مجرد صورة لها في صفحة موقع كود على الفيسبوك تفوقت على كل الأخبار وكل المقالات. مجرد فيديو قصير لسكينة لحموش حصل على ما لم يحصل عليه أي فيديو آخر من علامات الإعجاب ومن التعليقات. ومئات القراء يعبرون عن إعجابهم بها. ومئات يرفضونها رفضا. بينما جميعهم حريصون كل الحرص على أن لا يفوتهم أي فيديو وأي مداخلة وأي صورة لها. كما أنها أثارت نقاشا عميقا. وخلقت جدلا واسعا بين القراء. ومن هذا الفيديو ظهرت وجهات نظر تحتاج إلى مناظرة. وإلى ندوات. وإلى ملتقيات دراسية. وإلى تخصيص ماستر لها. وإلى مركز يتابع الظاهرة ويرصدها. كما ظهر خلاف مثمر. وظهرت أفكار ومشاريع ورؤى جديدة. وظهرت شهية القراء للعودة إلى مطالعة الصحف. وإلى التعليق. بعد إحباط سياسي عشناه جميعا. وقد تكون سكينة لحموش محفزة للمحللين ليبدعوا في تحليلاتهم. وقد تقوم بتحريك دور النشر. وقد تساعد بشعبيتها وبإقبال الناس على مداخلاتها على بروز كتاب جدد وكتابات مختلفة عن هذه الكتابات السائدة اليوم. مشجعة بذلك القراءة والمطالعة. وقد تعيد للحياة السياسية المغربية صخبها وحيويتها. نظرا لتأثيرها الكبير. وسرقتها لكل الأضواء وهو أمر نادر في المشهد السياسي. وهو أمر يعجز عنه أي برلماني آخر سواء كان في الأغلبية أو في المعارضة. وسواء كان يمينيا أو يساريا أو إسلاميا. ثم يأتي شخص عدمي ويتحدث عن نهاية السياسة في المغرب. وعن نهاية الأحزاب. ونهاية الأيديولوجيات. ونهاية اهتمام المواطن بالسياسة. وإذا كان هذا الادعاء صحيحا. فبماذا نفسر ظاهرة هذا الاهتمام الكبير بسكينة لحموش. والذي فاق أي اهتمام بأي موضوع آخر. وهذا يعني أن المواطن المغربي يتفاعل مع الوجوه الجديدة. الشابة. بعد أن مل من التكرار. ومن الوجوه القديمة التي لم يعد لها ما تقدمه. لهذا السبب فإن أي ظهور جديد لسكينة لحموش يخلق من النقاش ما لا يستطيع أن يخلقه أي موضوع سياسي في الفيسبوك. وهذا دليل على أن سكينة لحموش من ناحية ثانية أهم من السياسة. مقترحة سياسة من نوع آخر. وأنها أهم من كل الأخبار. ومن كل المواضيع. وأهم من كل زملائها. الذين لا يستطيع أحد منهم منافستها. فقد قضت برلمانية الحركة الشعبية على الجميع. وعلى والدها الذي جاء بها إلى البرلمان. فمن يعرف والدها. وهو الأصل. وهو الذي أنجبها. وهو الذي رباها. وهو الذي رشحها. من يعرف محمد لحموش القيادي في حزب الحركة الشعبية. لا أحد. لا أحد تقريبا يعرف الوالد. و قضت أيضا على حزب الحركة الشعبية الذي ترشحت باسمه. وصار الحزب مقترنا بها. ولولا سكينة لحموش لما اهتم أحد بهذا الحزب. أما الآن فالكل يستمع إلى خطابه. وإلى صورته بالأحرى. والكل ينتظر على أحر من الجمر تدخله في البرلمان. والكل يتابعه حين يتابعها. والكل يركز الآن على الحركة الشعبية. التي ودون أن تدري. ودون انتخابات ولا مؤتمر. حصلت على قائدة حقيقية تسرق