لما أطلعت على إعلان مؤسسة محمد الخامس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية و التكوين، على موقعها على الانترنت المتعلق بالاستفادة من أحد مركزي الاصطياف بكل من السعيدية وأزمور ، استبشرت خيرا وحجزت على الموقع وأديت مبلغ 1000 درهم في الحساب البريدي للمؤسسة مقابل استفادتي أنا و أسرتي من عشرة أيام من الاصطياف ما بين 12 و 22 من شهر يوليوز 2009 ، وفعلا توصلت برسالة مكتوبة من المؤسسة تؤكد حجزي خلال المدة المذكورة. "" حزمت أمتعتي و شددت الرحال إلى مخيم ميموزا بأزمور في التاريخ المحدد ووجدت في استقبالي حراس أمن المركز وشخص من الإدارة دلوني على خيمتي. الخيام منصوبة على أرض رملية مليئة بشوك صغير يجعل كل من وقعت رجله عليه يصيح من الألم و يتوقف عن المشي. بين الخيام توجد ممرات أسمنتية ضيقة تجعل المارة يتصادمون بأكتافهم أو يضطرون للمشي على الرمل و الجنبات المعشوشبة ، للإشارة فان حوالي ربع إلى ثلث مساحة المركز معشوشبة و معتنى بها بشكل لابأس به ، كما يتوفر المركز على اشجار الأوكاليبتوس القصيرة التي زرعت عوض أشجار غابة ميموزا الأصلية الطبيعية. الخيمة من النوع الرديء في طور الاهتراء ، مساحتها لا تتجاوز 16 متر مربع أي معدل حوالي 2.5 متر مربع لكل فرد من أسرتي المكونة من ستة أفراد ، و هو ما يكفي للاستلقاء أثناء النوم ، فلتخمنوا معي أين سيضع المصطافون حقائبهم ،و معدات مطبخهم و أين سيجلسون لتناول وجباتهم الغذائية ؟ أما تجهيزات الخيمة إذا سمحتم لي أن أسميها تجهيزات و الا فاني أسحب هذه الكلمة، فهي عبارة عن خمسة قطع من الإسفنج ( بونج) و فراش أرضي مصنوع من (الشتب) الذي يصنع من أكياس علف البهائم بمساحة حوالي عشرة أمتار،طاولة من البلاستيك و أربعة كراسي، و خيط كهربائي و مصباح للإنارة ليلا. مخيم ميموزا لرجال التعليم يوجد جنبا إلى جنب مع مراكز الاصطياف لكل من القوات المساعدة، اتصالات المغرب، بريد المغرب، ليديك، و مؤسسات أخرى...، كلها عبارة عن دور سكنية مجهزة بكامل التجهيزات المنزلية المعروفة التي توفر عن المصطاف مشقة حمل الأمتعة و الفراش و الأغطية و الأواني و غيرها، أفلا يستحق رجل التعليم أن يستمع بالاصطياف كسائر موظفي الدولة؟. وهنا لابد من الوقف لنطرح سؤالا : لم يسبق في تاريخ المغرب الحديث أن فكرت مؤسسة للأعمال الاجتماعية سواء في القطاع العام و الخاص أن تنشأ مخيما فيه خيام بهذه الضيق و هذا السوء ليقضي فيها موظفيهم عطلهم الصيفية، فمن هذا العبقري الذي تفتق فكره عن هذه الفكرة الخارقة التي ليس لها مثيل؟ هذا هو التميز و هذه هي جودة الخدمات وإلا فلا؟ أليس هذا ازدراء و اهانة لرجل التعليم ؟ أم أن رجل التعليم من الفئات الدنيا في هذا المجتمع؟ أما المفارقة الغريبة فهي عن ثمن الإقامة : 100 درهم لليلة في مخيم التعليم ( في خيمة) و 90 درهم للليلة في شقة مجهزة في مركز اصطياف البريد على سبيل المثال. ومن مظاهر السوء التي يمتاز بها هذا المخيم غزو الخيام ليلا من طرف جحافل الحشرات السوداء التي تزعج البعض و تمنع البعض من النوم و اضطر البعض الآخر ترك المخيم نهائيا.