تتواصل مشاكل فئات واسعة من المغاربة مع تأشيرات دخول التراب الفرنسي في التراكم منذ ما يقرب السنتين، حيث لم تتضح شروط المنح من الرفض كما يبقي الوضع الراهن فئات عديدة حبيسة انتظار طويل المدة لا يجدي أحيانا. وترفض فرنسا منح التأشيرة لراغبين في دخول تراب البلد، من بينهم أطباء ومهندسون وكذلك فنانون، حيث اضطر فنان الراب المغربي "طوطو" إلى إلغاء جولة فنية له في فرنسا، بعد رفض القنصلية منحه التأشيرة. وفي مقالة رأي نشرها على موقع صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية، أعرب الرئيس السابق فرانسوا هولاند عن أسفه من سياسة بلاده الخاصة بتقليص شديد للتأشيرات الممنوحة لمواطني الدول المغاربية ودعا إلى إحياء شراكة مربحة للطرفين مع هذه المنطقة التي اعتبر أن لفرنسا "مصيرا مشتركا معها مما يفرض عليها وعلى أوروبا الالتفات نحوها والاهتمام بالتحديات التي تواجهها خاصة في مثل هذا الوقت المضطرب دوليا". وحسب معطيات صادرة عن وزارة الداخلية الفرنسية، فقد حصل المغاربة سنة 2020 على أكثر من 98 ألف تأشيرة دخول إلى فرنسا، مقابل 346 ألفا سنة 2019، وحوالي 303 آلاف سنة 2018، و295 ألفا سنة 2017. فاطمة التامني، النائبة عن تحالف فيدرالية اليسار، قالت، في سؤال برلماني، إن العديد من المغاربة يحرمون من "فيزا" فرنسا دون مبررات معقولة، مع العلم أن القنصلية تستخلص واجبات التأشيرة. وأضافت التامني، ضمن سؤالها الموجه إلى ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، أن فرنسا تتجه نحو تقليص أعداد "الفيزا" الممنوحة؛ وهو منطق يلفه الكثير من الضبابية، خصوصا أمام تحصيل الرسوم ومبالغ ضخمة دون معالجة الملفات المطروحة. ولاحظت النائبة البرلمانية اليسارية أن بعض مواعيد طلبات المتمدرسين تمتد إلى غاية شهر شتنبر، متسائلة عن إجراءات وقف "الإهانات" التي يتعرض لها طالبو "الفيزا"، فضلا عن تقديمها للطلبة في آجال معقولة لتفادي تأخرهم عن الدراسة. وفي شتنبر من عام 2021، أعلنت باريس أنها ستخفض عدد التأشيرات الممنوحة للمواطنين الجزائريين والمغاربة بنسبة 50 في المائة وللتونسيين بنسبة 30 في المائة، بسبب "رفض" هذه البلدان المغاربية الثلاثة إعادة مواطنيها الذين هم في وضع غير نظامي. وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "لوموند" عن القنصلية العامة لفرنسا في الرباط أن "الحوار مستمر مع المغرب حول مسائل الهجرة"؛ لكنها لم ترد أن توضح بالتفصيل كيف شرعت باريس في رفض طلبات التأشيرة. مصطفى الطوسة، الخبير السياسي المقيم بفرنسا، اعتبر الإشكالية مغاربية ولها أبعاد سياسية ودبلوماسية؛ لكنها غير مطروحة على مستوى الإعلام الفرنسي، وبالتالي يتم التصرف وكأن المشكل غير موجود. وأضاف الطوسة، في تصريح لهسبريس، أن المشكل لا يطرح كذلك كعنصر يمكن أن يغير طبيعة العلاقات بين فرنسا والبلدان المغاربية، ومغزى هذا الكلام هو أن القيادة الفرنسية اتخذت القرار وأبقت عليه على المستوى الدبلوماسي فقط. وأوضح المحلل السياسي أن القرار جاء تفاعلا مع عدم استرجاع هذه البلدان مواطنيها المقيمين في فرنسا بشكل غير قانوني، مؤكدا أن الإبقاء على هذه السياسة خلال فترة ولاية ماكرون الثانية تثبت غياب أي تحركات دبلوماسية أو إعلامية لتحقيق التغيير. ومن أجل التراجع عن القرار، قال الطوسة إن وصوله إلى الإعلام الفرنسي أمر ضروري، وتبيان أن الأمر يتضمن خسارة جماعية بفقدان فرنسا جودة العلاقة مع المجتمعات وكذا فقدان البلدان المغاربية منفذا أوروبيا.