عرف موضوع حجاب الرياضيات قبل سنوات، الكثير من الجدل بفعل الحظر الذي تبنته العديد من الاتحادات، بما فيهم الاتحاد الدولي لكرة القدم ''فيفا''، ليكون بذلك قرار منع الحجاب لدى الرياضيات واحد من الأسباب التي تعيق الممارسة لدى هذه الفئة، ليكون بذلك مصادرة صريحة لحرية المحجبات في الممارسة الرياضية خاصة، إذ سبق للاتحاد الدولي أن اتخذ في هذا الصدد قرار منع اللاعبات من ارتداء الحجاب في الألعاب الأولمبية للشابات سنة 2010، كما سبق لمنتخب إيران للسيدات، حرمانه من اللعب ضمن تصفيات أولمبياد لندن في عمان سنة 2012. ووجدت العديد من الرياضيات أنفسهن أمام مأزق كبير بفعل الحظر والمنع الذي أقدم عليه الاتحاد الدولي، لحجاب الرياضيات، وهو قرار وضع العديد منهن أمام خيارين لا ثالث لهما في أكثر من مناسبة، إما خوض التباري دون حجاب أو تعليق الممارسة، إذ سجل أن حكمات دوليات من مصر، فرض عليهن نزع الحجاب قبل قيادة مباريات إفريقية ولم يجدن غير نزعه لإدارة المباراة. غير أن الحال يختلف تماما عند الحكمة المغربية، كريمة خاضري، المنتمية إلى عصبة سوس، إذ نجحت هذه الأخيرة بإصرار كبير في كسر هذا القيد بعد حصولها على الشارة الدولية في 2014، حيث أفادت كريمة، في تصريح أدلت به ل''هسبورت''، أنها لن تقبل نزع حجابها كيفما كان الحال والسبب ولو كلفها ذلك اعتزال التحكيم بصفة نهائية، إذ أجزمت أن حجابها يبقى خط أحمر لا يمكن مناقشته، رغم أن تخوفا كبيرا راودها في فترة من الفترات، بشأن عدم قبول الجهاز الوصي على الكرة العالمية قيادتها للمباريات بحجابها، خصوصا بعد الضجة الكبيرة التي خلفها الحصول على الشارة الدولية نظرا للأسباب سالفة الذكر. وكشفت كريمة خاضري، أن وضعها للحجاب كان باقتناع كامل وعلى أساس مغادرة نهائية لميدان الراية والصافرة بفعل المنع والحضر الذي تعرضت له رياضيات في وقت سابق بما فيهم حكمات كما سبقت الإشارة، غير أنها نجحت في تجاوز ذلك بفعل التراكم والتطور الذي عرفه المجال، وبفعل وحدة اللون وتناسقه مع شكل الهندام و لون ''الفولار''، حيث تصر على ذلك خلال القيادة التحكيمية لكل المباريات، حتى قبل أن تشترطه الأجهزة الوصية، لتدخل بذلك التاريخ من أوسع أبوابه، باعتبارها أول حكمة تدير المباريات بالحجاب على الصعيد الدولي مباشرة بعد شهرين من نيل الشارة. وسبق حرص الحكمة المغربية على وحدة اللون وتناسق الشكل مع لون ''الفولار'' والظهور بشكل متجانس خلال قيادتها للمباريات، (سبق) التعديل الذي جاء به الاتحاد الدولي للعبة بشأن المادة الرابعة من قانون التحكيم المتعلقة بمعدات اللعب، والذي اشترط فيه ارتداء الحجاب بأن يكون بنفس لون القميص، وهو ما اتجهت في اتجاهه جل اتحادات العالم بما فيها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، التي أعطت مثال بهندام كريمة خاضري، في جانب تجانس لون الزي الرياضي لدى الممارسين، خلال إحدى الدورات التكوينية السابقة، لتساهم حالة الحكمة المغربية، في فتح الباب للعديد من الحكمات الدوليات بالخصوص، لارتداء الحجاب خلال قيادتهن التحكيمية وفق الشروط المحددة، دون أي مضايقة أو حظر ورفض كما كان عليه الحال في السابق. وتشكل المسار الرياضي لكريمة خاضري، بالممارسة في البداية كلاعبة كرة القدم لمدة بلغت تسع سنوات رفقة فريق نجاح سوس، قبل أن تتجه صوب مجال التحكيم، إذ ولجت مدرسته بعصبة سوس في سنة 2009 وحكمة عصبة في 2010، لترتقي لدرجة حكمة جامعية في 2012، قبل أن تنال الشارة الدولية في 2014، إذ اتسم مسارها التحكيمي بالسرعة في الترقي، لتصنف دوليا كممثلة وحيدة للمغرب، ضمن صنف الحكام الموهبين الحاملين للشارة الدولية في سن لا يتجاوز 30 سنة، بعد أن حققت العديد من النتائج الطيبة والمشجعة على الصعيد الدولي، ببلوغها المشاركة في القيادة التحكيمية لأدوار نهائية هامة في العديد من الاستحقاقات القارية، سواء إقصائيات كأس العالم في السنغال لأقل من 23 سنة أو لأقل من 17 سنة بنيجيريا. وساهم في بزوغ الموهبة التحكيمية لكريمة خاضري، تشجيع مطلق من العائلة، اعتبارا لمحيطها العائلي الرياضي، إذ يمارس أخوها كعداء، كما أن زوجها يمارس بدوره في ميدان التحكيم، إضافة لتشجيعات ومواكبة من طرف أهل المجال، إذ ساهم كثيرا في صقل موهبة الحكمة المذكورة، كل من الحكام السابقين بعصبة سوس، وبالتحديد كل من الحاج محمد جيد (أب الحكم الدولي الحالي رضوان جيد)، وعبد الله العاشيري (الحكم الدولي السابق وعضو مديرية التحكيم الوطنية الحالية)، إضافة ليحيى حدقة (الحكم الدولي السابق، ورئيس مديرية التحكيم الوطنية الحالية)، وعبد الله الفارق (عضو مديرية التحكيم الوطنية الحالية). وحكت كريمة خاضري، ل''هسبورت''، بعضا من الطرائف التي صادفتها في مسارها التحكيمي وبالخصوص في بدايته، إذ أفادت أن من بين الطرائف التي لازالت عالقة في ذهنها، تخص النظرة الناقصة لجل المتداخلين تجاه الحكمات، إذ تحكي مثلا أن فريقا من عصبة سوس رفض خلال فترة ممارستها بالعصبة، مشاركتها في القيادة التحكيمية لإحدى مباريات العصبة، وذلك برفضهم خوض المواجهة لما تبين لهم أن الحكمة أسندت لها مهمة حكم مساعد، قائلين'' مايمكنش تحكم لينا امرأة''، قبل أن يقتنعوا لتجرى المباراة وبعدها تلقت اعتذار مكونات الفريق إثر أدائها ومردودها المحكم في النزال المذكور.