تكثف شركات نفط خططا للحفر قبالة ساحل الصحراءالمتنازع عليها، وهو ما قد يشكل خوضا في مياه قانونية عكرة ويهدد بتأجيج واحد من أقدم الصراعات في أفريقيا. وأصدر المغرب رخصا للتنقيب في مناطق بمياه المحيط الأطلسي قبالة الصحراء، لكن حركة مطالبة باستقلال المنطقة ومدعومة من الجزائر تعتبر تلك العقود غير قانونية.
ولم يظهر الصراع حول الصحراء في عناوين الأخبار العالمية إلا نادرا منذ 1991، حينما أنهى وقف لإطلاق النار توسطت فيه الأممالمتحدة حربا استمرت 15 عاما بين المغرب وجبهة البوليساريو.
لكن حكومة ما تطلق على نفسها اسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وتسعى للاستقلال، هددت بمقاضاة الشركات التي تقوم بالحفر قائلة إن مثل تلك الخطوات تعزز سيطرة المغرب وتبدد آمالها في تقرير المصير.
ويتصاعد التوتر الإقليمي، حيث استدعى المغرب سفيره في الجزائر، في أكتوبر الماضي، بعدما دعت الجزائر إلى إرسال مراقبين معنيين بحقوق الإنسان إلى الصحراء التي يسكنها نحو نصف مليون شخص.
وقد يواجه بالفعل مشروع مغربي للطاقة الشمسية تبلغ تكلفته نحو تسعة مليارات دولار مخاطر نظرا لقلق المقرضين الدولين من خطط لبناء محطتين من الخمس المزمعة في الصحراء.
وقال إريك هاجين، ممثل جماعة مراقبة موارد الصحراء، وهي منظمة حقوقية، "وقعت تلك الشركات اتفاقات مع المغرب في مياه ليست مغربية."
واضاف "بمشاركتها في تلك الاتفاقات تعترف (الشركات) بزعم المغرب السيادة على المنطقة."
وتخطط "كوزموس إنرجي" الأمريكية للحفر هذا العام في منطقة تبعد 70 كيلومترا قبالة الصحراء. وقالت الشركة إن خططها تتوافق مع القانون الدولي.
واستحوذت "كايرن إنرجي" البريطانية على حصة في المشروع في أكتوبر الماضي. وامتنعت الشركة عن التعليق.
و"توتال" الفرنسية أيضا هي شريك في منطقة تنقيب أكبر قبالة الصحراء، بحسب ما أظهره موقع إلكتروني حكومي مغربي. وامتنعت "توتال" أيضا عن التعليق حينما اتصلت بها "رويترز".
وقال المغرب إنه سيحترم القانون الدولي. لكن النزاع حول السيادة على الصحراء ومن له الحق في استغلال مواردها وكيفية انفاق الأرباح قد يعقد جهود الإنتاج من أي مكامن تكتشف.
وقال تشارلز جوردون، العضو المنتدب لميناس أسوشييتس، "إذا اكتشف النفط أو الغاز فإما أن يؤدي هذا إلى إثارة جدل .. حيث يسعى الصحراويون لتحذير الممولين من المشاركة ويدعو المغرب شركات النفط العالمية لتجاهل أي تهديدات. أو أن يؤدي إلى أن يجتمع الطرفان ويتوصلا إلى اتفاق بدلا من بقاء الاحتياطيات التي تشتد الحاجة إليها كما هي في مكانها."
والمغرب أحد أفقر بلدان العالم من حيث موارد الطاقة، إذ يستورد 95 في المئة من احتياجاته منها وفقا للبنك الدولي.
وبخلاف الجزائر التي لديها فائض من النفط والغاز وتستطيع تصدير أي إنتاج جديد، فإن الطلب المحلي قد يستوعب أي إنتاج مغربي جديد ما لم يتم اكتشاف مكامن ضخمة.
ووعدت الرباط بالاستثمار في الصحراء، وأنشأت مجلسا خاصا لتنميتها وتضخ بالفعل موارد وتطور البنية التحتية وتشجع المستثمرين على العمل هناك.
وتقول "كوزموس إنرجي" إن أي اكتشاف نفطي سيدعم الاقتصاد وينبغي أن يكون بالتوازي مع المحادثات التي تقودها الأممالمتحدة حول مستقبل المنطقة.
ويمكن أن يخفف أي كشف نفطي كبير الضغط على الرباط في وقت تخفض فيه الدعم تمشيا مع مطالب صندوق النقد الدولي. لكن معارضين للحكم المغربي للصحراء يقولون إن هذا يقلل احتمال أن تتقاسم الرباط الايرادات أو تقبل استفتاء على الاستقلال.
وقال كمال فاضل، المتحدث باسم هيئة النفط والمعادن فيما تطلق على نفسها اسم "الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، إنه إذا اكتشف النفط قبالة الصحراء فسيكون المغرب أشد رفضا للسماح للصحراويين بتحديد مستقبلهم.
ويدور الجدل حول رأي قانوني أصدرته الأممالمتحدة في 2002، بعدما أرست الرباط للمرة الأولى تراخيص نفطية خاصة بالصحراء.
واعتبر ذلك الرأي تلك العقود قانونية، لكنه رأى أن أي عمليات تنقيب أو استغلال أخرى ستمثل انتهاكا للقانون الدولي إذا تم المضي فيها بشكل ينطوي على "تجاهل لمصالح ورغبات شعب الصحراء".
وتعتبر كوزموس أنشطتها متفقة مع رأي الأممالمتحدة. لكن النشطاء يرفضون هذا في حين رفض المغرب الانتقادات.
وقال وزير الطاقة عبد القادر اعمارة إنه يتعين على المغرب احترام المواثيق الدولية وليس أكثر من ذلك.
وأضاف أن المملكة ليست مضطرة لأن تضع في حسبانها كيف تنظر الجزائر أو أي دولة أخرى إلى ما يفعله المغرب في أقاليمه.
وتسلط تعليقات اعمارة الضوء على هدف بلاده القائم منذ فترة طويلة بالتوصل إلى حل وسط تصبح بموجبه الصحراء منطقة تتمتع بحكم ذاتي وليس دولة منفصلة.