قد تؤدي طريقة جديدة في دراسة خاصية أساسية للإلكترون دوراً في مجال كيمياء الذرات أو تطوير الحوسبة الكمومية، أو حتى الأعمال البحثية المرتبطة بالمادة المظلمة. ومع هذه التقنية المُسماة "التدوير الإلكتروني" (سبين الكرتونيك)، يؤدي الإلكترون دور مغناطيس صغير. لكن ينبغي أن يكون هذا الإلكترون في مدار منفرد حول نواة الذرة، بينما في المادة عادة ما تكون الإلكترونات في المدار بأزواج، مما يلغي تأثير المغنطة لديها. وقد يؤدي إدخال عيوب أو شوائب إلى المادة إلى ظهور الإلكترونات منفردة، على غرار الذرات المسامة الجذور الحرة، كتلك المرتبطة بشيخوخة الخلية أو عدد كبير من التفاعلات الكيميائية. وفي حديث إلى وكالة فرانس برس، قال باتريس بيرتيه، وهو عالم فيزياء في مفوضية الطاقة الذرية والطاقات البديلة مشارك في إعداد الدراسة التي نُشرت الأربعاء في مجلة "نيتشر": "ندرس هذه الإلكترونات بتقنية تعود إلى 70 أو 80 عاماً، تتمثل في التحليل الطيفي بالرنين المغزلي للإلكترون". ولا تتأثر هذه التقنية "المستخدمة كثيراً في مجالات كثيرة، كالكيمياء وعلم الأحياء وعلوم المواد والتحكم، بالأغذية" سريعاً، لذا تتطلب عدداً كبيراً من الجزيئات أو الذرات التي تحتوي على هذه الإلكترونات غير الموجودة بأزواج لرصد أي إشارة، مما يمنع تطبيقها على العينات المجهرية. وابتكر فريق كوانترونيك، التابع لمفوضية الطاقة الذرية والطاقات البديلة، طريقة جديدة لرصد دوران الإلكترون لإلكترون واحد منفرد، أي لعزل "الذرات الفردية ودوران الإلكترون المنفرد، وهو ما كان مستحيلاً سابقاً"، بحسب بيرتيه. عزم مغناطيسي يتمثل مبدأ التقنية الجديدة في تحريك ذرة تحتوي على إلكترون منفرد من خلال دفعة بالموجات الصغيرة (مايكروويف). وعندما يعود الإلكترون إلى حالته الأساسية، يطلق كمية من طاقة على شكل فوتون مايكروويف، وهو كمية صغيرة من الضوء. ويعجز أي جهاز كشف تجاري على رصد إشارة ضعيفة مماثلة، بينما يتمكّن الجهاز الذي ابتكره فريق المفوضية من ذلك. وتساهم طريقة الرصد الجديدة في مجالي أبحاث أقلّه، هما الكيمياء والحوسبة الكمومية. ففي الكيمياء، "قد تتيح رصد خصائص المادة حول الذرة بشكل أدق بكثير"، مع ما تحمله من تأثير على التحليل الجزيئي، لدراسة تركيبة جزيء والروابط بين الذرات التي يتألف منها. ولفت بيرتيه إلى أنّ هذه التقنية "قابلة للتطبيق مبدئياً على كل الذرات أو الجزيئات التي تحتوي على إلكترونات منفردة"، بالإضافة إلى احتمال استخدامها لدراسة الجزيئات أو البروتينات الفردية. وتتمتع الذرة التي استُخدمت في التجربة، وهي "أيون الإربيوم"، بخاصية مميزة في الحوسبة الكمومية. ويحافظ عزمها المغناطيسي على خصائصها الكمومية لفترة ملحوظة بحدود ثلاثة أجزاء من الثانية... وهي فترة طويلة جداً في الحوسبة الكمومية تتيح استخدام ذرة مماثلة ك"دوران كيوبت". ويشير عالم الفيزياء إلى أنّ جهاز كشف الفوتون الميكروي "له مستقبل مشرق"، إذ تتيح له قدرته السريعة على التأثّر رصد الإشارات "غير المُكتشفة قط". ويمكن استخدامه في التجارب الرامية إلى اكتشاف المادة المظلمة، وهي مكون نظري للمادة في الكون، إذ تحتاج أبحاث مماثلة إلى جهاز كشف للفوتونات الميكروية يظهر قدرة كبيرة على التأثر سريعاً.