نتناول في هذه الدراسة فيلما روائيا طويلا للمخرج المغربي إدريس الروخ، تحت عنوان "جرادة مالحة". ويأتي اختيارنا لهذا الفيلم، لكونه يمثل تجربة إبداعية خاصة، تحتاج منا إلى وقفة تأملية تجلو خصوصياتها وخفاياها وعوالمها الداخلية. وسنعتمد في قراءتنا مقاربةً تحليلية، تنطلق من تفكيك المعطى الفيلمي إلى مكوناته الصغرى، لتصف تحققاته المقطعية ولغته الفيلمية، وترصد العلاقات المتحكمة في بنائه وتماسكه، ثم نقوم بإعادة التركيب مركزين بالأساس على مكون الفضاء في بنيته ووظائفه الدلالية والسردية والحكائية. لنبدأ من الحكاية. (1) تتمحور الحكاية الفيلمية حول شخصية "رانيا"، وهي شابة تجد نفسها في قبضة أفراد مؤسسة سرية، تعمل على برمجتها، وتحوير ذاكرتها، من أجل السيطرة على سلوكها، وتحويلها إلى شخصية بمواصفات معينة، تستجيب لطلبية الزبناء. لتحقيق ذلك توضع "رانيا" تحت رقابة مشددة، وتخضع لنظام علاجي صارم، وشحن منتظم للذاكرة بصور وأخبار وحقائق مبركة، تحرمها من ذكرياتها وحياتها السابقة، وتعيش حياة الفوضى والتيه والضياع. غير أن ذاكرتها تبدي نوعا من الرفض، لتأخذ في التساؤل عن هويتها والبحث عن حقيقتها، وتنتهي إلى اكتشاف محيطها، وتنكشف اللعبة، وتستمر المقاومة، لينتصر الأمل، وتفشل المؤامرة. هذه هي الحكاية بإيجاز. لكن. كيف تشكلت فيلميا؟ وكيف بنيت سرديا؟ وما هي الزاوية التحليلية الملائمة التي تساعد على الإجابة على تساؤلاتنا؟ (2) من خلال المشاهدة الأولى للفيلم، واعتمادا على عنوانه "جرادة مالحة"، والخلاصة المركزة للحكاية الفيلمية، يتبادر إلى الذهن أن مفاتيح دراسة الفيلم تكمن في مكون الشخصيات. لكن، حين ندقق الأمر، في هذا المكون، ودون الدخول في التفاصيل، نجد أنه يقوم على تقابل أساس بين شخصية محورية "رانيا" تعاني نفسيا وعقليا، وبين شخصيات ثانوية تشكل فاعلا في هذه المعاناة، والتي يمكن اختزالها في شخصية واحدة مشتركة {إدريس – العياشي – ماريا – حليم – الشرقي – بندريس}. واعتمادا على المنطق نفسه، يمكن أن نختزل مكون الشخصيات في شخصية سلبية واحدة، محكومة بتقابل من نوع آخر. تقابل بين مكون الشخصيات ومكون الفضاء. في هذا المستوى يمثل الفضاء شخصية مضادة تتحكم في بناء الشخصيات ونموها وتطورها، وتساهم في تعميق دلالات وأبعاد الحكاية الفيلمية. من هذا المنظور نعتبر مكون الفضاء جوهريا في البناء الفيلمي، ونعطيه الأولوية مقارنة مع باقي المكونات، ونعتمده زاوية مثلى لمقاربتنا التحليلية. (3) لدراسة مكون الفضاء في فيلم "جرادة مالحة" نميز بين نوعين من الفضاءات: – فضاء فيلمي، ويتمثل في الآليات التي تم بها البناء الفيلمي من تأطير والتحام مقطعي، وزوايا نظر وعلاقات تخاطبية. – فضاء حكائي، ونقصد به الفضاءات التي تحتضن الأحداث والشخصيات ومجريات الحكاية؛ وكيفية تحققها وبنائها ووظائفها السردية والحكائية والدلالية. أي أننا لا نتعامل مع هذا الفضاء كوعاء أو كمكون مكمل أو مفسر لغيره من المكونات؛ وإنما باعتباره مكونا جوهريا وحاسما في البناء. ننطلق في البداية من دراسة الفضاء الفيلمي، ولغته الفيلمية، وذلك من خلال تفكيكه إلى مكوناته المقطعية، والوقوف عند اللقطات والتأطيرات والعلاقات التركيبية والتداولية، اعتمادا على قراءة خاصة للمعطيات الإحصائية الناجمة عن التفكيك. 