استقبل عبد السلام بكرات، والي جهة العيون الساقية الحمراء، اليوم الثلاثاء بدار الضيافة في مدينة العيون، وفدا رفيع المستوى، يضم برلمانيين أستراليين. كما أجرى مباحثات ثنائية مع أعضاء الوفد البرلماني الذي يقوم بزيارة عمل إلى الصحراء المغربية، في إطار الاطلاع على الوضعين السياسي والاقتصادي بالمنطقة. وفي هذا الصدد، أعرب والي جهة العيون الساقية الحمراء عن اعتزازه بالعلاقات الأخوية المتينة القائمة بين البلدين، مؤكدا حرص المملكة المغربية على تطوير وتنمية العلاقات مع جمهورية أستراليا في كل ما من شأنه تحقيق الأهداف والتطلعات المشتركة، مشددا على "أهمية تبادل التجارب والخبرات لبلوغ التقارب المنشود والدائم تعزيزا للعلاقات المغربية الأسترالية التي لم تتأثر أبدا رغم عامل البعد الجغرافي". وفي خضم هذه المباحثات، سلط بكرات الضوء على المؤهلات الطبيعية والاقتصادية التي تزخر بها جهة العيون الساقية الحمراء التي تتطلع إلى أن تكون قطبا اقتصاديا رائدا على الصعيد الوطني ومنصة محورية للمبادلات التجارية، بفضل النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية للمملكة الذي أطلقه الملك محمد السادس سنة 2015، والذي يجسد الرؤية الملكية بخصوص تعميق التضامن والتعاون مع البلدان الإفريقية. واستحضر والي الجهة الأهمية البالغة لزيارة الوفد البرلماني الأسترالي إلى الأقاليم الجنوبية، والتعرف عن قرب على حجم الأمن والاستقرار الذي تعيشه الساكنة، والاطلاع على النهضة التنموية التي تشهدها المنطقة، مشددا على أهمية "العناية التي يوليها الملك محمد السادس للأقاليم الجنوبية، خاصة فيما يتعلق بالتنمية السوسيو-اقتصادية ومختلف المشاريع التنموية التي تم تنزيلها في الصحراء المغربية". كما بسط المسؤول الأول بجهة العيون الساقية الحمراء عرضا شاملا حول الأجواء الديمقراطية التي تعيشها المنطقة عبر عمليات الاقتراع، التي أفرزت تمثيلية سياسية ومنتخبين شرعيين من أبناء الأقاليم وفق اقتراع ناهزت نسبة المشاركة فيه 69 في المائة؛ وهو ما يدحض، حسبه، كل الافتراءات التي تحوم حول مسألة الشرعية التي تدعيها أطراف أخرى لا تمثل إلا نفسها، مشيرا إلى "الزخم الذي بات يحظى به مقترح الحكم الذاتي، الذي يعد الحل الوحيد والواقعي لإنهاء الصراع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية". وذكر بكرات بأهمية النموذج التنموي الجديد الخاص بالأقاليم الجنوبية، الذي يهدف إلى تعزيز القدرات المحلية والتكامل الإقليمي، لافتا إلى أن "النتائج بدأت تظهر فعليا، من خلال مؤشرات اقتصادية واجتماعية تتجاوز في كثير من الأحيان المتوسط الوطني". وفي معرض حديثه عن التنمية، أكد عبد السلام بكرات أن مدينة العيون، كبرى حواضر الصحراء المغربية، تعتبر من بين أفضل ثلاث مدن بالمملكة، موضحا أن "المغرب، ومنذ استرجاع الأقاليم الجنوبية للحاضرة المغربية سنة 1975، بدأ في بذل جهود كبيرة على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والرياضية، وكذلك في تطوير البنية التحتية". وفي سياق المحادثات، عبّر أعضاء الوفد الأسترالي عن سعادتهم بزيارة الأقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وتقديرهم لحسن الاستقبال الذي خصّهم به والي جهة العيون الساقية الحمراء، مؤكدين "استعدادهم للتعريف بمقومات المنطقة وتهيئة خطط الانفتاح على التجربة المغربية من خلال تعزيز العلاقات الثنائية على المستويات التجارية والاقتصادية ودعم فرص الاستثمار". كما أجمع أفراد البرلمان الأسترالي على إعجابهم بما تزخر به جهة العيون الساقية الحمراء من مؤهلات تجعلها وجهة استثمارية بامتياز في المملكة المغربية، مشيرين إلى أن "أسس نجاح الاستثمار متوفرة في المنطقة من طرق سريعة وموانئ ومطارات، فضلا عما تنعم به من تنمية وأمن، ناهيك عن موقعها الجغرافي المتميز". الوفد الذي يقوده وارين جورج إنتش، نائب رئيس اللجنة الخاصة بأستراليا الشمالية المنتمي إلى الحزب الليبرالي الوطني، وستيف إفتاثيوس جورغاناس، رئيس اللجنة الدائمة المشتركة لنمو التجارة والاستثمار، عن حزب العمال الأسترالي، ومايكل فرانسيس مكورماك، نائب في البرلمان عن حزب الليبراليين، إلى جانب راون إيريك رامسي، زعيم المعارضة في البرلمان الأسترالي ونائب حزب الليبراليين، وهولي ألكسندرا هيو، سيناتورة