" قصر الباهية"، رائعة من روائع الفن المعماري المغربي المؤرخ لأواخر القرن التاسع عشر، حيث تم تصنيف القصر كمعلمة تاريخية يلج إليها الزوار المغاربة إلى جانب السياح الأجانب للتَّملِّي بفنون العمارة المغربية بمراكش، خصوصا منها ما تعلق بالنَّقش على الخشب. حين يمتزج العِشق بالفن وحسب مؤرخين، يعود بناء قصر الباهية بعاصمة النخيل، إلى الوزير القوي أحمد بن موسى بن أحمد السملالي، الملقب ب"بّا حماد"، خلال عهد السلطان عبد العزيز العلوي، ويحكى أنه عمد إلى جلبِ أمهَر الصناع والحرفيين للاشتغال بالقصر لمدة ست سنوات متتالية. وارتبط قصر الباهية باسم زوجة " با حماد" حيث أطلق اسمها "لاّ الباهية الرحمانية" عليه من شدة حبه لها وعرفانا بمودتها وتخليدا للحظوة التي كانت تتمتَّع بها لديه، حيث امتزجت المشاعر الجياشة بالفن المعماري الأصيل حتى يخلد هذا ذاك. "الباهية".. تحفة فنية بعد وفاة الوزير ذي السطوة والسلطة " باحماد"، اتخذ العديد من الشخصيات النافذة، القصر مسكنا له، حيث استقر به سنة 1906 المدني لكلاوي أخ باشا مراكش التهامي الكلاوي، وبنى به طابقا ثانيا اتخذه مقرا له، ليحل بعده المقري إلى حدود 1912، وليعرف القصر لاحقا تهيئة خاصة مضافا إليه المدفئات والمكيفات وأسلاك الهاتف والكهرباء حتى يتناسب مع ساكنه الجديد المقيم العام الفرنسي "ليوطي". وفي سنة 1922 تم تصنيف القصر كمعلمة تاريخية يفد إليها الزوار والسياح الأجانب للتملي بفنون العمارة المغربية خصوصا النقش على الخشب، وقد أشرف على بناء القصر المهندس محمد بن المكي المسيوي الذي تلقى فنون صناعة الخشب بمكناس، وتبلغ المساحة الإجمالية للقصر حوالي 22 ألف متر مربع إلا أنها تقلصت بعد تشييد عدة مؤسسات ومرافق في الحديقة الكبرى التي تم فصلها عن القصر كما تغير مدخله الأصلي الذي يوجد بحي رياض الزيتون الجديد إلى بوابة قرب حي الملاح، وفي نهاية حي عرصة المعاش. وقد صَدر بشأن القصر ظهير شريف بتاريخ 21 يناير 1924، نشر بالجريدة الرسمية صنفه ضمن المباني التاريخية والتحف الفنية التي يتعين حمايتها وفق مقتضيات الظهير الصادر بتاريخ 4 يوليوز 1922 والخاص بالمحافظة على الآثار. جمال الفن المعماري بوابة القصر الحديدية المُحاذية لمحلات تجارية شعبية، تجعل الحاضر بضجيجه وأصواته ودخان سياراته في إدبار وتُقبِل على الماضي بعَبق تاريخه وجمال مِعماره وهدوء ذكرياته، لتستقبِل الزائر طريق حفتها نباتات وشجيرات تقود نحو الباب الداخلي للقصر. أجنحة وقاعات وملحقات وأحواض، ميزة عامة يتمتَّع بها "قصر الباهية"، فقاعة تفضي إلى أخرى وحدائق بها نافورات تُحيطها الغرف من كل حدب وصوب كأنَّما تحرسُها من أشعة الشمس نهارا ومن النسمات ليلا. ولا زالت جدران القصر محافظة على رونقها وزخارفها وألوان سقوفها التي تتغير من قبة إلى أخرى ناهيك عن النقش الجبصي على الجدران والفسيفساء الملونة وبوابات خشبية زينت بالورود وأوراق الأشجار مزدحمة بألوان زاهية بمواد طبيعية.