اقل ما توصف نشاطات جماعة "فيمين" (Femen) الحقوقية النسائية الأوكرانية أنها جرئية. وأصبحت تلفت أنظار الكثيرين في الغرب، ولكن، مع اقتراب الانتخابات البرلمانية في البلاد، هل تتمكن هذه الجماعة المدافعة عن حقوق المرأة أن تحدث تغييرا حقيقيا؟. وعلى الرغم من الشكوى من مضايقات الشرطة لهن، فضلا عن خلق أعداء كثيرين، فإن الجماعة النسائية لا تعتزم تغيير نهجها الاحتجاجي الفريد. داخل شقة صغيرة في الطابق الارضي غير مجهزة بالاثاث وعلى مقربة من الميدان الرئيسي في مدينة كييف، يجلس على مقعد واحد صف من اربع فتيات اكبرهن في الخامسة والعشرين من عمرها. تقول اولكيسندرا شيفشينكو، إحدى عضوات الجماعة، "نحن نناضل ضد المجتمع الأبوي، بأشكاله الثلاثة، وهي الاستغلال الجنسي للمرأة والدكتاتورية والدين." وكانت شيفشينكو ساعدت في تأسيس الحركة عام 2008 كرد فعل على ما تعتبره عضوات الجماعة تحقيرا لدور المرأة في اوكرانيا ما بعد الحقبة السوفيتية. كما تعتقد الجماعة أن مصير الكثيرات كان ممارسة البغاء في الخارج او الترويج للباحثين عن عروس عن طريق الانترنت. "نحن نقرر" مجموعات النقاش المعنية بالمساواة في الحقوق بين الجنسين في غرب اوكرانيا تتحول في الغالب الى احتجاجات في العاصمة كييف. في البداية لم تعمد الجماعة الى تنظيم الاحتجاجات بكشف الصدور، بل اصرت على التجرد من الثياب على نحو اكسبهن جمهورا عريضا اتاح توصيل رسالتهن إلى الجهات المعنية دون إضعافها. وقالت شيفشينكو "لقد استخدم الرجال على مدى قرون أجساد النساء لأهداف جنسية، ومن هنا فقد فهمنا أن علينا أن نتحكم نحن أنفسنا بأجسادنا وسلوكنا الجنسي. فنحن اللائي نقرر ما نفعله بأجسادنا، وسلوكنا الجنسي وصدورنا، نخفيها إن أردنا أو نكشفها." غير أن الكثيرين في أوكرانيا لا يعجبهم سلوك الجماعة، فهناك أناس لا ينظرون اليهن نظرة جدية، بل يعتقدون بأنهن يروجن لأنفسهن، ويبتكرن اساليب تمكنهن من الضغط على الحكومة الأوكرانية التي قضت وقتا طويلا تهاجمهن. بيد ان الحظ الوفير كان بانتظارهن في دول الغرب، حيث اعرب محررو وسائل الاعلام عن سعادتهم بالفكرة التي دفعتهم الى تخصيص مساحة للحديث عن حق المساواة بين الجنسين واظهار صور تبرز ما تكتبه الناشطات من شعارات على صدورهن. وتقول شيفشينكو إن الجماعات الغربية قد دعتهن إلى الخارج وساعدتهن في تمويل نشاطاتهن. واضافت أن الجماعة أصبح لديها نحو 40 ناشطة في أوكرانيا وحدها، بينما انضمت اليهن مئة ناشطة في الخارج. اساليب "التعصب الجنسي" رحبت بعض جماعات المساواة بين الجنسين في دول الغرب بالجدل الذي تثيره الجماعة ولفت الانتباه تجاه قضية لم تكن تصل أساسا إلى الاخبار. ووصفت اليس شوارزير، المحررة لدى مجلة (إيما) الألمانية الرائدة في الدعوة للمساواة بين الجنسين، جماعة "فيمين" بأنها "جريئة وذكية وابتكارية". وعلى الرغم من انتقادها طريقة استغلال عري المرأة في الترويج، إلا أن شوارزير وضعت صورة تضم عضوات جماعة "فيمين" على غلاف احد اصدارات المجلة. وقالت في حديث لصحيفة (شبيجيل) الألمانية: "لقد اصبحت صدورهن العارية بمثابة سلاح لهن". بينما تقول شيفشينكو إن ناشطات اليوم، اللائي يدعين إلى المساواة بين الجنسين، يحتجن إلى استخدام اساليب "جنسية مبتكرة" وليس الاعتماد على الجدل لإذكاء ردود افعال. وأضافت: "لقد لجأت الحركة النسوية في الماضي إلى هذا الأسلوب في الاحتجاج، ولا ادري لماذا يسعى من ينادي الآن بالمساواة بين الجنسين الى انتقاد أسلوبنا الاحتجاجي". وتابعت قائلة: "إن الاجيال الشابة من النساء لم تعد تتقبل الدعوة التقليدية للمساواة بين الجنسين، بل ترغب في ان تصبح جزءا من منهج جديد للدعوة إلى المساواة بين الجنسين."