من تابع عن كثب مستوى الإسباني، خوان كارلوس غاريدو، فنيا وتكتيكيا وحتى تواصليا، منذ 13 شهرا من الآن، عندما قاده عناده للخروج من الباب الصغير للرجاء الرياضي ليخوض تجربتين لم تكللا بالنجاح مع العين الإماراتي والنجم الساحلي التونسي، يقف مطولاً عند اختيار المكتب المسير للوداد الرياضي بالتعاقد مع الرجل دون غيره. ولعل الدافع الوحيد الذي يمكن أن يكون قد حرك مسؤولي الوداد الرياضي للتعاقد مع غاريدو، رغم فشل الأخير في محطاته الأخيرة، هو افتراض أنه يعرف جيداً خبايا النجم الساحلي، خصم الوداد السبت المقبل في ذهاب ربع نهائي العصبة، ولكن وجب الوقوف أيضاً على الأثر السلبي للمدرب في الأندية التي مر بها أخيراً، والتساؤل بجدية عن ما إذا كان غاريدو هو المنقذ المنتظر للوداد! هل يعرف غاريدو النجم؟ مكونات الوداد الرياضي حاليا تجمع على أن تعيين مدرب كان قبل أسابيع قائداً لمنافسه المقبل هو عامل لمصلحة الفريق "الأحمر"، لأن غاريدو يعرف الشيء الكثير عن النجم الساحلي، ولكن، مكونات هذا الأخير (النجم الساحلي)، في الأسابيع القليلة الماضية، احتجت بقوة على المدرب الإسباني وانتقدت عدم معرفته بالفريق وبإمكانيات اللاعبين المتوفرين لديه، الأمر الذي ضيع على الفريق التونسي سيلا من النقاط في الدوري التونسي، وهو ما يشكل وجه الشبه بينه وبين المدرب السابق للوداد، سيباستيان ديسابر. ومنذ التحاق غاريدو بالنجم الساحلي، قبل أربعة أشهر، خلفاً لفوزي البنزرتي، تراجعت نتائج الفريق بشكل كبير إذ لم يفز الفريق في ست مباريات متتالية (3 تعادلات و3 هزائم)، لكنه بالمقابل قاد النجم لصدارة مجموعات دوري أبطال إفريقيا، لكن بأداء باهت وغير مقنع، علما أنه مباشرةً بعد الانفصال عنه، حقق النجم فوزين متتاليين في الدوري بهدفين لهدف، وبخماسية مقابل هدف واحد. وعلى مستوى الاختيارات التقنية، فغاريدو أقصى مجموعة من اللاعبين من تشكيلة النجم الساحلي رغم أنهم يعتبرون مفاتيح اللعب للفريق قبل مجيئه، أبرزهم لاعب وسط الميدان فراس بالعربي؛ هذا الأخير وبمجرد رحيل غاريدو ومنحه فرصة الظهور رسميا مع الفريق، سجل 4 أهداف في لقاءين فقط. هزائم تاريخية مع العين بعد فسخ عقده من الرجاء الرياضي، التحق غاريدو بالعين الإماراتي حيث خاض تجربةً فاشلة بكل المقاييس، عجلت بمغادرته "الزعيم" بعد ستة أشهر، إذ حقق المدرب الإسباني نتائج سلبية مع الفريق في دوري أبطال أسيا وأقصي من دور المجموعات، كما قاده لحصد هزائم تاريخية غير مسبوقة في تاريخ النادي الموسم الماضي (انهزم أمام عجمان برباعية نظيفة في الجولة 20، وحصد أكبر هزيمة في تاريخ النادي بخماسية مقابل هدف أمام فريق الجزيرة في الجولة 19). حكاية النهاية مع الرجاء من الصدف التي رافقت تعاقد غاريدو مع الوداد الرياضي قبل مواجهة النجم الساحلي، السبت المقبل، لحساب ذهاب ربع نهائي دوري أبطال إفريقيا، هو أن حكاية انفصاله عن الرجاء الرياضي، حيكت تفاصيلها بعد الإقصاء أمام الخصم نفسه في منافسات البطولة العربية، عن ذهاب دور الربع أيضا. وساهمت الطريقة التي دبر بها غاريدو مباراة النجم في ملعب مولاي عبد الله في الرباط، تكتيكيا وتقنيا، في زيادة حدة غضب المكتب المسير وارتفاع الضغط في مستودع ملابس الفريق "الأخضر"، في ظل أزمة الحوار التي اندلعت في غياب استراتيجية تواصل بين المدرب واللاعبين. ومن جهة أخرى، ورغم نجاحه في قيادة الفريق "الأخضر" إلى منصات "البوديوم" مرتين، إلا أن الفكر التكتيكي للإسباني، خوان كارلوس، لم يلق ولو لمرة الإجماع بمدى جودته، بداعي أن خططه لا تتماشى ومشروع تثبيت هوية لعب فريق الرجاء البيضاوي، المعروفة منذ تأسيسه، في حين اتسمت خيارات الرجل التقنية في كثير من المناسبات، وقتذاك، بالغريبة، خصوصا عندما يتعلق الأمر بإبعاد أسماء لتصفية حسابات شخصية معهم، عوض إحالتهم على اللجنة التأديبية للنادي، التي يفترض فيها أن تأخذ الشكل العقابي الأنسب في حق المذنب، مراعاة لمصلحة الفريق أولا، بترجيح العقوبة المالية على حساب الإيقاف.