1- يمتد الفيلم 125 دقيقة، ويتكون من 66 مقطعا وما يناهز 970 لقطة وتأطيرا. وتتنوع المقاطع من حيث عدد لقطاتها، بين: – مقاطع تتراوح بين لقطتين وعشر لقطات (29 مقطعا)؛ – مقاطع تتشكل من 11 إلى 20 لقطة (19 مقطعا)؛ – مقاطع كثيرة اللقطات (17 مقطعا)؛ – أما المقاطع – اللقطات المستقلة، فلم تتجاوز مقطعا واحدا. في حين كانت اللقطات – المقاطع المدمجة نادرة الوجود. من هذه المعطيات يتبين أن الطبيعة المقطعية للفيلم ذات وظيفة حكائية بالدرجة الأولي. أي أنها تهتم أساسا بسرد الأحداث وحركة الشخصيات، وتسريع الإيقاع. 2- انسجاما مع وظيفة الحكي، نميز بين نوعين متداخلين من المقاطع، يتواتران بنفس الحضور تقريبا: – مقاطع حوارية تصل إلى 30 مقطعا، قامت على التناظر الحقلي وتحققت، في الغالب، في شكل حوارات ثنائية (رانيا/ شخصية ثانوية). واختلف إيقاعها بين الهدوء والحدة، حسب توتر المحتوى والمواقف. – مقاطع وصفية تبلغ 38 مقطعا، ارتبطت في مجملها بوصف الفضاءات، وسرد الأحداث وحركة الأشياء والشخصيات (الهروب – المطاردة، مثلا..) بإيقاع متنوع، يتأرجح بين الانخفاض والارتفاع. أما الحضور النادر للمقاطع – اللقطات، فيرجع إلى الاختيار الجمالي للفيلم، الذي يغلب جانب الحكي على الجانب التشكيلي المحض والبطيء والخالي من الأحداث. 3- اختلفت المقاطع، أيضا، على مستوى التأطير، القائم بين أحجام اللقطات داخل كل مقطع. وتم الاختلاف في درجة الحضور بين أربعة أنواع: – مقاطع ذات إطارات جزئية تركز على التفاصيل الصغرى، وعلى ملامح وأجزاء الشخصيات في المقطع ككل، وقد بلغت 32 مقطعا؛ – مقاطع ذات إطارات كلية لا تهتم إلا بالفضاء سواء كان ممتدا أو مأهولا، وهي نادرة جدا، لم تتجاوز مقطعين؛ – مقاطع تنتقل من الجزئي إلى الكلي (17 مقطعا)، وتنتقل من تأطيرات مقربة أو مكبرة، فيها تأطيرات عامة؛ – مقاطع تنطلق من الكلي إلى الجزئي (15 مقطعا)، تموضع الشخصيات وحركاتها داخل الفضاء. من هذه التحققات تتبين هيمنة التأطير الجزئي المرتبط، في الغالب، بأجزاء الشخصيات والأشياء والفضاءات، في مقاطعها الحوارية أو الوصفية. مما يقوي خارج الحقل الذي يعمق العلاقة بين الشخصيات والفضاءات؛ في حين يأتي التأطير الكلي بدرجة أقل، ليعطي للحكاية امتدادها الفضائي في عمق الحقل، ولا نهائيتها في خارج الحقل. هنا أيضا تسود الغاية الحكائية. 