لقد دفعت هذه الظاهرة المسئولين إلى المداومة على رش المبيدات يوميا و لما لم ينفع هذا الإجراء اضطروا إلى تطويق القيام – خيمة خيمة – بمبيد آخر على شكل مسحوق مما يعرض صحة الأطفال للخطر. ولعل توفر المخيم على مسبح هو الأمر الذي دفع العديدين من أمثالي على اختياره و التوجه إليه إلا أن ما أثار العديد من الآباء و الأمهات هو إصابة أبناءهم بحروق جلدية في وجوههم بالخصوص من فرط مادة الكلور المضافة لمياه المسبح من أجل المعالجة ، و التي تضاف بشكل عشوائي للماء من طرف المكلفين بالمسبح الذين يظهر من خلال المعاينة أنهم لا يتوفرون على الدراية اللازمة لمعالجة مياه المسبح بشكل المطلوب. إن ظهور هذه الحروق الجلدية دفع طبيب المخيم و ممرضته إلى طلي وجوه المصابين بمرهم أبيض يوميا لحميتهم من آثار الكلور المدمرة للجلد و لما استفحل أمر معالجة مياه المسبح و ظهرت حالة من التسمم و صلت درجة الإصابة بالإغماء، اضطرت إدارة المخيم إلى منع السباحة طيلة يوم الاثنين 20 يوليوز2009 لتجديد مياهه و معالجته بشكل أحسن بدعوى سقوط بعض الحشرات الضارة في المسبح على حد قول المسئولين. و فيما يتعلق بتنظيم وقت السباحة بين الكبار و الصغار و الرجال و النساء فكان مطبوعا باضطراب واضح إذ تم تغييره أزيد من مرتين و مما يلاحظ عليه عدم مراعاته لفصل بين الجنسين خاصة في صفوف الشباب و منع النساء المحجبات من السباحة بدعوى ضرورة ارتداء هندام السباحة ( أي المايوه الذي يعني إجبارية التعري). أما الطامة الكبرى التي تميز بها مخيم ميموزا فهي ما يسمى إذاعة المخيم التي يسميها مخرجها العبقري " إذاعة ميموزا اهاه يا سلام" و التي تختلف عن سائر إذاعات العالم في أنها إجبارية فأنت مجبر على الاستماع إليها من العاشرة صباحا حتى منتصف الليل كأنك في كوريا الشمالية. فهذه الإذاعة عبارة عن مكبرين ضخمين موجهة نحو الخيام تصم آذان المصطافين بأغاني سوقية ساقطة لا مكان لها في سلم الترتيب الفني. من الأغاني التي تستمع لها أثناء ارتياد الأسواق الشعبية و في حفلات الأعراس و التي تروج للكلام البذيء و الأصوات المنكرة التي يستحيي المرء من الاستماع لها بمفرده ناهيك إذا كان بمعية أبناءه. فهذه "الإذاعة "عبارة عن معمل لصناعة الضجيج لااقل ولا أكثر. و من خلال العبارات الصادرة عن مخرجها و الأسئلة التي يطرحها على أطفال المخيم من قبيل " أسميتك ؟ مزوجة أو مطلقة ؟ شحال من راجل ؟.... رجاوي و لا ودادي " و هي نفس الأسئلة التي يرددها كل يوم يبدو أن هذا المرء من منشطي الأعراس و ليس بينه و بين التنشيط الثقافي و التربوي سوى الخير و الإحسان. كما أن هذه الإذاعة يستغلها أصحابها لاستمالة الفتيات القاصرات في غفلة من أهلهن لمراقصتهن باذاع موسيقى صاخبة و راقصة. و لقد تم تنبيه أصحاب هذه الإذاعة مرارا و تكرارا دون جدوى، بل وصلت الوقاحة إلى أوجها ليلة الأحد 19 يوليوز 2009 لما احتج أحد المصطافين على الضجيج المزعج المنبعث من أبواقها الذي منعه من النوم فكان جواب صاحبنا " المنشط" الا بغيتي تنعس سير لدارك .." داعيا " ديدهجيج" الزيادة في الموسيقى و تأجيج الحيحة وعن مرافق المخيم فهي عبارة عن مراحيض ودوشات ومغسل للاواني ومصبن(في ثلاث مجموعات) الا كل من مغسل الأواني والمصبن لا يصل إليهما الماء مما يضطر المصطافين لسقي الماء الشرب من المراحيض.كما يوجد بالمخيم دكان لبيع المواد العدائية لا كن باثمنة زائدة عن السوق (الحليب والجرائد زائد نصف درهم .المشروبات الغازية زائد درهم...) في الوقت الذي كان فيه من المفروض ان يكون المحل مقتصدية يبيع باقل ن ثمن السوق.أما الخدمة المميزة التي يقدمها هذا المحل هو بيع السجائر بالتقسيط (كارو ديطاي) هذا فقط غيض من فيض مما لا يتسع المجال لذكره. فهل سينتبه المسئولين إلى هذه الأشياء و يعملوا على توفير مصطفات حقيقية تليق برجل التعليم و أسرته وتحترم كرامته عوض هذه المخيمات المهينة.