وسائل الإعلام المحلية تستخدم أقصر الطرق للوصول إلى الشهرة عبر تغطية الأحداث الكبيرة التي تحدث في بلدها. لاشك أن المتابع للعدوان الإسرائيلي الحالي على قطاع غزة عبر الفضائيات العربية الكثيرة التي تنقل الأحداث، سيلاحظ للمرة الأولى وجود شعار "رامتان" في الجهة اليسرى من الشاشة. "" وقد يتساءل البعض عن هوية تلك الوكالة المحلية التي وحّدت الشاشات العربية عبر بثها المتواصل وتوثيقها الحي لجميع المجازة الإسرائيلية في غزة، لتغدو مصدرا هاما لأغلب وسائل الإعلام العربية والدولية. ورامتان التي تتبنى شعار "للحقيقة مسار واحد" تعبّر عن نفسها من خلال موقعها الإلكتروني بأنها "أكبر وكالة أنباء وشركة إنتاج تلفزيوني فلسطينية." ويقول مدير قسم الإنتاج في الوكالة عبد السلام شحادة: "إننا عادة ما نضع كل إمكاناتنا البشرية والمادية في خدمة الحدث ونقل الحقيقة، ولذلك لا تجد المحطات التلفزيونية بدّا من استخدام خدماتنا والاعتماد على صورنا التي يتم تجميعها أولا بأول وعلى مدار الساعة." ويضيف: "نحن نعمل على إرساء أسس لصحافة حرة مستقلة وأمينة. ولهذا فنحن سعداء أن هذه الفلسفة قد ظهرت للجمهور قبل أن تصل إلى بعض صناع القرار في الدول والشركات الإعلامية الكبيرة." وتمتلك القناة موقعا إلكترونيا باللغتين العربية والإنكليزية ولديها مكاتب في عدد من الدول العربية، إضافة إلى مكتبين في نيويورك وواشنطن، حيث تقدم خدمات إخبارية لعدد من وسائل الإعلام العربية والدولية، إضافة إلى امتلاكها لفضائيتين على قمري عربسات ويوتل سات. وتتعرض رامتان للمضايقات من قبل جنود الاحتلال الإسرائيلي وبعض الدول العربية، إضافة إلى استشهاد عدد من مرسليها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة وتهديد الطائرات الإسرائيلية بقصف برج شوا الذي يحوي مكاتب للوكالة، فضلا عن منعها مؤخرا من إدخال معدات وأجهزة حديثة عبر معبر رفح لتغطية العدوان الإسرائيلي على غزة. ويقول شحادة: "خلال الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية وتحديدا لمدينة رام الله عام 2002، كانت وكالة رامتان هي العين الساهرة على نقل الأحداث لمعظم المحطات الأجنبية وبعض المحطات العربية (....) وتعرّض في حينه موظفونا إلى إطلاق النار وأصيبت معداتنا إصابات مباشرة. واقتحمت مكاتبنا في الطابقين الخامس والرابع من قبل قوات الاحتلال، وصودرت بعض الأشرطة التي صوّرت عملية الاقتحام." ويضيف: "أريد أن أشير أن استوديوهاتنا جميعها تحمل أسماء شهداء الكلمة الحرة والصحافة المستقلة، وقد أطلقنا أسماء صحفيين فلسطينيين استشهدوا أثناء تأدية واجبهم المهني على استوديوهاتنا مثل: نزيه دروزة وعلي قعدان وفضل شناعة الذي اغتيل أخيرا وكان يعمل في وكالة رويترز." وتشيد عدد من وسائل الإعلام العربية والدولية بالدور الكبير الذي تقوم به وكالة رمتان في تغطية الأحداث الفلسطينية وخاصة أحداث غزة الحالية، في حين يرى البعض أن الوكالة التي يقارب عمرها 10 أعوام استغلت الأحداث الأخيرة لتتحول من وكالة محلية وشركة إنتاج للأفلام الوثائقية إلى وكالة دولية ومصدر رئيس للأحداث في الشرق الأوسط. ويقول الإعلامي عبد الكريم العفنان إن الأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط شكلت مادة دسمة لبعض وسائل الإعلام المحلية التي ضاعفت من تغطيتها المستمرة مستغلة الموقع الجغرافي القريب من الحدث، لتروّج لنفسها كمصدر أساسي لمعظم وسائل الإعلام العربية والدولية. ويضيف "إذا كانت فضائيات كبيرة كالجزيرة والعربية استغلت أحداث هامة كالغزو الأميركي للعراق عام 2003 وحرب تموز عام 2006 (بالنسبة للجزيرة)، وأزمة نهر البارد في لبنان عام 2007 (بالنسبة للعربية) لتروج لنفسها كمصدر أساسي -ووحيد في بعض الأحيان- لا بديل عنه لوكالات الأنباء الدولية، فإن فضائيات ووكالات أنباء محلية فعلت ذات الشيء، مستغلة أحداث محلية أخذت بعدا عالميا." ويؤكد العفنان أن بروز وكالة رامتان كمصدر أساسي لأحداث غزة هو أمر طبيعي كون الوكالة موجودة في أرض الحدث ولها مراسلون منتشرون في قطاع غزة، مما يتيح لها تغطية شاملة لجميع الأحداث بشكل مباشر على الأرض. ويضيف: "خلال العام الماضي برزت بعض وسائل الإعلام السورية في تغطيتها الاستثنائية لمعظم الأحداث، حيث تميز موقع سيريا نيوز بتغطيته للغارة الأميركية على حي السكرية شرق سوريا، من خلال عرضه لشريط فيديو يوثق العملية تناقلته بعض وسائل الإعلام العربية والدولية، فضلا عن نشره صورا للسيارة المفخخة التي أودت بحياة القيادي في حزب الله عماد مغنية، فيما أصبحت قناة الدنيا الخاصة –رغم عمرها القصير- مصدرا هاما للأحداث المتعلقة بسوريا بعد بثها لشريط مصور عن العملية الإرهابية التي نُسبت إلى تنظيم فتح الإسلام في منطقة القزاز بدمشق." من جانبه يشير الفنان سميح شقير إلى أن ما تقوم به وكالة رامتان يعد شكلا من أشكال المقاومة، لا يقل أهمية عن المقاومة التي تبديها حركة حماس وبعض الفصائل الفلسطينية ضد العدو الإسرائيلي. ويضيف: "هذا يشابه إلى حد كبير ما قامت به قناة المنار التابعة للمقاومة اللبنانية خلال حرب تموز عام 2006، حيث كانت أحد المصادر الهامة للحدث، رغم الإمكانيات الإعلامية المتقدمة للعدو الإسرائيلي ومحاولته تدمير القناة لعدة مرات. وأعتقد أن هذه الوسائل الإعلامية لديها إحساس خاص كونها في قلب الحدث وهي تعتبر إعلاما في الخندق الأول المواجه للعدو."