4- تنوعت، أيضا، الأدوات الرابطة بين اللقطات المستعملة في الفيلم لتحقيق التحامه. وقد تمثلت في تقنية القطع (65 مقطعا)، والموسيقى (21 مقطعا)، والحوار (14 مقطعا)، وحركة الكاميرا (5 مقاطع)، والربط بالسواد في مقطع واحد. وإذا كان القطع هو التقنية المتحكمة في الربط على امتداد الفيلم، خدمة للحكي وانسيابيته وتسلسله انسجاما مع الغاية الحكائية، فإن الباقي مجرد أدوات مساعدة للربط بين الدلالات (الحوار) وتعميق الانفعالات (الموسيقى)، والعلاقة داخل اللقطات (حركة الكاميرا). هكذا يتشكل الالتحام المقطعي سرديا ودلاليا، خدمة للغاية الحكائية. 5- على مستوى زوايا النظر، وتموقع المتلقي، وقفنا عند مؤشرين: – مواقع الكاميرا: ونميز فيه بين موقع أفقي تكون فيه الكاميرا في مستوى المنظور، وقد ساد في 65 مقطعا؛ وموقع صاعد تكون فيه الكاميرا أسفل المنظور، وقد تحقق في 8 مقاطع؛ وموقع نازل يوجد أعلى من المنظور، وتحقق في 5 مقاطع. تحقق الموقعان الأخيران في إطار العلاقة البصرية بين مواقع الشخصيات في حالات محدودة. – حركة الكاميرا، وتختلف بين الثبات (64 مقطعا)، والحركة الماسحة (9 مقاطع) والحركة السائرة (6 مقاطع)، فضلا عن الحركة الدائرية في المقطع الأخير من الفيلم. علما أن الحركتين الماسحة والسائرة مرتبطتان بوظائف سردية، كمصاحبة حركة الشخصيات أو الربط بين الفضاءات أو التاطير التركيبي بين اللقطات. – من خلال هيمنة الموقع الأفقي، وحركة الثبات يحتل المتلقي موقعا متميزا يمكنه من تتبع الحكاية الفيلمية في يسر وانسيابية، دون اضطراب أو تشويش. 6- نصل إلى العلاقة التخاطبية بين المتلقي والسارد (علاقة خارجية)، وبين المتلقي والشخصيات (علاقة داخلية). نسجل في هذا المستوى هيمنة العلاقة الخارجية بكيفية مطلقة على امتداد الفيلم سمعيا وبصريا على جميع المستويات (تأطير – موسيقى – التحام – زوايا النظر)؛ في حين لا تتم العلاقة بين المتلقي والشخصيات إلا سمعيا، أي من خلال الحوارات. وقد أدت هيمنة السارد على العلاقة التخاطبية إلى خلق مسافة بين المتلقي والشخصيات، تمنع من تحقيق التماهي والانخراط بعيدا عن رقابة السارد. من كل ما تقدم، نستخلص الاختيارات الجمالية المتحكمة في آليات البناء الفيلمي، في وجود بنية مقطعية موجهة، أساسا، للحكي كهدف أسلوبي، يحقق انسجامه من التفاعل بين مقاطع حوارية وبين مقاطع وصفية، ويتحكم فيه التأطير الجزئي المرتبط أساسا بالتفاصيل والأبعاد النفسية للشخصيات. تحقق هذه البنية التحامها من خلال عدة أدوات تسود فيها تقنية القطع بكيفية مطلقة، ويتخذ فيها المتلقي موقعا متميزا يتسم بالثبات والأفقية والانسيابية في استقبال الحكاية الفيلمية، دونما حاجة إلى التفاعل أو التماهي مع شخصيات الحكاية، ما دامت العلاقة التخاطبية، بينه وبين السارد، محكومة بالغاية الحكائية فقط، ولا تتطلب منه أن ينفعل أو يتابع من موقعه المتميز. نحن إذن أمام بنية فيلمية يتحكم فيها السارد، مستخدما كل أدواته