أجد متعة لا تضاهى وأنا أقرأ جريدة التجديد وموقع حركة التوحيد والإصلاح. كل مرة أكتشف مقالا ممتعا وذا حس سخرية عال، وإذا لم أعثر على ضالتي في الصحيفة الورقية أذهب رأسا إلى الموقع، الذي نادرا ما يخيب توقعي وظني.
أجمل ما في الإسلاميين هو أنهم يمتلكون قدرة رهيبة على الإضحاك، رغم أنهم في الظاهر لا ينوون ذلك، والكاتب الساخر في نظري هو الذي يضحكك بينما يكون قصده هو أن يبكيك أو يفزعك أو يحذرك.
وأستغرب حقا من الذين لا يطلعون على موقع الحركة، وأعتبرني محظوظا لأني دائم الدخول إليه، وإذا مت فلن أندم ولن تأتيني حسرة أو غصة في القلب أو الحلق، مقارنة مع أشخاص محرومين من هذه المتعة ولا يعلمون أنها موجودة في هذه الأرض وهذه الصحافة.
وأجمل ما لدى الإسلاميين هو مقالات الرأي، وآخر ما قرأت لهم وتمتعت به هو مقال مهم يحمل عنوان"الرسوم المتحركة ليست بريئة". يقول الكاتب"تحمل أفلام الكارطون أمورا جد خطيرة، خذ على سبيل المثال أشهر أفلام الكارطون على الإطلاق، والتي غزت العالم (طوم و جيري)، والقصة ظاهريا بسيطة، فأرة يطاردها قط شرس، وأطفال العالم يتعاطفون مع هذه المسكينة المغلوبة على أمرها ويتمنون لها الصحة والعافية مع طول العمر، وقد يبدو الأمر عاديا لولا أن هذه الأخيرة تدخل المنزل المحروس من طرف القط الشرس"الإرهابي" الذي استؤمن على ممتلكات البيت، فهي سارقة، لم تستأذن صاحب البيت في الدخول، أو الأكل من المطبخ...ولم تكتف الفأرة بالسرقة بل تقوم بتخريب محتويات المنزل... والآن تلاحظون معي أن الأطفال أصبحوا مساندين للسارق المحتال جيري الذي أصبح مستوطنا للمنزل بعد طرد ساكنه الأصلي طوم، الذي أصبح بفضل تضحيات الفأرة جيري مجرد لاجىء دون وطن يؤويه. فعلا لقد انقلب الشر خيرا والخير شرا عند مشاهدي السلسلة الكرطونية الكوميدية. تخيلوا معي أن طوم مقاوم فلسطيني يحمي القدس، والفأرة جيري مستطونة...". يا للذكاء. يا للتحليل العميق. يا للقدرة على كشف مخططات جيري الصهيونية. يا للسخرية.
ولن أزيدكم من هذا المقال لأنكم ستموتون من الضحك، وأنا أخاف وأحرص على سلامتكم.
من من الكتاب كان سيكشف لنا عن هذا الشر لولا حركة التوحيد والإصلاح التي تركها الريسوني وفرط في إصلاحها وتعليم كتابها وأعضائها وذهب إلى قطر ليصلح حال الأمة جمعاء.
لكن أفضل ما في إعلام حركة التوحيد والإصلاح وجريدتها الرائدة التجديد هو بلال التليدي. إنه ساخر وعميق وغامض في نفس الوقت، وبحر علوم لا ينضب، من الصعب أن يفهمه العوام، ومن فرط عمقه لا يفهمه حتى مشغلوه، الذين يمنحونه راتبه الشهري لأنهم لا يستوعبون ما يقوله، ويؤمنون بعبقريته الصحفية وبأنه يتدافع ويتدافع دون أن يسقط، وإذا كان من عدل صحفي في هذا البلد، فإن زميلي بلال هو الذي يستحق كل الجوائز الصحفية هذه السنة، لمقاله القيم وغير المسبوق حول القيم وكرة القدم.
