أعتقد أن البرلمان في المغرب، وضع على جبينه "وصمة عار"، بتصويته على سن 16 عاما، كحد أندى عمرياً للخادمات المنزليات، في خطوة أساءت لصورة المغرب كثيرا عبر العالم، والمسؤولية في تقديري هي مشتركة بين كتل أحزاب التحالف الحكومي وأحزاب المعارضة. والتورط في هذا الفعل المسيء لصورة المغرب، شاركت فيه الحكومة بدورها، من خلال وزارة التشغيل، التي اقترحت 15 عاما، كسن قانونية لتشغيل الطفلات المغربيات كخادمات منزليات، والحجة أن القوانين الدولية لا تمنع، فصورة حقوق الإنسان تحتاج إلى تدعيم بالإنجازات، وليس إلى نقاط سوداء. سؤال لكل البرلمانيين في المغرب، وهو موجه أيضا إلى كل أعضاء الحكومة، ولكل الضمائر الحية في المغرب، هل تقبلون في منازلكم طفلة عمرها 16 عاما، تشقى في أشغال البيت طيلة النهار، وتستمع إلى الكلام النابي، وقد تتعرض في حالات كثيرة لاعتداءات جنسية، وتقع في الحمل، وتتسارع كل الجهود من أجل إخفاء الأمر وشراء صمت الخادمة القاصرة، وحالات المعاملة الجيدة هي حالات شاذة والشاذ لا يمكن القياس عليه. فلم يعد كافيا لمغرب اليوم، الذي يروج للحداثة ولحقوق الإنسان وللانتقالات الواسعة، في بلاطو برامج الحوارات أسبوعيا، أن تظل في البيوت المغربيات، خادمات قاصرات، طفلات في عمر الزهور يسلخن أجمل سنوات العمر في الأشغال الشاقة، ولعمري إنها جريمة إنسانية ضد الطفولة، يمارسها المجتمع المغربي منذ عقود، واليوم أصبحت لها مظلة قانونية، ما أبشع هذا البرلمان الذي يصوت على مثل هذا القانون. فكل المبررات، التي نشرعن بها جميعا، القيام ب "فعل إجرامي جماعي"، لتشغيل القاصرات الخادمات في المنازل، تسيء لصورة المملكة المغربية في الخارج، وتصنع للتراجعات الحقوقية في المغرب مبررا قانونيا، فالمغرب اليوم في أمس الحاجة، ليس إلى إصلاحات، لأنها كلمة فقدت كل معانيها النبيلة سياسيا، ولكن المغرب في حاجة إلى "زلزال في المجتمع" يقطع مع ممارسات يمارسها المواطنون المغاربة، بدون حرج، أو خوف من الله، أو من القانون، لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن. فالحاجة اليوم ضرورية، أكثر من أي وقت مضى، لتشريع مصدره البرلمان، يرفع سن تشغيل الخادمات المنزليات، إلى 20 عاما. أيها البرلمانيون، الذين أتيتم من رياح "الحراك المغربي الناعم"، وتعملون تحت مظلة دستور 2011، كفى من المزايدات السياسية تحت قبة البرلمان، بمنطق كرة المضرب، وبمنطق تسجيل الأهداف والأهداف المضادة، خلال حصص البث المباشر، وكفى من الصور والسيلفي في مواقع التواصل الاجتماعي في مقر البرلمان، وكفى من المطالبات ب "الدبلوماسية البرلمانية"، لأنها في الغالب أسفار للتنزه عبر العالم من أموال دافعي الضرائب، وانتبهوا إلى أنكم تشرعون اليوم لجيل جديد من الأطفال/ الضحايا من نافذة الخادمات المنزليات، بتصويتكم أو امتناعكم على قانون يقول نعم لتشغيل طفلة في 15 عاما.