مازالت الصراعات القبلية بين قيادات جبهة "البوليساريو" ترخي بظلالها على المؤتمر الداخلي الذي مُدد لمرتين على التوالي، بعد عدم اتفاق كل الأطراف المشاركة على بروفايل "زعيم الانفصاليين" الذي يتنافس عليه كل من إبراهيم غالي والبشير مصطفى السيد. وكان من المفترض أن تنتهي أشغال المؤتمر في 17 يناير الجاري، لكن مددت أطواره إلى غاية اليوم الجمعة بسبب تفاقم الخلافات الداخلية، في ظل معارضة عدد من المؤتمرين لولاية جديدة لإبراهيم غالي الذي ترشح من جديد لهذا المنصب. ولم يحظ الحدث بأي أهمية من لدن ساكنة مخيمات تندوف، لاسيما الشباب الذين يعارضون القيادة الحالية لجبهة "البوليساريو"، نظراً إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية خلال السنوات الأخيرة، مقابل تزايد ثروات القياديين في الجزائر وأوروبا. ووقعت تلاسنات كبيرة بين أعضاء الجبهة أثناء مناقشة ما يسمى "التقرير المالي"، بسبب عدم الكشف عن بعض التقارير المالية بدعوى أنها "سرية"، حيث تساءل الجناح المعارض لإبراهيم غالي عن حيثيات صرف كل الأموال التي رصدت في الميزانية. عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الإستراتيجية، قال في هذا الصدد إن "المؤتمر السادس عشر للجبهة يعيش عزلة حقيقية بسبب المعارضة الواسعة التي أبداها شباب المخيمات المحتجزين بتندوف إزاء مسألة انتخاب القيادة الجديدة". وأضاف الفاتحي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "الوعود الكاذبة لجبهة البوليساريو سقطت بصفة نهائية بعدما تبين للشباب الصحراوي المحتجز بتندوف زيف 'الحقائق' المروجة في العقود الماضية، بفعل المعلومات والمعطيات التي يتم تداولها بمواقع التواصل الاجتماعي بعيدا عن الرقابة التي تفرضها الجبهة على الساكنة". وواصل المتحدث ذاته بأن "مرحلة إبراهيم غالي تميزت بإخفاقات سياسية ودبلوماسية متوالية، ما أدى إلى تراجع الموقف التفاوضي للنظام العسكري الجزائري"، مردفا بأن "الشباب الحالي يصطدم مع الرعيل الأول للجبهة الذي يحاول الإمساك بزمام السلطة رغم الإخفاق السياسي". وذكر الخبير الإستراتيجي بأن "الجزائر تسعى دوما إلى الهيمنة على قيادة البوليساريو بما يتوافق مع نسقها السياسي، وهو ما يعارضه الجيل الجديد من الشباب الذي يريد التعبير عن مواقفه السياسية بما يتماشى مع المتغيرات الدولية الحاصلة في النزاع المفتعل".