لم يحذر بلال التليدي هذه المرة من طوم وجيري كما فعل زميله، بل كتب عن" الشذوذ الجنسي..ذلك الخطر القادم"، إلا أن الكاتبين يتفقان حول أجندة جيري وأجندة الشذوذ، نظرا للمرجعية المشتركة التي تجمع بينهما، وبدل الخطر الواحد أصبح لدينا خطران هما جيري والشذوذ.
ولأن بلال التليدي عميق واستشرافي وكشاف للمؤامرات ويصعب فهمه دون إشراك أكبر قدر من القراء، فإني أطلب منكم أن تساعدوني في تقريب فكره للعوام.
يقول بلال التليدي"الواقع، أن المشكلة(الشذوذ الجنسي) لا تطرح بحدة، أو ربما لا تطرح البتة داخل السقف الوطني، إذ بغض النظر عن بعض النتوءات والتعبيرات الهامشية التي تظهر هنا أو هناك، فيكاد يكون هناك نوع من الإجماع على أن هذا الموضوع يطرح مشكلة رأي عام، وأنه لهذا السبب لا يمكن بحال أن يكون له مستقبل على الأقل في المدى القريب والمتوسط".
لقد حذرنا بلال التليدي، ورغم أن المشكلة لا تطرح فقد طرحها هو، لأنه من عادته أن يطرح ما لا يطرح، لحكمة لا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى، وقال إن هناك نتوءات، لكن لا حياة لمن تنادي، وحتى بنكيران لا يفهم ما يقوله بلال التليدي، ولا يفهم هذه النتوءات و كيف أن"حركة التفاعل ضمن دينامية النضال الحقوقي، وتحديات المشاركة في هذه المنتديات، وحركة التشبيك العالمية، وإرادة اللوبيات الراغبة في توسيع خارطة الدفاع عن"المثلية" في العالم،ستجعل المغرب، اليوم أو غدا، في مواجهة مباشرة مع هذا الخطر القادم" غير المطروح والذي لا يمكن أن يكون له مستقبل،ورغم ذلك فهو خطر.
ما يميز بلال وأستاذه الخلفي الذي علمه السحر أنهما يتوفران على عدة مقاربات لا مقاربة واحدة لا تدافع فيها، إذ"نحتاج في المغرب إلى كل هذه الإجابات المتعددة، لأن مصدر القوة في مواجهة المثلية القادم لا يمكن باستحواذ مقاربة واحدة، وإنما يتمثل في تكامل هذه الإجابات وتنسيقها في اتجاه هدف واحد هو مقاومة هذا الخطر والحيلولة دون خلق شروط استدعائه".
وأنا أقرأ موقع حركة التوحيد والإصلاح أو جريدة التجديد أتخيل عبد الإله بنكيران يضحك في عبه، وأتخيل بلال التليدي يقرأ ما يكتبه ويضحك هو الآخر، وأتخيل الريسوني ومن كثرة الضحك وجد نفسه مضطرا لأن يذهب كل مرة إلى قطر، ولسان حالهم يقول، ما أغرب بلدا مثل المغرب، يمكن فيه أن تقول فيه ما يحلو لك، وتتهم فأرا وتتحدث عن النتوءات وعن تحدي الشذوذ الجنسي، وفي النهاية يصوت عليك الناس وتحتل المرتبة الأولى في الانتخابات. لا تترددوا أيها القراء، زوروا موقع التوحيد والإصلاح، طالعوا جريدة التجديد افعلوا مثلما أفعل وتمتعوا فكما تكونوا يولى عليكم وهذا هو حزبنا الأول الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات ومنه رئيس الحكومة شغله الشاغل هو الفأر جيري المستوطن والقط طوم الفلسطيني المطرود من بيته ثن قصة النتوءات وخطر الشذوذ القادم وغير القادم في نفس الوقت ووجوب اعتماد المقاربات المتعددة بدل المقاربة الواحدة النجدة يا إلهي أنقذنا أنقذ هذا الشعب الطيب يا رب هل نضحك أم نبكي انصحنا يا رب فنحن في ورطة.