قال مواطن أمريكي، يدعى "ريتشارد ليون"، بخصوص قضية رفعها أمام محكمة أمريكية، إن برنامج وكالة الأمن القومي المثير للجدل، المتعلق بتتبع سجلات هواتف المواطنين، ينتهك البند الرابع للدستور الأمريكي حول "عمليات التفتيش غير المعقولة". ويتوقع الكثيرون أن ساعة النطق بالحكم حين ستقترب، سيتضح أن هناك برامج أكثر من مجرد مراقبة الهواتف، وسيتضح أيضا ما إذا كان الأمريكيون يتمتعون بأي حماية دستورية حقيقة فيما يتعلق بمراقبة الحكومة لخصوصياتهم في هذا العصر، عصر المعلومات بامتياز. ولمدة خمس سنوات، سجلت قاعدة البيانات الضخمة "إن إس إي" أوقات وتواريخ ومدد والأرقام المطلوبة لكل مكالمة أجريت في الولاياتالمتحدةالأمريكية، على أساس القسم 215 من قانون "باترويت"، الذي يخول للحكومة الحصول على أي سجلات يعتقد بشكل معقول أنها ذات مصلحة في تحقيق تجريه المخابرات. وتعتمد تلك السلطة نفسها على ما يسمى بعقد الطرف الثالث، والذي يقول بأن التسجيلات تدخل أيضا شركة الاتصالات في الخط، والتي انتهكت حقوق الزبائن وخصوصياتهم، وهي ليست محمية بذلك القانون". البرنامج، الذي تم على أساسه التنصت على مكالمات المواطنين قصد "صيد" المجرمين عبر المكالمات المشبوهة، ووصل إلى مليارات السجلات من الاتصالات، ليس إلا قراءة خاطئة للبند الرابع من الدستور، تعود إلى عام 1979، حين حكمت المحكمة العليا على أحد المجرمين بدليل المكالمات الهاتفية التي سجلتها الشرطة الأمريكية. وبذلك شرعت المحكمة عمل الشرطة، وكانت عن غير قصد ضربة قاضية ضد خصوصية المواطن الأمريكي. وعلى نفس النهج، وبالتعاون مع شركة الهواتف، تتبعت الشرطة سلسلة من المكالمات الهاتفية الفاحشة بين "مايكل لي سميث"، وامرأة كان قد سرقها في وقت سابق. وبعد رفعهم للدعوة، حاول "سميث" نقضها على أساس أن الشرطة أجرت عملية بحث غير مشروعة، مبنية على التنصت، أو بالأحرى أقرب من التجسس، وعندها تفجرت القضية أمام الرأي العام الأمريكي. كميات مهولة من المعلومات حول كل واحد منا الآن، مخزنة في قواعد بيانات رقمية، إلى أجل غير مسمى، والعدد في تزايد مستمر، بمساعدة "الطرف الثالث"، وهو شركات الاتصالات أو التأمينات أو غيرها، من التي يودع لديها الزبون أسراره. كل مرة تقوم فيها بشراء سلعة وتأدية الثمن عبر بطاقة الائتمان، وتحمل هاتفك النقال للاتصال بصديق، أو ترسل رسالة عبر بريدك الالكتروني، أو تقرأ موقعا عبر شبكة الانترنيت، فإنك تترك وراءك العديد من البصمات، والتي إن اجتمعت، سترسم صورة حياتك الحميمية بشكل مفزع. أما البديل، في المقابل، فهو عالم آخر حيث البند الرابع من الدستور الأمريكي يمنع الشرطة من اقتحام منزلك، ويحميك من تجسس الأمن على خصوصياتك، ويترك مساحة محترمة بين شركائنا الرقميين، وبين تحقيقات الحكومة. والحكم سيصدر هذه المرة في قضية "ريتشارد ليون" المواطن الأمريكي ضد الأمن القومي لبلاده.