للوصول إلى إنجاز حكايته الفيلمية. (4) بعد دراسة الأليات التي تشكل الفضاء الفيلمي، كفضاء ثاني البعد، يمتد عبر التاطير إلى عمق الحقل وخارج الحقل، نقف عند الفضاء الحكائي؛ ونقصد به الفضاء الذي تتحرك خلاله شخصيات وكائنات الحكاية، والذي يتم تشكيلها بصريا بما قدمناه من آليات وأدوات. من هذا المنظور، سندرس الفضاءات الحكائية انطلاقا من تحققها المقطعي. وبعد عمليات التفكيك، والتعرف على طبيعة الفضاءات، نعيد تنظيمها في أربعة أنواع، تختلف تحققاتها ودلالاتها ووظائفها. فضاءات داخلية: ونجردها حسب أهمية حضورها ووظيفتها في ما يلي: – فضاء البيت، حيث تسكن الشخصية المحورية، ويتشكل من مجموعة من الأجزاء [بيت النوم – الدرج – الفناء – قاعة الأكل – الطابق الأعلى – المدخل – الطابق السفلي]، والتي تحققت جميعها في 23 مقطعا {-2 – 3- 4 – 5 – 6 – 7 – 8- 10- 11 – 12- 21 – 22 – 23 – 24 – 25 – 26 – 28 – 30 – 31 – 32 – 34 – 43 – 44}. وهذا يمثل ثلث البنية المقطعية للفيلم. مما يجعله فضاء أساس، يساهم في بناء الشخصية، ويخلق لديها الإحساس بالاختناق، ويقوي لديها الرغبة في الهروب. إنها فضاء الحصار. – غرفة المراقبة وشاشاتها المتعددة، وهي فضاء ثانوي يحمل دلالة التضييق والتلصص والحصار، وتفريغ المكبوت (حالة العياشي)، وقد تواترت في 6 مقاطع {27 – 34 – 44 – 54 – 55 – 57}. فضاء الملهى الليلي، يتكون من عدة أجزاء [مدخل – ممر – ملهى – غرفة الماكياج – منصة الغناء – مشرب – مرقص]. فضاء ثانوي يتحقق في 5 مقاطع {16 – 17- 18 – 47 – 49}، ويمثل تجسيدا للضياع وامتدادا للحصار. – داخل المركز، فضاء ثانوي يتحقق في 5 مقاطع، {48 – 56 – 60 – 62 – 63}، ويمثل بدوره الهيمنة والتسلط، ويقوي الإحساس بالحصار. – بيت حليم، يتحقق في 3 مقاطع {52 – 60 – 64}، فضاء ثانوي يوحي بالأمان وبالتحرر، غير أنه يشكل تحولا وتجميعا لمختلف أمكنة الحصار. – فضلا عن هذا، تشكل المقهى في المقطعين {14 – 35} فضاء عابرا يؤدي، بدوره، وظيفة المراقبة والتتبع خدمة للحصار. فضاءات خارجية: في المقابل توجد فضاءات خارجية، نرصد تحققها ووظيفتها، في ما يلي: – فضاء الغابة: وهو فضاء أساس شديد الحضور، كفضاء للأحداث (المطاردة)، وكامتداد في عمق الحقل. وقد تحقق في 12 مقطعا {1- 9- 33- 36- 37- 40- 41 – 42- 53- 58- 59- 65}. يمثل هذا الفضاء في تأطيراته الجزئية أو الكلية مجالا محدودا للحركة، ونهاية للعالم. وهذا يعمق الإحساس بالضياع والحصار. – خارج البيت، فضاء ثانوي يتحقق في 5 مقاطع، {28 – 29 – 32 – 45 – 54}، ويشكل امتدادا يضفي على الفضاء الداخلي للبيت غموضه وغرابته. – محطة الوقود، {14 – 35 – 36 – 37}، فضاء عابر وظيفته تعزيز الرقابة، كما هو الشأن بالنسبة لفضاء المقهى المقابل. – مركز العمليات الجراحية، فضاء عابر، يتحقق في 3 مقاطع {39 – 53 – 63}، ويقوم بالكشف