسجّل المتحدث ذاته أن "الدولة تراهن كثيرًا على تقليص أرقام الإعاقة لإبراز نجاح سياساتها الوقائية، وهو ما لا يخدم الأشخاص المعاقين، خاصة أن الإحصائيات على المستوى العالمي تؤكد ارتفاع معدل الإعاقة حتى في الدول المتقدمة، حيث يصل هذا المعدل لدى بعضها إلى 17 في المائة". كما شدد الباحث نفسه على أن "إطلاق بحث وطني حول الإعاقة ليس خيارًا، بل هو التزام من الدولة بتعهداتها الأممية، ويُعبر أيضًا عن حرصها على إعطاء هذا الملف ما يستحق من اهتمام؛ فهناك رهان حقيقي على إنجاز مسوحات دقيقة تعكس الواقع الميداني للأشخاص ذوي الإعاقة، بغض النظر عن مدى دقة المنهجية المعتمدة بنسبة 100 في المائة". وختم خير الله بالتأكيد على "ارتباط هذا البحث الوطني بطبيعة السياسات العمومية التي يمكن توجيهها لفائدة الأشخاص ذوي الإعاقة في المغرب"، متسائلًا: "ما هي الخدمات التي سيتم توفيرها لهؤلاء خلال التظاهرات الدولية المقبلة، خاصة أن كثيرين منهم سيزورون المغرب خلال كأس العالم؟".