دخلت تحقيقات قضاة المجلس الأعلى للحسابات حول اختلالات برنامج تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة "انطلاقة" منعطفا جديدا، بعدما كشفت وثائق حجز بالمحاكم التجارية عن عقود كراء مزورة واختفاء تجهيزات موضوع قروض، بعدما عجزت مصالح التحصيل على مستوى بنوك ممولة عن استرجاع قيمة القروض الممنوحة، من خلال الحجز على أصول تجارية وآليات وسلع جرى تمويل اقتنائها من موردين بواسطة شيكات مضمونة من قبل بنوك. وعلمت هسبريس من مصادر مطلعة أن التدقيق على مستوى المحاكم التجارية مكن من ضبط ملفات طلبات للاستفادة من مسطرة التصفية القضائية، تقدمت بها مقاولات حصلت على قروض "انطلاقة" وتعذر عليها سداد أقساط هذه القروض، التي تجاوزت قيمتها مليون درهم، أي 100 مليون سنتيم، موضحة أن قضاة الحسابات توصلوا بمجموعة من المعلومات حول خروقات في تدبير ملفات قروض من قبل بنوك، حيث جرى تمرير طلبات استغلت عقود كراء مزورة لمحلات تجارية تبين في ما بعد، تحديدا خلال عمليات التحصيل، أنها شقق سكنية في الطوابق الأرضية لعمارات. وأكدت المصادر ذاتها أن طالبي قروض "انطلاقة" وقعوا عقود كراء مزورة مع أقارب ومعارف، مستغلين شهادات ملكية تضمنت معطيات حول العقار ومساحته وموقعه، دون أن تشير إلى طبيعة استغلاله، سكنية أو تجارية، مؤكدة استغلال هذه العقود في إيهام البنوك بجدية المشاريع، ما ساهم في قبول ملفات طلبات قروض والإفراج عن تمويلات مهمة خلال الأشهر الأولى من انطلاق برنامج تمويل المقاولات الصغرى والمتوسطة، قبل أن تنتقل البنوك في سياق تدبير المخاطر إلى إجراء زيارات معاينة ميدانية خلال مرحلة دراسة ملف طلب القرض. واجتمع قضاة الحسابات المكلفون ببحث وتقييم برنامج دعم المقاولات "انطلاقة" مع مسؤولين ببنك المغرب، وممثلين عن المقاولات الصغرى والمتوسطة، في سياق عملية تجميع المعطيات، بعدما توصلوا بمراسلة من البرلمان من أجل التحقيق في اختلالات محتملة بالبرنامج المذكور، قبل أن ينتقلوا إلى البنوك والاتحاد العام لمقاولات المغرب، ومؤسسة "تمويلكم"، صندوق الضمان المركزي سابقا. وشهد برنامج "انطلاقة"، موضوع تحقيق من قبل قضاة زينب العدوي، حسب المصادر نفسها، مجموعة من الاختلالات على مستوى التنزيل، وشابته تعقيدات حالت دون بلوغه أهدافه، ما تسبب في حرمان عدد كبير من المقاولين وحاملي المشاريع من التمويلات، مؤكدة تزايد عدد الشكايات الواردة على مؤسسة "الوسيط البنكي" ضد البنوك من قبل حاملي مشاريع في سياق البرنامج المذكور. يذكر أن أحدث الأرقام الرسمية الصادرة حول برنامج "انطلاقة" أشارت إلى منح البنوك 40 ألف قرض، بقيمة 8.6 مليارات درهم، أي 860 مليار سنتيم، لتساهم هذه القروض في إحداث 110 آلاف فرصة عمل غير مباشرة؛ فيما تعللت وزارة الاقتصاد والمالية بشأن رفض البنوك ثلث ملفات طالبي القروض بعدم وجود دعم إضافي لمواكبة مشاريعهم، أو إلى ملفات ترشيحهم التي ينتظر إعادة النظر فيها.