الألباب. وكل المؤشرات تدل على أنه سيكتسح الانتخابات القادمة. وأن الحركة الشعبية هي التي ستحكم المغرب في المستقبل. وهي التي ستنزل النموذج التنموي ليكون في أحسن حلة. كما أنها قضت كذلك على اليمين. وعلى اليسار. وعلى كل نجوم السياسة في المغرب. ولا يستطيع أي خبر اليوم أن ينافس سكينة لحموش. ولا يستطيع أي تحليل أن ينافسها. ولا يستطيع أي شيء أن يزيحها من القمة. أما ما يجعلها مؤثرة أكثر هو أن سكينة لحموش معارضة شرسة للحكومة. وحين تعارض يتفق الجميع معها. ويحب الجميع المعارضة. ويستسلم. ويرضخ لها. دون ضغط. ودون احتجاجات. ودون مسيرات. ودون إضرابات. ودون أي تهديد للسلم الاجتماعي. وحتى زميلها في الحزب محمد أوزين الذي يبدو أنه استعد لها. وللمستقبل. وكان يعرف أنها قادمة. واشتغل على صورته. وتجمل. وتزين. كي لا يأتي هذا اليوم الذي ستتجاوزه فيه. لكن الناس لم ينسوا رغم كل المجهودات التي بذلها صلعته. وفي كل مرة يذكرونه بها وبالكراطة. مفضلين سكينة على أوزين. لتكون هي المتوجة في الحركة الشعبية. ولتكون هي الزعيمة. ولتغطي على كل الفرقاء. ولأن لا شيء يحدث في البرلمان المغربي ولأن لا صراع بين الأحزاب ولأن الكل متفق ولأن الأحزاب وجدت نفسها في المعارضة دون إرادتها. بينما هي لا تريد أن تعارض. فسكينة هي ما لدى المغربي في الوقت الحالي. سكينة هي التي تستحق المتابعة وهي التي تتمتع بكل هذه الشعبية. وهي المنقذة وهي التي نعول عليها كي يبقى للسياسة في المغرب من يهتم بها. وكي يبقى لها معنى حتى إن خبر اختفاء حسابها في موقع إنستغرام نزل كالصاعقة على عدد من متابعيها الأوفياء. وعلى المحللين للشأن السياسي. وهناك من قال أغلقته. وهناك من قال إنه بفعل فاعل. وهناك من طالب بتحقيق متهما جهات لم يذكرها بالاسم. والكل يسأل عنها. والكل يبحث عن جديدها وينتظر جلسات البرلمان. ليتفرج فيها. وبفضلها استرجع المغربي ثقته المفقودة في السياسة. كما عاد الشغف. وعاد الحرص على النقاش. وعلى الجدل. وعلى إنتاج الخطاب. وعاد الناس يهتمون بالصورة في الصحافة. وعادت التعاليق الكثيرة. ونقرات الإعجاب. وعاد الاهتمام. وعادت الحياة. ووجد موقع كود ما كان يبحث عنه. وجد ضالته في سكينة لحموش لذلك لن يتخلى عنها ولن يتركها بلا تغطية صحفية. استجابة منه لرغبات قرائه الأوفياء. و لأهوائهم. ولاختياراتهم. وميولاتهم السياسية. التي تؤكد أن الاتجاه السائد اليوم هو ما تمثله النائبة البرلمانية سكينة لحموش. وهي التي ستملأ الفراغ. وهي التي ستسيطر على المشهد لمدة طويلة. ودور أي صحافة جادة ومستقلة هو مواكبة ذلك. وشرحه. وتحليله. ومتابعته متابعة دقيقة. وهو تشريحه. وإخبار الناس به. وهذه هي المهمة التي نقوم بها الآن. كما قمنا بذلك في أوقات سابقة مع كل الاتجاهات والحركات السياسة المؤثرة. و كل ذلك بتجرد. وبانحياز تام إن لزم الأمر.