جدد نزار بركة، وزير التجهيز والماء، اليوم الثلاثاء، قرع ناقوس الخطر بخصوص الوضع المائي بالمملكة، معتبرا أن المغرب سيكون من بين الدول التي ستعاني أكثر من التغيرات المناخية، حيث زاد معدل الحرارة عن درجتين في 2023 أكثر من المعدل الدولي، داعيا إلى تضافر جهود جميع الفاعلين لترشيد استعمال الماء. وبسط بركة أمام أعضاء مجلس المستشارين، في جلسة عمومية حول الوضع المائي بالبلاد، جملة من المعطيات التي تؤكد خطورة الوضع الذي تواجهه المملكة، مبرزا أن ارتفاع درجات الحرارة في المغرب يجعل معدل التبخر يصل إلى "مليون و500 ألف متر مكعب في اليوم". وسجل بركة أن الواردات المائية السنوية التي كانت تسجل في المغرب وتقدر ب11,5 مليار متر مكعب ما بين 1945 و2023، تراجعت إلى "7 مليارات و200 مليون متر مكعب في السنوات العشر الأخيرة". وزاد المسؤول الحكومي موضحا أن الواردات المائية خلال الفترة ما بين 2017 و2023 "انخفضت إلى 5 مليارات و200 مليون متر مكعب، بل في السنوات الثلاث الأخيرة، لم يتعد المعدل 3 مليارات متر مكعب من الواردات المائية"، كاشفا أن "منذ شتنبر إلى اليوم، بلغت الواردات المائية مليارا و500 مليون متر مكعب". وأشار الوزير إلى أن معدل التراجع بلغ "67 بالمائة بكافة الأحواض المائية"، وأن حوض اللوكوس المعروف بموارده المائية، "بلغت فيه كميات المياه التي وفرتها التساقطات 283 مليون متر مكعب، وهذه السنة 28 مليون متر مكعب فقط"، وأضاف أن "حوض سبو كان يسجل 758 مليون متر مكعب، والآن فقط 90 مليون متر مكعب، بل أكثر من ذلك سد الوحدة الذي يمثل أكبر سد في المغرب من حيث الإمكانيات المائية وكانت تدخله في الأشهر الأربعة الأولى من السنة الفلاحية 400 مليون متر مكعب، دخلته فقط 11 مليون متر مكعب"، مبرزا أن معدل النقص بلغ ما بين 60 و90 بالمائة من الواردات المائية، وهذا يبين حجم الأزمة التي تواجهها البلاد. وذكر المتحدث أن الإشكالية التي تواجهها البلاد على مستوى أزمة الماء "مطروحة؛ لأن هوامش التدخل تراجعت، ونسبة ملء السدود ضعيفة، والاستغلال مفرط للفرشة المائية التي تمثل خزان الماء في المستقبل"، مشددا على ضرورة الحفاظ عليها. وبين بركة أن الفرشة المائية "تراجعت بخمسة أمتار خلال هذه السنة بتادلة، وفي بني عمير وسوس وبرشيد ب4 أمتار، وفي اشتوكة بمتر ونصف المتر"، معتبرا أن المغرب يواجه تحديا على مستوى "استغلال كمية أكبر لما توفره الفرشة المائية، وعندنا مليار إلى مليار ونصف المليار متر مكعب سنويا تستغل". وأضاف أن إشكالية توحل السدود هي الأخرى تشكل "إكراها يصل ما بين 17 و25 مليون متر مكعب في السنة"، موضحا أن "الحكومة اعتمدت خريطة طريق جديدة فيها تحولات كبرى، نركز فيها أكثر على المياه غير الاعتيادية، مثل التركيز على تحلية مياه البحر وإعادة استعمال المياه العادمة". وشدد وزير التجهيز والنقل على ضرورة التركيز على الطلب على الماء، ودعا إلى إيقاف "التبذير، والنجاعة المائية، ومعالجة العديد من التسربات، وترشيد استعمال المياه، واعتماد الري بالتنقيط"، مؤكدا ضرورة الحفاظ على الفرشة المائية لضمان "مستقبل الأجيال المقبلة، وضمان استمرارية العمل الفلاحي الأساسي بالنسبة لبلادنا". كما أفاد المسؤول الحكومي بأن "العمل من خلال التركيز على الربط ما بين الأحواض المائية جاء حتى لا نضيع أي قطرة ماء، والمياه التي توجه للبحر نوجهها للمناطق الأكثر احتياجا"، ملخصا الفكرة التي تشتغل عليها الحكومة من أجل تدبير الأزمة بأنها "تقوم على أساسا على محاولة تدبير الكمية الموجودة من الماء واستعمالها لأطول مدة ممكنة ونحافظ عليها لنغطي فترة الصيف، ونتمنى من الله أن يرحمنا ويغيثنا في الأشهر الثلاثة المقبلة حتى نتمكن من تجاوز هذه الظروف الصعبة". ولفت نزار بركة إلى أن "الربط المائي بين حوضي سبو وأبي رقراق مكننا من إنقاذ سكان الرباط والدار البيضاء الشمالية من العطش"، وقال: "لو لم نقم بإنجاز مشروع الربط المائي بين سبو وأبي رقراق، كنا سنقطع الماء يوم 18 دجنبر على سكان الرباط والدار البيضاء الشمالية"، في إشارة واضحة منه إلى خطورة ودقة الوضع.