رغم بداية تأقلُم البشر معه واعتيادهم على استخدامه مازال الذكاء الاصطناعي، الذي وُصف قبل سنوات قليلة ب"الوافد التكنولوجي الجديد"، يحتفظ براهنية النقاشات العمومية، ليس فقط في ساحة المستجدات التكنولوجية المتسارعة عالميًا وإفريقيًا، بل في المغرب أيضاً حيث حضَرَ، هذه المرة، ضمن نقاشات أكاديمية تحتضنُها واحدة من أرفع الجامعات متعددة التخصصات بالمغرب وإفريقيا. "المنتدى الأول رفيع المستوى حول الذكاء الاصطناعي" حدثٌ بارز افتُتحت أشغاله اليوم الإثنين بالرباط، وتستمر على مدى 3 أيام (3–5 يونيو 2024)، برحاب جامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية، تحت شعار "الذكاء الاصطناعي كرافعة للتنمية في إفريقيا"، بمشاركة خبراء في التكنولوجيا وصناع القرار وممثلي المجتمع المدني، من المغرب والقارة الإفريقية والعالم. فعاليات هذا المنتدى، الأول من نوعه، ينظمها "المركز الدولي للذكاء الاصطناعي في المغرب"، التابع لجامعة محمد السادس المتعددة التخصصات التقنية (Ai Movement – UM6P, Rabat)، بالتعاون مع منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو)، وبمشاركة ممثلي أكثر من 30 دولة، (منها حوالي 15 دولة إفريقية)، بهدف "وضع الأسس لإستراتيجية إفريقية مخصَّصة للذكاء الاصطناعي". "أول مركز للذكاء الاصطناعي بإفريقيا" وفي خطوة حاسمة تتوخى "إدراج الذكاء الاصطناعي في إستراتيجيات تنمية القارة"، تميزت الجلسة الافتتاحية للمنتدى بالإطلاق الرسمي، برحاب جامعة محمد السادس، ل"أوّل مركز للذكاء الاصطناعي من الفئة 2 في إفريقيا"، عبر "توقيع الاتفاق الثلاثي بين ممثل اليونسكو والحكومة المغربية وحركة الذكاء الاصطناعي". وبالمناسبة ذكرت أمل الفلاح السغروشني، الرئيسة التنفيذية للمركز الدولي للذكاء الاصطناعي بالمغرب "حركة الذكاء الاصطناعي" بجامعة "UM6P" أنه تم تصنيفه كمركز من الفئة 2 من قبل اليونسكو في نونبر 2023؛ وهي خطوة تعني، بحسبها، فِعلية الاعتراف ب"Ai Movement" كمركز للتميّز في مجال الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات على مستوى القارة الإفريقية. وبعد كلمة افتتاحية ترحيبية ألقاها رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، هشام الهبطي، وأكد خلالها على أهمية الذكاء الاصطناعي ودوره في رفع وتسريع مستوى التنمية الإفريقية، مع إشارة دالّة إلى جهود الجامعة لمواكبة التحولات التكنولوجية المتسارعة، خاصة من حيث حلول الذكاء الاصطناعي، أشارت السغروشني إلى أنه "بدون ثقة لا يمكن أن نَذهب بعيداً في مسار الذكاء الاصطناعي والاستفادة من مزاياه"، قبل أن تشدد ضمن أبرز أفكار كلمتها على أن "هناك مخاطر مَقبولة، ولكن هناك أيضا فرصا يجب استغلالها"، وفق تعبيرها. أهداف المنتدى ومحاور النقاش بحسب المعلن عنه حدد مُنظمو هذا الحدث رفيع المستوى أهدافَ وغايات "أول منتدى للذكاء الاصطناعي" في "مناقشة إستراتيجيات وسياسات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا"، مع "مشاركة وتقاسُم أحدث التطورات عن الموضوع في القارة". كما يتوخى المنتدى، الذي ينعقد أياما قليلة بعد أضخم حدث تكنولوجي قاري للشركات الناشئة بإفريقيا، "عقد حوارات حول حكامة الذكاء الاصطناعي بشأن المواضيع الرئيسية التي تهم المجتمعات الإفريقية"، مع "إطلاق مبادرات لبناء قدرات القطاع العام والقضاء والتشريعات والشباب والنساء والفتيات"، ثم "العمل كفضاء لبناء التعاون بين 'مراكز AI' الإفريقية والعالمية للنهوض بالبحوث وتحليل السياسات في هذا السياق". ومن المرتقب أن تُطرح للنقاش والتحليل المحاور الرئيسية المتصلة ب"دور الذكاء الاصطناعي في عملية التحول الرقمي في إفريقيا"، وموضوع "إنشاء إطار قانوني وتشريعي في إفريقيا لحَوْكمة/حكامة الذكاء الاصطناعي"، و"كيفية استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي لدفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في إفريقيا والتغلب على التحديات التنموية في القارة". هذه المحاور ستُناقش عبر "موائد مستديرة، وورشات، وجلسات للتواصل مع المقاولات الناشئة وعروض بهدف مناقشة الإستراتيجيات والسياسات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي في إفريقيا، وتقاسم مستجدات الذكاء الاصطناعي في القارة، فضلا عن مناقشة حكامة الذكاء الاصطناعي حول مواضيع أساسية، وإطلاق مبادرات لتعزيز القدرات لمجموعات متنوعة، وتسهيل التعاون بين مراكز الذكاء الاصطناعي الإفريقية والعالمية". كما بَرمج المنظمون جلسات نقاش بارزة أهمها حول "المناقشات الدولية حول الذكاء الاصطناعي"، و"إستراتيجية الذكاء الاصطناعي لإفريقيا.. ما هي الخطوة المقبلة؟"، و"البرلمانات الإفريقية وحكامة الذكاء الاصطناعي"، و"دور السلطة القضائية في حكامة الذكاء الاصطناعي". كما سيناقش المشاركون مساهمات وتعاون الباحثين الأفارقة من أجل إدخال اللغات الإفريقية في عصر الذكاء الاصطناعي، والدبلوماسية العلمية والتكنولوجية، وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، والذكاء الاصطناعي وتعزيز الديمقراطية من أجل السلم والتنمية بإفريقيا ومستقبل التكنولوجيا: بلورة رؤية تصاعدية في أفق العام 2050. ولن تخلو الأشغال ذاتها من حديث عن "آثار الذكاء الاصطناعي في مجال الأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي وعمل الفنانين الأفارقة، والنساء الإفريقيات وتطوير حلول رائدة في مجال الذكاء الاصطناعي، وتجارب الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي في أوروبا والشراكات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي". جدول أشغال المنتدى يضمّ مداخلات مُستلهَمة من "تبادل تجارب"، و"قصص نجاح" لمقاولات ناشئة، وجلسات تفاعلية، يُنشّطها خبراء في الذكاء الاصطناعي، قادمون من إفريقيا، وأمريكا وأوروبا والصين والشرق الأوسط. جدير بالذكر أن المركز الدولي للذكاء الاصطناعي بالمغرب (AI Movement) يحمل صفة "مركز للبحث والتطوير أنشأته جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P) في مارس 2021، بهدف أن يصبح قطباً إقليميا للذكاء الاصطناعي في القارة الإفريقية.