تجربة صناعية رائدة تلك التي خرجت إلى أرض الواقع أمس الثلاثاء، عبر تدشين 225 مركبة كهربائية مخصصة حصريا لتحديث وتوسيع شبكة "مجموعة بريد المغرب" لتوزيع البريد والطرود. ووفقا لاتفاقية موقعة في أكتوبر 2020، فقد صممت هذه المركبات الكهربائية، صنف "Citroën Ami"، من طرف شركة "Stellantis" الواقع مصنعها بالقنيطرة، "لتلائم خصيصا الاحتياجات اليومية للتوزيع. وتتوفر هذه المركبات على استقلالية تصل إلى 75 كيلومترا، في حين لا تتعدى المدة اللازمة لشحنها بالكامل 3 ساعات"، حسب معطيات كشف عنها خلال حفل الإطلاق. وزير الصناعة والتجارة، رياض مزور، قال على هامش هذا الحدث إن المغرب "يتقدم بثبات على مسار الانتقال الطاقي" بفضل الدفعة القوية التي أعطاها الملك محمد السادس للطاقات النظيفة، و"لا أدل على ذلك من هذا التعاون المثمر بين مجموعة ستيلانتيس وبريد المغرب، الذي تولدت عنه مركبات كهربائية مصنعة محليا، وهو ما يؤكد الإرادة المشتركة للفاعلين من القطاعين العام والخاص لدعم تطور التنقل الكهربائي بالمغرب وجعله من الحلقات القوية للصناعة الوطنية". وأضاف مزور أن هذا الاختيار يندرج ضمن مقاربة للمسؤولية البيئية تستجيب للاهتمامات الدولية الناتجة عن التغيرات المناخية، التي "تضعها الصناعة الوطنية المغربية في خدمة تحديث وتقريب الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين". في السياق ذاته، أكد مدير قطب الأنشطة البريدية في بريد المغرب، المسعودي عبد العظيم، أن اعتماد هذه المركبات الكهربائية يشكل "نقطة انطلاق نحو مرحلة جديدة، حيث ستمكن بريد المغرب من الاعتماد على وسائل نقل إيكولوجية من أجل المساهمة في تقليص انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الناتج عن النقل، وضمان حركية نظيفة ومستدامة"، لافتا إلى أن الإطلاق الرسمي لتشغيل هذه الوحدات هو "تجسيد للشراكة بين بريد المغرب وستيلانتس وسوبريام التي تدعمها وزارة الصناعة والتجارة". وأوضح المسؤول في مجموعة "بريد المغرب" أن هذه السيارة الكهربائية 100 في المائة، المصنوعة في المغرب بمصنع القنيطرة، بشكل حصري على الصعيد العالمي، تعتبر ثمرة تعاون بين الفرق المركزية والمغربية لمجموعة "Stellantis"، من حيث مسار سلسلة القيمة الخاصة بها، كتصميمها وهندستها ومشترياتها أو الإنتاج. يشار إلى أن استخدام هذه السيارات الكهربائية سيدخل حيز العمل ب 42 مدينة عبر جهات المملكة، في حين يخضع توزيعها على هذه الجهات لمعيار حجم توزيع البريد والطرود بكل مدينة. تعليقا على هذا المشروع ذي الأبعاد الإيكولوجية والاقتصادية والصناعية الواعدة، قال رشيد ساري، خبير اقتصادي: "هي خطوة تؤكد أن المغرب ماض على درب مشروع الاعتماد تدريجيا على الطاقات النظيفة"، مسجلا اعتماد المغرب على الطاقات المتجددة عبر استغلال محطتي "نور" للطاقة الشمسية ومزارع الطاقة الريحية، فضلا عن مشروع ضخم ل"الهيدورجين الأخضر" سيرى النور قريبا بالمملكة. وأضاف ساري، في تصريح لهسبريس، أن المغرب يتوفر حاليا وبشكل فعلي على نسبة استعمال للطاقة النظيفة تصل إلى 23 في المائة، في أفق الطموح المعلن عنه ببلوغ 52 في المائة عام 2030، مشيرا إلى أن "تجربة السيارات الكهربائية في قطاع البريد تعتبر رائدة وسابقة، يمكن أن تعمم بشكل كبير في القريب، على أمل أن تشمل مؤسسات أخرى، خصوصا إذا علمنا أن ذلك أصبح ضرورة قصوى لأن برامج الاتحاد الأوروبي، الشريك الاقتصادي الأول للمغرب، تلزم باللجوء إلى طاقات نظيفة بحلول 2025". هي خطوة "إيجابية وتجربة متميزة"، يشدد المحلل الاقتصادي المغربي، خالصا إلى أنها "إذا عممت ستسمح بالتخلص من إكراهات التوفر المستمر على الغاز والبترول ومشتقاتهما، كما ستجلب مزايا عديدة للاقتصاد المغربي"، أبرزها استعمال الطاقات النظيفة والحد من الانبعاثات الكربونية الملوثة، فضلا عن تخفيض تكلفة الفاتورة الطاقية بشكل كبير، بالإضافة إلى تحقيق إقلاع اقتصادي عبر تخفيض تكلفة استيراد المواد الطاقية التي اشتعلت أثمنتها بشكل غير مسبوق في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية.