في تأكيد للاتهامات التي سبق أن وجهتها الرباطلإيران بشأن دعمها العسكري لميليشيا البوليساريو عن طريق وكلائها في لبنان، جددت البعثة الإيرانية في الأممالمتحدة دعمها للطرح الانفصالي في الصحراء المغربية، وذلك خلال انعقاد أشغال الدورة الموضوعية للجنة الأممية الرابعة والعشرين، حيث أكد ممثل الجمهورية الإسلامية في كلمة له بهذه المناسبة على "مسؤولية الأممالمتحدة تجاه شعب الصحراء وحقه في تقرير مصيره". ودعا المسؤول الإيراني المنتظم الدولي إلى "تكريس جهوده لتمكين الشعب الصحراوي من التمتع بحقوقه ونيل استقلاله"، كما طالب المجتمع الدولي ب"تكريس نفسه لتنفيذ جميع قرارات الأممالمتحدة المتعلقة بالأراضي المستعمرة المتبقية، بما في ذلك الصحراء"، بتعبيره، وهو ما اعتبره متتبعون "تناقضا إيرانيا" واستمرارا للنهج التدخلي لطهران في شؤون الدول، في محاولة لضرب استقرارها ووحدتها الترابية بمساعدة دول وميليشيات وظيفية في المنطقة. أجندة توسعية قال البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، إن "النظام الإيراني لديه أجندة توسعية يعتمد عليها في تصريف مواقفه السياسية والدبلوماسية مع دول العالم، وبشكل خاص دول شمال إفريقيا والشرق الأوسط"، مضيفا أن "المخطط التوسعي الإيراني ينطلق من ثوابت سياسية في طهران تنظر إلى ميليشيا البوليساريو الإرهابية كأداة ستساعدها على تنفيذ أجندتها الإقليمية، كما يحدث حاليا في العراق وسوريا ولبنان واليمن". وأوضح الخبير ذاته أن "الأحداث اللاحقة، وخاصة بعد التصفيات التي تعرضت لها قيادات كبرى في هرم الدولة، من بينها الرئيس السابق ووزير الخارجية، نتيجة صراعات داخلية حول التموقع في الخريطة السياسية الإيرانية، أظهرت أن التصريحات حول تقارب محتمل مع المغرب لم تكن إلا مناورة سياسية من طرف وزير الخارجية الإيراني، في إطار الصراع الداخلي بين أجنحة الحكم، ولم تكن تصريحات جادة ذات مصداقية أو تعبر عن موقف النظام الإيراني". وسجل المصرح لهسبريس أن "الموقف الإيراني ليس بجديد، بل يندرج في إطار كلاسيكيات الدبلوماسية الإيرانية التي تنظر إلى المغرب كصخرة تقف أمام أحلام ملالي إيران لتحقيق الاختراق المطلوب في شمال وغرب إفريقيا، وبالتالي فدعم ميليشيا البوليساريو والترافع عنها في المحافل الدولية هو إستراتيجية ضغط متهالكة تدل على سوء تقدير الموقف الإقليمي وضبابية الرؤية لدى الفاعل الدبلوماسي الإيراني بالنسبة لقواعد الاشتباك الإقليمية الجديدة التي سطرها المغرب ما بعد تأمين معبر الكركرات". وأشار المتحدث إلى أن "النظام الإيراني في طهران يقوم باستخدام أدواته الإقليمية، ميليشيات البوليساريو والجيش الجزائري، لتسخين جبهات المواجهة الممكنة أمامها بتهديد الاستقرار الإقليمي وفتح المجال السيادي الجزائري ليتحول إلى عمق جيوسياسي لمخططات الحرس الثوري في شمال وغرب إفريقيا"، مشددا على أن "الأجنديتن الإيرانيةوالجزائرية في المنطقة تعتمدان على توظيف الجماعات والميليشيات الانفصالية المسلحة لنشر الفوضى والخراب، وزعزعة الاستقرار الإقليمي وفرض الهيمنة الجيوسياسية على دول الجوار وخلق بؤر توتر عالية المخاطر وفق مخطط طويل الأمد". تناقضات بارزة جواد القسمي، باحث في العلاقات الدولية والقانون الدولي، أورد أن "موقف طهران المعبر عنه على هامش أشغال اللجنة الخاصة ال24 في الأممالمتحدة تعبير عن مسار تاريخي معقد عنوانه التوتر تميزت به العلاقات المغربية الإيرانية عبر التاريخ، لأسباب وعوامل متعددة جيو-سياسية وتاريخية وثقافية، وتخللته بعض الحوارات المتقطعة بين البلدين، أو الإعلان عن بعض النوايا في التقارب بينهما، دون الوصول إلى حد استئناف العلاقات الدبلوماسية كاملة بينهما". وأضاف القسمي، في معرض حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن "ما صرح به وزير الخارجية الإيراني السابق عبد اللهيان، الذي قضى مع الرئيس الإيراني في حادث تحطم الطائرة، حول استعداد بلاده للتقارب مع المغرب، لا يعدو كونه تعبيرا عن رغبة تناقضها التحركات الفعلية الإيرانية على الأرض؛ من تقارب إيراني جزائري واضح، ودعم إيراني لجبهة البوليساريو الانفصالية سياسيا وعسكريا، ما اعتبره المغرب دائما تدخلا في شؤونه الداخلية وتحديا لسيادته على الصحراء المغربية، إذ لا يمكن في ظل هذا الوضع حدوث أي تقارب مع المملكة التي تعتبر مواقف الدول من الصحراء المغربية محددا أساسيا في علاقاتها الخارجية". وخلص الباحث ذاته إلى أنه "بالنظر إلى موقع المغرب في خارطة التحالفات الدولية والإقليمية تبقى الجزائر الخيار الوحيد لإيران في محاولتها لتوسيع نفوذها في شمال إفريقيا والقارة الإفريقية، وذلك بالنظر إلى استفادتها من التوتر بين البلدين المغاربيين وزيادة مبيعاتها من الأسلحة للجزائر، ودعمها الجماعات المسلحة في المنطقة على غرار البوليساريو، في محاولة للخروج من الطوق الذي فرضه عليها الغرب في منطقة الشرق الأوسط".