بالرغم من أن رسام الكاريكاتير والكاتب المغربي محمد النضراني قضى تسع سنوات معتقلا دون محاكمة بين أحضان الورود وأشواكها في قلعة مكونة الشهيرة بموسم الورود السنوي في جنوب المغرب فلم يكره يوما الورود بل يتمنى أن يتلقى دعوة للرقص في مهرجان الورود السنوي الشهير. "" وصرّح محمد النضراني على هامش اصدار كتابه الجديد "عاصمة الورود" الذي ألفه بالاشتراك مع عبد الرحمان القنوسي زميله في الدراسة والاعتقال "أحب الورود جدا جدا ولم أحملها يوما مسؤولية ما عانيته من سنوات الظلم". وأضاف "نحن كمجموعة بنو هاشم نتساءل لماذا لا ينادون علينا عند الاحتفال بموسم الورود في قلعة مكونة.. سنحتفل ونرقص مع المجموعات الفولكلورية. شخصيا ليس لدي أي حقد على الظلم الذي تعرضت له". ومحمد النضراني هو واحد من خمسة أشخاص "اختطفوا" في العام 1976 وسجنوا وعذبوا بسجن اكدز السري في قلعة مكونة وبقي مصيرهم مجهولا حتى العام 1984 حين أفرج عنهم. واتهم أعضاء المجموعة التي أطلق عليها "مجموعة بنو هاشم" نسبة الى صديقهم التلميذ انذاك عبد الناصر بنو هاشم بالانتماء إلى جماعة "إلى الأمام" الماركسية اللينينية وكان باقي أعضاء المجموعة طلبة. ووقع النضراني كتابه المشترك مع صديقه ورفيق دربه القونسي في العاصمة الرباط في 11 مايو/ أيار وينتظر أن يوقعه في الدارالبيضاء في 28 من هذا الشهر. وصاغ النضراني الكتاب -417 صفحة من الحجم المتوسط- بلغة فرنسية وهو يحكي معاناة المجموعة في معتقل اكدز السري. وكتب عدد من المعتقلين السابقين وممن تعرضوا لانتهاكات في الماضي كتبا تحكي معاناتهم لكن النضراني قال إنها "تبقى غير كافية ومحدودة". وأضاف "فيما يخص أدب السجون وأقصد الكتب التي كتبها معتقلون سياسيون سابقون وسجناء رأي لا تتعدى العشرة والكل أصبح يتحدث عن سيلان فيما يخص هذا اللون من الأدب." وأضاف "بالعكس نفتقر إلى التعمق في هذه التجربة لا نستطيع أن نحكي تجربة سنوات طويلة في عشرة كتب". وقال "لا يزال الشيء الكثير لنحكيه عن هذه التجربة بأية لغة كانت فأنا مثلا لا أتقن العربية لذلك ارتأيت أن أكتب بالفرنسية وممكن الكتابة حتى بالعامية المغربية ما اللغة إلا وسيلة." ويقول النضراني إنه استوحى عنوان الكتاب من سؤال صحافية فرنسية للعاهل المغربي الراحل الحسن الثاني عما إذا كان يوجد معتقل سري بقلعة مكونة فأجابها "قلعة مكونة هي عاصمة الورود". وكان النضراني قام مع مجموعة من الحقوقيين في العام 2002 بزيارة قلعة مكونة رافعين شعار "من أجل أن تستعيد قلعة مكونة ورودها" وقال في المقابلة "هدفنا أن تسترجع قلعة مكونة بيئتها ووسطها الحقيقي وهو الورود والجمال.. الذين أقحموا فيها سجنا سريا حاولوا اغتيال براءتها." وأضاف عن المدينة التي تحتفي سنويا بمهرجان عالمي للورود "لكن الجمال والتراث لا يمكن أن يكون على حساب الذاكرة. يجب أن تبقى هذه الأخيرة حاضرة حتى لا يتكرر ما جرى في الماضي." والنضراني هو أيضا رسام كاريكاتير اكتشف موهبته فجأة عندما كان معتقلا حيث صنع ريشة من قماش سرواله ورسم بالقهوة على الجدران وعلى أرضية المعتقل. وسبق أن أصدر كتابين برسوم الكاريكاتير الأول يحكي معاناته منذ "اختطافه" وفترة سجنه والثاني يحكي قصة المقاوم المغربي عبد الكريم الخطابي. كما له عدة لوحات تشكيلية وكتابات. (رويترز)