عن حزب الليبراليين ونائبة رئيس اللجنة الدائمة المشتركة حول نظام التأمين الوطني للإعاقة، انتقل إلى مقر مجلس جهة العيون، حيث عقد لقاء مع حمدي ولد الرشيد، رئيس مجلس العيون الساقية الحمراء، رفقة عدد من أعضاء المجلس. وفي هذا الإطار، قدم ولد الرشيد، رئيس المجلس، أمام الوفد معظم النتائج المتقدمة التي تم تحقيقها في المجالات التنموية بجهة العيون الساقية الحمراء. كما أكد لأعضاء الوفد الدبلوماسي صدق وجدية مقترح الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب سنة 2007 كحل نهائي لنزاع الصحراء المفتعل، يضمن للصحراويين العيش بكرامة داخل الوطن الواحد. واستمع الوفد الأسترالي لمعطيات معززة بالأرقام حول أهم المنجزات التي تعززت بها أقاليم جهة العيون بدعم من مجلس الجهة، والطفرة التي شهدتها مدينة العيون على كافة المستويات ومختلف المجالات، بما في ذلك المشاريع الملكية الواعدة التي جاء بها النموذج التنموي للأقاليم الجنوبية، وتكرس لثورة تنموية غير مسبوقة بالصحراء المغربية. وخلال الاجتماع، قدم رئيس المجلس عرضا مفصلا حول أبرز المشاريع والأوراش التنموية التي تعرفها مختلف أقاليم الجهة. كما بسط لأعضاء الوفد مهام المجلس وتركيبته كمؤسسة منتخبة تمثل ساكنة الجهة، وتكرس قيم الديمقراطية والتدبير الحر للشأن المحلي. وفي السياق ذاته، دعا ولد الرشيد أعضاء الوفد إلى التجول بحرية بعاصمة الأقاليم الجنوبية ومعاينة مستوى الدينامية التنموية التي تعرفها الجهة، مشيرا الى أن "المملكة نجحت، بفضل حكمة وتبصر جلالة الملك، في ربح رهان معركة التنمية على أرض الصحراء مثل ما ربحت وحققت مكاسب دبلوماسية تنتصر للسيادة المغربية على الصحراء والدفاع عنها". وأشاد المتحدث بالمواقف الإيجابية المعبر عنها من لدن الدول الكبرى، كالولايات المتحدةالأمريكية وإسبانيا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وفرنسا وغيرها المؤيدة والداعمة للحكم الذاتي؛ وهو ما يجسد، حسبه، "اصطفاف العواصم الكبرى الفاعلة في صنع القرار الدولي إلى جانب الحقوق التاريخية والقانونية وشرعية السيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية". من جانبه، قال وارين جورج إنتش، رئيس الوفد الأسترالي، إن الزيارة تأتي في إطار تعزيز التفاهم المتبادل وتوطيد العلاقات بين أستراليا والمملكة المغربية، وهي فرصة ثمينة للاطلاع عن قرب على التطورات التي تشهدها جهة العيون الساقية الحمراء. وأضاف أن "هذه البعثة تمثل أصدقاء المغرب داخل البرلمان ولا تعكس المواقف الرسمية للحكومة الأسترالية؛ لذلك نحن نثمّن الجهود المغربية على مستوى الحوكمة والتنمية، ونرى في المغرب نموذجا متقدما للديمقراطية والتنمية المستدامة في المنطقة العربية، بما يمكن أن يكون مصدر إلهام للعديد من الدول". وأبرز نائب رئيس اللجنة الخاصة بأستراليا الشمالية المنتمي إلى الحزب الليبرالي الوطني، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "انخراط المملكة المغربية في تحسين البنية التحتية والتنمية الاقتصادية في جهة العيون يعكس التزاما قويا بإدماج هذه المنطقة في مسار التنمية الوطنية"، موضحا أن "تقديم المملكة المغربية حوافز استثمارية، بما في ذلك الإعفاءات الضريبية، يعد إشارة واضحة على إيمانها بإمكانات هذه المنطقة"، لافتا إلى أن "استقرار المنطقة ووضوح مسارها التنموي يشكلان عناصر مهمة قد تكون محل اهتمام لدى المستثمرين الدوليين، بمن فيهم الأستراليون، على المدى البعيد". وختم البرلماني الأسترالي حديثه لهسبريس بالتأكيد على أن الوفد يتطلع إلى أن تساهم زيارته في فتح آفاق جديدة للتعاون بين البلدين، خاصة في المجالات الاقتصادية والتجارية، مشددا على مواصلة "رصد تطورات هذه المنطقة عن كثب، بما يدعم رؤيتنا لتعزيز الروابط الأسترالية المغربية". وعلى صعيد آخر، قام الوفد الأسترالي بزيارة ميدانية شملت عددا من أهم الأوراش التنموية بالمدينة، حيث اطلع عن كثب على الجهود المبذولة لضمان التنمية الشاملة والمندمجة للجهة. كما زار منطقة القرية الرياضية التي تحتوي على عدد من ملاعب القرب المخصصة لكرة القدم ومكتبة محمد السادس الوسائطية، والقاعات الرياضية المغطاة، إلى جانب وقوفه على تخصصات مدينة المهن والكفاءات، وزيارة كلية الطب والمستشفى الجامعي الذي شارف على الانتهاء.