كشف عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الليبي، في مقابلة تلفزيونية أمس الخميس، أن المجلس لم يُلغِ العمل بالاتفاق السياسي (اتفاق الصخيرات)، مسجلا أن المجلس الأعلى للدولة شريك في الحوار، لافتا إلى أن كلا من محمد تكالة، الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، ومحمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي، رفضا اللقاء به مرتين في جامعة الدول العربية والمملكة المغربية. وأوضح صالح، الذي سحب منذ أيام الثقة من حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومن المجلس الرئاسي، أن "الاتفاق السياسي ليس فيه ما ينص على مشاركة المجلس الأعلى للدولة في إعداد الميزانية"، في إشارة إلى الاتهامات التي وجهت إليه سابقا ب"خرق" اتفاق الصخيرات التي ينص على التشاور بين مجلسي النواب والدولة في اتخاذ القرارات، مؤكدا في الوقت ذاته أنه لن يلتقي بالمنفي وتكالة لأنهما "لا يريدان حل الأزمة"، بتعبيره. وتعيش الساحة السياسية الليبية، في الآونة الأخيرة، على وقع تجاذبات وتبادل للاتهامات بين الفرقاء بخرق اتفاقات الحوار الموقعة، حيث اتخذت الأزمة السياسية منحى آخر خاصة بعد النزاع حول رئاسة المجلس الأعلى للدولة بين كل من محمد تكالة وخالد المشري، وبعد سحب مجلس النواب الثقة من حكومة الدبيبة وقيادة الجيش من المجلس الرئاسي. وازداد الوضع تعقيدا إثر إقدام مجلس محمد المنفي على إقالة الصديق الكبير، محافظ البنك المركزي الليبي، وتعيين محمد الشكري خلفا له؛ وهو ما اعتبره عقيلة صالح أنه "جاء لنهب المال العام واستمرار الفساد"، مستغربا تدخل المجلس الرئاسي في المناصب السيادية ومؤكدا أن "مجلس النواب لن يسمح بضخ إيرادات الثروة الليبية لأشخاص جاؤوا بطريقة مشبوهة وأياد غير آمنة"، بتعبيره. تفاعلا مع هذه التطورات، قال إدريس أحميد، محلل سياسي ليبي خبير في الشأن المغاربي، في تصريح لهسبريس، إن "رفض المنفي وتكالة اللقاء برئيس مجلس النواب في المغرب ليس بسبب المكان وإنما أساسا بسبب رفضهما الوصول إلى تفاهمات تفضي إلى تجاوز حالة الاحتقان التي يعرفها المشهد السياسي في ليبيا". وأشار المحلل السياسي ذاته متحدثا لجريدة هسبريس الإلكترونية إلى أن "المستشار عقيلة صالح غاضب من تصرفات حكومة الوحدة الوطنية منتهية الصلاحية وطريقة إدارة مجلس الدولة في عهد تكالة للأزمة وكذا صمت المجلس الرئاسي؛ وبالتالي فهو يحاول البحث عن تفاهمات جديدة لتحريك الجمود هذا الجمود السياسي". وأوضح أحميد أن "المجلس الأعلى للدولة نفسه منقسم بين أطراف تريد التفاهم مع مجلس النواب وأطراف أخرى لا تريد ذلك، حيث إن موقف خالد المشري على رأس مجلس الدولة أفضل بكثير من مواقف تكالة". وأضاف: "مجلس النواب في بنغازي لم يعد يرى في المنفي وتكالة شريكين في الحوار، خاصة أن المجلس الرئاسي اتخذ في الآونة الأخيرة قرارات خارج صلاحياته". وحول الدول المرشحة للوساطة في هذه الأزمة، شدد المحلل السياسي الليبي الخبير في الشأن المغاربي على أن "المغرب يظهر كوسيط قوي وجاهز لاحتضان مختلف الأطراف والجلوس على طاولة الحوار لإيجاد مخرج لهذا المأزق السياسي، خاصة أن المملكة المغربية تحظى بثقة كل الفرقاء ولها تجربة طويلة في احتضان جلسات الحوار الليبي؛ منها اتفاق الصخيرات الذي أتى بالمجلس الأعلى للدولة". وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول مدى تأثير تحركات الجيش الوطني الليبي بقيادة الجنرال خليفة حفتر في الحدود مع الجزائر على رقعة المتدخلين الدوليين في الأزمة الليبية، سجل المتحدث ذاته أن "الجيش الوطني الليبي قوة مهمة، كما أن ليبيا ترتبط بحدود مع مجموعة من الدول والتي تحتاج إلى تأمين من أجل مواجهة الإرهاب والتهريب وشبكات الهجرة غير النظامية". وأضاف أحميد أن "المنطقة الجنوبية ترتبط مع الجزائر حدود واسعة. وعليه، فإن تحرك الجيش الوطني مهم، ويجب أن يلقى احترام دور الجوار؛ بما فيها الجزائر، خاصة أن هذا التحرك يأتي في إطار الحفاظ على استقرار البلاد الذي تدعو إليه السلطات الجزائرية نفسها".