وجهت وزارة الشباب والثقافة والتواصل إنذارا قضائيا إلى شركة الألبسة الرياضية العالمية "أديداس"، بخصوص الاستيلاء الثقافي على التراث المغربي في تصميم "قميص الإحماءات" الخاص بالمنتخب الجزائري لكرة القدم. وأعلن الاتحاد الجزائري لكرة القدم، قبيل أيام، عن قميص "منتخب الخضر" المستوحى من "الزليج المغربي"، الذي يعكس التنوع الحضاري للمملكة في ما يتعلق بالزخرفة المعمارية الفريدة التي تختلف عن نظيراتها بدول الجوار. وأفادت مصادر هسبريس بأن وزارة الشباب والثقافة والتواصل عقدت اجتماعاً مع عدد من الخبراء القانونيين والمتخصصين، من أجل تدارس أبعاد القضية التي أثارت جدلاً واسعا بمواقع التواصل الاجتماعي. ونشرت صفحة "Twitter" لشركة "Adidas Mena"، في 23 شتنبر الجاري، صورة للقميص الجديد لفريق كرة القدم الجزائري، بدعوى أن تصميم هذا القميص الجديد مستوحى من الأنماط الموجودة في "قصر المشور بتلمسان". وتابعت مصادرنا بأن الاجتماع خلص إلى كون تصرف الشركة العالمية يعد "استيلاءً" على الثقافة المغربية، لاسيما أن "الزليج" يعتبر مكوناً تراثياً خاصاً بالمملكة؛ الأمر الذي دفع الوزارة إلى توجيه إنذار قضائي للشركة عينها عن طريق محاميها. وانتقدت الرسالة الموجهة إلى الشركة "الاستغلال الاقتصادي للعناصر الثقافية الخاصة بالتراث المغربي، عبر نسخ التصاميم دون التمعن في تاريخها وأهميتها الهوياتية"، مشيرة إلى أن "إسناد مكون ثقافي مغربي إلى بلد آخر يعد تدخلا سياسيا غير مبرر، ومحاولة للسطو على العناصر الثقافية للمجتمع". وفي هذا السياق، قال مراد العجوطي، محامي الوزارة سالفة الذكر في القضية، إن "الوزارة نبهت الشركة إلى أن هذا الفعل يمسّ مشاعر المواطنين المغاربة بخصوص بلدهم، ولفتت انتباهها إلى الحجج القانونية والوثائق التاريخية التي تحوزها حول هذا العنصر الثقافي". وأضاف العجوطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أنه توصل بملف موكلته (وزارة الثقافة) الذي يتضمن العديد من عناصر فن "الزليج المغربي" المستخدمة في التصميم الجديد، معتبرا ذلك "محاولة واضحة للاستيلاء الثقافي من خلال العلامة التجارية". واستطرد المحامي بهيئة الدارالبيضاء شارحاً: "ظهرت لأول مرة فسيفساء قطع الخزف الملون في المغرب خلال القرن العاشر، والنماذج الموجودة في قصر المشور بتلمسان مستوحاة من المغرب، حيث شوهدت لأول مرة في المدرسة البوعنانية بفاس ومدرسة الزاوية شالة". وأبرز المتحدث ذاته أن هذه المعلومات بالإمكان تفقدها في مقال علمي بعنوان: "قصر المشوار (تلمسان، الجزائر)؛ ألوان الزليج وتصميمات زخارف القرن الرابع عشر"، وهو منشور بمجلة "ArcheoSciences"، عدد 2019/2 (رقم 43-2). وأردف العجوطي بأن "الأنماط المستخدمة في تصميم القميص الخاص بكرة القدم مستوحاة من الأنماط الموجودة في المعالم الأثرية لمدينة فاس وموقع شالة، المدرجين في قائمة التراث العالمي لليونسكو عامي 1981 و1985، على اعتبار أن قائمة التراث العالمي تحتوي على جميع السمات المعمارية والعمرانية"، ولفت إلى أن "المدينة القديمة لفاس تعتبر محمية بنصوص تشريعية وطنية تهدف إلى حمايتها على المستوى المحلي، عن طريق إدراجها في قائمة التراث العالمي"، مبرزا أن "موقع شالة، وهو مقبرة مرينية، يعد أحد مواقع مدينة الرباط المدرجة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي كأصل ثقافي". بذلك، انتقد المحامي ذاته استخدام أحد أشكال التعبير الثقافي التقليدي المغربي خارج سياقها في التصميم الجديد لقميص المنتخب الجزائري لكرة القدم، مورداً أن "الشركة تجاهلت الأهمية الثقافية للزليج المغربي، وذلك بتحريفها لأصله، ما تسبب في إلحاق ضرر جسيم بأصحاب الحقوق"، وأردف بأن الوزارة "أنذرت الشركة بضرورة سحب القمصان الرياضية المشار إليها في غضون 15 يوماً من استلام الرسالة، أو نشر بيان صحافي يبين أن التصاميم المستعملة في هاته القمصان الرياضية مستوحاة من فن الزليج المغربي، وتخصيص جزء من الأرباح للحرفيين المغاربة أصحاب الحقوق". وخلص العجوطي إلى أن "وزارة الثقافة المغربية تحتفظ بحقها في استخدام كل المساطر القانونية المتاحة أمام المحاكم الألمانية والدولية، وكذلك أمام المنظمات المتعلقة بحماية التراث وحقوق الملكية الفكرية؛ مثل اليونسكو والمنظمة العالمية لحماية الملكية الفكرية، من أجل حماية عناصر التراث الثقافي المغربي من محاولات الاستحواذ الثقافي غير المشروعة".