نفت الجزائر، الجمعة، وقف المعاملات التجارية مع إسبانيا، وفق ما جاء في بيان صادر عن تمثيليتها لدى المؤسسات الأوروبية، وذلك بعد دخول المفوضية الأوروبية على خط القرار أحادي الجانب بتعليق معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا الموقعة بين البلدين منذ 2003. وجاء في البيان الذي نشرته صحيفة "إلباييس" الإسبانية أن "الإجراء المزعوم لحكومة الجزائر لوقف المعاملات التجارية مع شريك أوروبي (في إشارة إلى إسبانيا) موجود فقط في أذهان أولئك الذين سارعوا إلى وصمها بالعار". وانتقدت تمثيلية الجزائر في بروكسل ما وصفته ب"التسرع الذي ردت به المفوضية الأوروبية دون تشاور مسبق أو أي تحقق مع الحكومة الجزائرية بشأن تعليق الجزائر معاهدة سياسية ثنائية مع شريك أوروبي". وأشار المصدر ذاته إلى أن "تعليق الجزائر معاهدة الصداقة وحسن الجوار مع إسبانيا، ذات الطابع السياسي البحث، لن يؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على التزاماتها الواردة في اتفاقية الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي". وأضاف البيان، الذي يصحّح على الورق –على الأقل- وفق تعبير الصحيفة، الإعلان الذي صدر قبل أزيد من 48 ساعة، أنه "في ما يتعلق بتوريد الغاز إلى إسبانيا فإن الجزائر أوضحت ذلك بالفعل من خلال الجهة الأكثر موثوقية، وهو رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، الذي سيواصل الوفاء بجميع الالتزامات التي تم التعهد بها في هذا السياق". كما شدّد بيان تمثيلية قصر المرادية لدى المؤسسات الأوروبية على أن "الأمر متروك للشركات التجارية المعنية لتحمل جميع التزاماتها التعاقدية" مع الدولة الإيبيرية. وكان إعلان صادر عن الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية الجزائرية وجّه إلى البنوك الجزائرية، لإبلاغها بتجميد عمليات التوطين البنكي المتعلّقة بنشاطات التصدير والاستيراد من وإلى إسبانيا، اعتبارا من أول أمس الخميس، وهو الإعلان الذي حاولت الجزائر نفيه، خاصة بعد إظهار إسبانيا نية إدانة القرار أمام الاتحاد الأوروبي. واعتبرت مصادر دبلوماسية إسبانية أن المفاوضات التي أجراها خوسيه مانويل ألباريس مع المؤسسات الأوروبية هي التي دفعت تمثيلية الجزائر بها إلى إصدار البيان الأخير، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن إسبانيا تراقب كيف سيترجم هذا البيان إلى ممارسة فعلية، لاسيما أن التضييق على الواردات الإسبانية لم يكن افتراءً، كما جاء في البيان، بل واجهت شركات إسبانيا بالفعل مشاكل، الخميس، في تعاملاتها المالية من البنوك الجزائرية. وبالنسبة لتزويد إسبانيا بالغاز، يضيف المصدر ذاته، فرغم أنه لا وجود لأي تهديد مباشر بالتراجع عن الاتفاقية التي تربط شركتي "ناتورجي" الإسبانية و"صوناطراك" الجزائرية، فإن البيان الجزائري أقحم اسم عبد المجيد تبون للتأكيد على وفاء الجزائر بالتزاماتها تجاه إسبانيا في هذا الشّق. وكان وزير الخارجية الإسباني التقى، أمس الجمعة في بروكسل، نائب رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس السياسة التجارية، فالديس دومبروفسكيس. وأعربت اللجنة التنفيذية للمفوضية عن "قلقها البالغ" بشأن قرار الجزائر، وحذرت من أن قطع العلاقات التجارية مع إسبانيا "ينتهك" في جميع الاحتمالات اتفاقية الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والبلد المغاربي لعام 2005، ما يمكن أن يؤدي إلى الانتقام التجاري والاقتصادي من أوروبا. كما شدّد ألباريس على أن "الإجراء الجزائري ينتهك الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي".