صحيح أن مهمة القائد دائما ما تكون معقدة كونه يمثل القدوة داخل وخارج الملعب والمدرب في أرضية الملعب، لكن ما يحمله نجم المنتخب البرتغالي كريستيانو رونالدو في مونديال البرازيل 2014 عبئا مضاعفا لأنه يجسد حلم بلد بأكمله ويختصر المنتخب الوطني وطموحه بشخصه. "يجب علينا التحضير لمباراة المانيا بغض النظر عن ذلك"، هذا كان جواب مدرب المنتخب البرتغالي باولو بينتو ردا منه على إصرار الصحفيين الذين حاولوا أن يعرفوا منه الوضع البدني لرونالدو الذي يعاني من إصابات في ساقه وفخذه، وذلك من أجل التأكيد على أهمية اللاعبين الآخرين في المنتخب.
لكن لا يخفى على أحد أن رونالدو هو المنتخب البرتغالي نظرا إلى الأهمية الكبرى التي يتمتع بها نجم ريال مدريد الإسباني المتوج هذا الموسم بلقبه الثاني في دوري أبطال أوروبا بعد ذلك الذي توج به عام 2008 مع مانشستر يونايتد.
إن آمال البرتغاليين بتحقيق إنجاز مماثل لمونديالي 1966 (حل المنتخب ثالثا) و2006 (حل رابعا)، معلقة على القائد رونالدو الذي طمأن بلاده بمشاركته في تمارين السبت تحضيرا للقاء ألمانيا، غدا الاثنين.
سيسعى رونالدو في البرازيل إلى فرض سطوته على المسرح العالمي وخطف الاضواء بعد أن نجح في تحقيق هذا الأمر في الملاعب الإنجليزية والإسبانية وعلى المسرح الأوروبي.
ويدرك رونالدو حجم المسؤولية الملقاة عليه والصعوبة التي تنتظره وهو تذوق مع منتخب بلاده شدة المنافسة اعتبارا من التصفيات عندما اضطر البرتغاليون لخوض الملحق الاوروبي من اجل التأهل الى النهائيات على حساب السويد (4-2 بمجمل المباراتين بينها اربعة اهداف لمصلحة رونالدو).
يبحث رونالدو عن الدخول في نادي لاعبين كسبوا معركة الأندية وتعملقوا أيضا مع منتخبات بلادهم مثل الفرنسي زين الدين زيدان الذي توج بطلا للعالم عام 1998 بعد أن تألق في صفوف فريقيه الكبيرين يوفنتوس الإيطالي وريال مدريد، والهولندي الطائر يوهان كرويف الذي ألهب ملاعب ألمانيا الغربية في مونديال 1974 قبل أن يخونه الحظ في النهائي امام البلد المضيف.
ومن المؤكد أن رونالدو، وعلى غرار غريمه في برشلونة الأرجنتيني ليونيل ميسي، يبحث عن الوصول لمرتبة أعلى من هذين العملاقين والدخول الى النادي الحصري للأساطير والذي يضم لاعبين مثل مارادونا والبرازيلي بيليه.
ووصل رونالدو إلى مونديال البرازيل متوجا بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم ولقب دوري أبطال أوروبا مع فريقه ريال، لكن إصابته في نهاية الموسم كادت توقف قلوب البرتغاليين.
على حدود الثلاثين، سيكون لقائد البرتغال فرصة أخيرة ربما بإحراز لقب كبير مع بلاده، ونسيان الدموع التي ذرفها بعد نهائي كأس أوروبا 2004 في لشبونة أمام اليونان.
بعد خمس سنوات على انتقاله من مانشستر يونايتد مقابل 94 مليون يورو في صفقة قياسية آنذاك، أصبح رونالدو أحد أفضل الاعبين في العالم إلى جانب ميسي.
قال بعد نهائي لشبونة في دوري الأبطال، حيث بكى قبل عشر سنوات: "لم أحلم بموسم مماثل، كانت سنة لا تنسى. كرة القدم تشكل محور حياة رونالدو منذ أن كان يداعبها مع اصدقائه في جزيرة ماديرا وحتى نال الكرة الذهبية في أوائل العام الحالي. هناك علاقة فريدة من نوعها بين النجم البرتغالي والساحرة المستديرة، وهو دون شك من الاسماء المنتظرة بفارغ الصبر في نهائيات البرازيل".
فرض "سي ار 7" نفسه من عظماء اللعبة ونجح في حصد جميع الألقاب الممكنة على صعيد الأندية على صعيدين الجماعي (ألقاب الدوري الإنجليزي والإسباني، والكأس الإنجليزية، والكأس الإسبانية، وكأس الرابطة الإنجليزية، ودوري أبطال أوروبا، وكأس العالم للأندية)، والشخصي (أفضل هداف في الدوري الإنجليزي والإسباني ودوري أبطال أوروبا الذي أصبح حامل رقمه القياسي بعدد الأهداف -17- وأفضل لاعب في العالم وأفضل هداف في البطولات الاوروبية الكبرى...)، لكنه عجز حتى الان عن تحقيق المجد مع المنتخب الوطني رغم انه اصبح افضل هداف في تاريخ بلاده (49 هدفا في 111 مباراة)، متفوقا على رقم بدرو باوليتا (47 هدفا).
وسيكون مونديال البرازيل، حيث تلعب البرتغال في موطنها الثاني بحسب مدربها بينتو، فرصة رونالدو من اجل تعويض ما فاته وتحقيق الانجاز الذي عجز عنه عظماء مثل اوزيبيو ولويس فيجو وروي كوستا وباولو فوتري...
وبدأ رونالدو مسيرته مبكرا مع سبورتينج لشبونة حين كان في السابعة عشرة من عمره، وقد احرز في مباراته الاولى هدفين اعلن عبرهما ولادة نجم جديد. تألق بعد ذلك خلال مباراة افتتاح ملعب الفالادي ضد مانشستر يونايتد موسم 2003-2004، ونال إعجاب السير اليكس فيرجوسون الذي لم يتردد في منحه القميص رقم 7 ذي الرمزية الخاصة عند كتيبة الشياطين الحمر.
ولا يخفى على احد ما حصل مع رونالدو بعد ذلك، اذ فرض "سي ار 7" نفسه النجم المطلق لملعب "اولدترافورد" طوال 6 مواسم قبل ان يحطم الرقم القياسي لأغلى صفقة في تاريخ اللعبة بانتقاله موسم 2009-2010 الى ريال مدريد.
وسيخوض رونالدو مشاركته المونديالية الثالثة بمعنويات مرتفعة بعد تتويجه مع ريال بلقب دوري الابطال في موسم رائع له على الصعيد الشخصي، إذ أصبح أول لاعب في تاريخ المسابقة القارية يحرز 9 أهداف في الدور الأول، ثم تفوق على غريمه ميسي وحطم الرقم القياسي بعدد الأهداف في موسم واحد (17 هدفا)، ليسافر إلى البرازيل وفي جعبته 51 هدفا سجلها في 47 مباراة خاضها مع النادي الملكي في جميع المسابقات خلال 2013-2014.