عن بعض الغموض المحيط بالحكاية الفيلمية، وتعميق المخاوف لدى المتلقي. فضاءات عتبة: تقوم سرديا بالربط بين الفضاءات الثابتة، وتساهم في تطور دلالاتها. – الطريق: يتحقق هذا الفضاء في 11 مقطعا {13 – 15 – 19 – 20 – 33 – 40 – 51 – 53 – 59 – 63 – 65}، وهو فضاء ثانوي يربط عبر حركة الشخصيات والموجودات (سيارات – دراجة) بين الفضاءات الأساس (البيت – الغابة)، كما يربط بين الفضاءات الثانوية (المقهى – محطة الوقود – الحانة..)، ويشكل أداة لبناء الفضاء المحكي برمته. – حاجز الدرك: يشكل بدوره فضاء عابرا، يتحقق في خمسة مقاطع {9 – 13 – 15 – 19 – 46}، يمتزج بالليل ليقوي الإحساس بالحصار، وامتداد فعل المراقبة. – فضاء النافذة: وهو فضاء عابر، يتحقق في 4 مقاطع {3 – 4 – 12 – 30}، ويربط بين داخل البيت وبين الساحة، ويساهم، أحيانا، في تغيير زاوية النظر (صاعد/ نازل)، فضلا عن الرغبة في الانعتاق. – فضلا عن ذلك، نجد عددا من الفضاءات العتبة العابرة {السيارة – الدرج – مطار – طائرة – دراجة} وهي كلها تساهم في الربط بين الفضاءات الثابتة، وتعطي للفيلم والمتلقي الإحساس بالانطلاق نحو عوالم مأمولة، لكنها تنتهي إلى اللامكان. 4- فضاء الذاكرة: وهو فضاء مجرد، يجمع ما تختزنه ذاكرة رانيا، التي تطفو على سطح الشاشة في لقطات سريعة متقطعة ضمن 5 مقاطع {48 – 52 – 55 – 57 – 66}. تمثل الذاكرة فضاء للمقاومة، ومواجهة كل عمليات التدمير التي تمارس على الشخصية المحورية. بهذا يمكن اعتبار الذاكرة فضاء أساس مضادا لكل الفضاءات الثابتة أو العتبة؛ بل إنه الفضاء البؤرة التي تجتمع داخله كل خيوط الحكاية. إنه فضاء الأمل والتحرر والانتصار. من خلال كل ما تقدم حول الفضاء الحكائي يتبين أنه يقوم على أساس مجموعة من التقابلات الجوهرية التي تعطيه قوته وتماسكه ووظيفته الدلالية والسردية، والتي تجعل منه ليس مجرد وعاء للأحداث والشخصيات والديكورات؛ بل إنه المولد الأساس والفاعل الحاسم في بناء الحكاية الفيلمية. من هذه التقابلات: – الحصار/ المقاومة، وتتجسد في الصراع المحتد بين الفضاءات الثابتة الداخلية والخارجية والعتبة، وبين فضاء الذاكرة. – الانفصال/ الاتصال، تنفصل الفضاءات على مستوى البنية السطحية، ثم تتصل على مستوى العمق بفضل الفضاءات العتبة، لتأخذ الفضاءات وحدتها الشاملة. – الاتساع / الضيق، يتحقق هذا التقابل من خلال التفاعل بين فضاءات تتسع ممتدة في الأفق منفتحة على عمق الحقل، ثم تضيق وتضيق إلى أن تختزل في شذرات صور في الذاكرة. هكذا يتبين من خلال قراءتنا للفضاء الفيلمي والحكائي في فيلم "جرادة مالحة"، بعد عزله عن باقي المكونات، ورصدنا لبنيته ووظائفه الدلالية والسردية والحكائية، أننا أمام تجربة إبداعية خاصة، يشكل الفضاء عمودها الفقري الأساس. بل يمكن اعتبار الفضاء شخصية محورية مضادة بدونها لا يستقيم الحكي ولا تقوم الحكاية.