جرت بمقر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أمس الخميس، أطوار اللقاء بالمركزيات النقابية كما كان مقررا سالفا، بغرض النقاش بخصوص مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات الإضراب، تفاعلا مع مطالبة مكتب مجلس النواب بذلك كلا من المجلس ذاته والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وبحسب مصدر نقابي حضر هذا الاجتماع الذي استُهل في العاشرة صباحا، فإن الأمر تعلق أساسا ب"لقاء بين اللجنة المكلفة بالشق الاجتماعي على مستوى المجلس وست مركزيات نقابية، حيث أكدت الأخيرة بداية على ضرورة سحب المشروع من البرلمان على اعتبار أنه يتعارض مع حقوق الشغيلة وينتهكها"، وفق تعبيره. وجاء ضمن التفاصيل التي حصلت عليها هسبريس، أن "كل نقابة قدمت رأيها شفويا، ومنها نقابات سبق أن رفعت مذكراتها إلى المجلس ذاته الذي طالب سابقا بذلك بناء على طلب من مكتب مجلس النواب، ومن المرتقب أن يتم الاستماع كذلك إلى أرباب العمل وممثلي وزارة التشغيل كذلك قبل أن يصدر المجلس رأيه بخصوص مسودة مشروع القانون التنظيمي للإضراب". وذكر النقابي ذاته أن "المجلس وعد بالتفاعل مع مذكرات التنظيمات النقابية خلال إصداره لرأيه بخصوص الموضوع من منطلق كونه مؤسسة دستورية واستشارية"، موازاة مع وجود "نقاش بين اللجنة التابعة للمجلس والتنظيمات النقابية بخصوص إمكانية سحب مشروع القانون التنظيمي سالف الذكر من المؤسسة التشريعية، إذ كان هناك تأكيد من هذه التنظيمات أن الحكومة سبق أن سحبت عددا من مسودات القوانين من البرلمان بعد تنصيبها، وبالتالي لن تكون هناك سابقة". "قانون تكبيلي" فيما يتعلق بالمذكرات التي تقدمت بها النقابات خلال الاجتماع نفسه، اختار الاتحاد المغربي للشغل التفاعل مع الموضوع عبر وصف مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة الإضراب بأنه "قانون تكبيلي"، محاولا جرد عدد من النقاط التي اعتبرها "سلبيات تتضمنها المسودة". واعتبر الاتحاد، ضمن مذكرته التي رفعها إلى المجلس الذي يرأسه أحمد الشامي، أن مشروع القانون التنظيمي للإضراب "تم طبخه من طرف الحكومة السابقة خارج نطاق الحوار الاجتماعي وبدون إشراك الحركة النقابية في بلورته، وذلك بغرض تكبيل وتجريم الحق في الإضراب"، موردا أن المسودة المطروحة هي "أسوأ مشروع قانون تنظيمي ضمن مشاريع القانون التنظيمي لحق الإضراب التي جهزتها الحكومة منذ أكتوبر 2001، تاريخ طرح أول مشروع". رفاق موخاريق جزموا بأنه "رغم الادعاء الرسمي بأن صيغة مشروع القانون التنظيمي للإضراب تضمن ممارسة هذا الحق إلا أنها تهدف بكل وقاحة إلى تكبيله والإجهاز عليه، إذ إن الأُجراء ببلادنا في ظل موازين القوى يلجؤون في غالب الأحيان إلى الإضراب من أجل التصدي لتعسفات الباطرونا لانتهاك مقتضيات قوانين الشغل على علاتها والحفاظ على مكتسباتهم". "بنودٌ تمس بالحق" المركزية النقابية سالفة الذكر حاولت جرد ما سمّته "سلبيات" مشروع القانون الذي تدارسته الحكومة، بما فيها "غياب الضمانات الفعلية لممارسة حق الإضراب ومنح كل الضمانات من أجل إفشال الإضرابات قبل وأثناء خوضها"، إلى جانب "منع العديد من الفئات من ممارسة حق الإضراب لاعتبارات شبه أمنية أو أنها تعمل في قطاعات مهمة"، فضلا عن "إقرار مهلة للإخطار بالإضراب جد طويلة تفرغ الممارسة من محتواها"، علاوة على "تخويل رئيس الحكومة صلاحية منع الإضراب أو وقفه لمدة معينة في حالات محددة، ما يسمح بعرقلة ممارسة هذا الحق"، حسب تعبيرها. كما لفتت إلى أنه "بالنسبة للأجيرات والأجراء، هناك ترسانة خطيرة من العقوبات ضد المضربات والمضربين خارج القانون"، منها "الحرمان من الأجر"، و"فرض غرامات عالية"، و"إصدار أحكام قضائية بتعويض المشغل عن الخسائر الناتجة عن الإضراب"، فضلا عن "الاعتقال والحكم بالسجن بموجب قانون الإضراب". المنظمة النقابية نفسها جددت ضمن المذكرة التي رفعتها إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، الخميس، التأكيد أن "الإضراب حق من حقوق الإنسان ودستوري، وحق أساسي للشغيلة ولمنظماتها النقابية"، داعية إلى "ضمان حق الإضراب للقطاع الخاص والقطاع العمومي وشبه العمومي على السواء" وتوضيح مفهوم عرقلة حرية العمل حتى لا يفهم الإضراب في حد ذاته بأنه عرقلة لحرية العمل". وطالب رفاق موخاريق كذلك الحكومة ب"تطبيق التزاماتها بشأن الحريات النقابية الواردة في الاتفاقات منذ أبريل 2003 إلى أبريل 2024، وفي مقدمتها المصادقة على اتفاقيتي منظمة العمل الدولية رقم 87 حول الحرية النقابية، وتفعيل مقتضيات الاتفاقية 151 المتعلقة بحماية حق التنظيم وإجراءات تحديد شروط التشغيل في الوظيفة العمومية".