سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
هوامش على صراع تأبد. الاسلم هو تغيير زوايا التفكير بشأن المعضلة الصحراء التي عمرت طويلا، بفتح حوار وطني وتقييم نتائج الانخراط فيها واستشراف تكاليف الخروج
هناك واقع مؤلم لا يمكن استمرار السكوت عنه ولا حوله، واقع يشكل تواجده نسبة كبيرة في ما آل إليه الوضع الاقتصادي والاجتماعي في هذا البلد، ونعني به هنا واقع الصراع في الصحراء، المغربية الغربية، جنوب المغرب شمال موريطانيا أو حتى جنوبالجزائر... ما عادت تهم التسميات، ولم يعد الاسم يحمل هوية ناطقه... على ما يقرب نصف القرن من الصراع، بما يعنيه من نفقات عسكرية اقتطعت أساسا من القوت اليومي للمغاربة، ومن تدبير سياسي رهن تأسيس الممارسة الديمقراطية والحقوقية إلى عبث هذا التدبير، لم يزد هذا الوضع إلا تأزما واستفحالا، ويبدو انسداد الأفاق جليا يوما بعد يوم في كل تحرك وطني اتجاه هذا الملف وفي كل جولة يقوم بها مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة وكل رد فعل سلبي لإخوة لنا في الصحراء، وحدويون كانوا أم مطالبين بالانفصال...
لا يمكن الاستمرار في تسويق الوهم للمغاربة، كما دأبت الدولة على ذلك منذ عقود، والاستمرار كذلك في حجب الحقائق الميدانية منها والسياسية... الوضع هناك يزداد استفحالا وموقع المغرب يزداد سوءا سواء على مستوى التدبير المحلي للمنطقة أو على مستوى وضعه في المنتظم الدولي، السياسي منه والحقوقي...
تقديم الولاياتالمتحدةالأمريكية لمسودة قرار إلى مجلس الأمن الدولي يتضمن فقرة خاصة حول توسيع صلاحيات بعثة الأممالمتحدة بالصحراء مينورسو لتشمل المراقبة و التقرير عن أوضاع حقوق الإنسان بالصحراء ومخيمات اللاجئين، ليست بالنكسة الأخيرة التي تستلزم الاستنكار والتنديد، بقدر ما كانت تستلزم، كي لا تقع هذه النكسة، تعيير تدبير هذا الملف وفق معايير حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا، وليس كما يفهمها سدنة المعبد المعتكفون بزوايا الدولة، والتي يفسرونها وفق مزاجهم ومصالحهم السياسية والاقتصادية...
قد يكون مشروع الحكم الذاتي المقترح للمنطقة، وبصلاحيات واسعة للنخبة الصحراوية في تدبير شؤونها السياسية والاقتصادية مثاليا وجميلا وحتى ودودا ولطيفا، لكنه يبقى دون جدوى وغير ذي معنى إن لم توافق عليها أطراف النزاع جميعها، مما يستلزم بالضرورة، ووفق الشروط السياسية الدولية، الاستماع إلى مقترحات الآخرين، والتعاطي معها بإيجابية وشجاعة، تلك الشجاعة التي تستلزم إقرار السلام وتوفير الأمن في المنطقة وتحرير المواطن المغربي من ثقل نفقات حرب لم ينتصر فيها ولا هو انهزم...
دون ذلك، سنعول على فرنسا لترفع مرة أخرى الفيتو ضد مقترح قرار لمجلس الأمن... وسنكون حالمين بهذا الصدد، نظرا للمتغيرات التي حدثت، سواء في فرنسا على المستوى الداخلي (وصول الاشتراكيون ) أو على المستوى الدولي الحقوقي، الذي تمكنت جبهة البوليساريو في استثماره بشكل جيد على مستوى السنوات الثلاثة الأخيرة: تضاعف تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، موقف بريطانيا والبرلمان الأوروبي، اعتراف السويد بالجمهورية الصحراوية ....الخ.
لعله كان استباقا غير موفق، تلك الإشادة التي حضي بها تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان من الدولة، وهو ينكب على تشريح محاكمة اكديم ايزيك، ويقترح إلغاء نظر المحكمة العسكرية في القضايا التي يكون أطرافها مدنيون، بل لعله استباق أفسدته صور الفيديوهات التي تجولت العالم بعده، وهي تصور التدخل العنيف للقوات المغرب اتجاه ناشطين صحراويين أثناء زيارة مبعوث الأمين العام الأخيرة...
لعل الأسلم للمغرب هو الترحيب بهذه الآلية، ليس من باب المناورة وربح الوقت، ولكن من أجل الاستفادة من مساعدة أممية في تفعيل وإرساء مفهوم حقوق الإنسان كما هو متعارف عليه دوليا ما دامت الدولة لم تستطع تجسيده على أرض الواقع، عبر ربوع البلاد برمتها وفي الصحراء بشكل خاص...
لعل الأسلم أيضا، تغير زوايا التفكير بشأن هذه المعضلة التي عمرت طويلا، بفتح حوار وطني حولها، تقييم نتائج الانخراط فيها، واستشراف تكاليف الخروج منها، السياسية والاقتصادية والاجتماعية وذلك بأخذ كل المعطيات المتوفرة على أرض الواقع، الوطنية منها والدولية....
قد يهتم مواطن اليوم للرقعة الأخيرة التي يرفع عليها علم بلاده، لكنه قبل ذلك، عليه أن يؤمن الرقعة التي تحث قدمه، ويؤمن فيها سبل عيشه الحر والكريم...