سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
إلى مصطفى العلوي: أبلغك عبارات تضامني الحقيقية والصادقة ومعها عبارات الإدانة للصبيانيات التي تريد أن تمنع المغاربة من طرح نقاشات كبيرة وحقيقية فاصبحوا أسرى تفاهات.
هل يحق لي أن أتضامن معك في وجه ماتعرضت له على الأنترنيت المغربي منذ أن أخطأت في نطق حرف واحد؟ هل يحق لمن كان مثلي "متخصصا" في نقدك باستمرار, عازفا عن طريقتك في الحديث. ومعتبرا إياها طريقة تنتمي للعصر الحجري البائد أن أقول لك إنني شعرت بكثير التعاطف معك, وأحسست بكثير السخط تجاه من أكلوا لحمك "افتراضيا" بتلك الطريقة المهينة والمخجلة والدالة على أعطاب في الذات لا يمكنك ولا يمكننني إلا أن نطلب للمصاب بها الشفاء ولا شيء غيره؟ أعتقد أن الأمر من حقي. أنت تعرف أنني لست من رواد مدرستك, ولست من المعجبين بها, ولو عدت إلى ماكتبته عن التلفزيون مثلما تجسده أنت طيلة الخمس عشرة سنة الماضية لوجدنا الكثير والكثير, ولضحكنا معا ونحن نتابع العبارات اللاذعة التي كنت أختارها باستمرار لكي أعبر عن رفضي التام لمدرستك في التعليق التلفزيوني الذي لم أعتبره يوما تعليقا تلفزيونيا, بل كان بالنسبة لي نوعا من أنواع "تبراحت" مما أكل عليه الدهر وشرب وأذكر مما أذكر أن أصدقاء لي ولك _ ممن يمكن اعتبارهم "الطليعة الثورية" اليوم _ قد عابوا علي مااعتبروه تركيزا مني على شخصك, وقالوا لي "مالك معاه؟ راه ضريف". شرحت للزملاء حينها أن لامشكل شخصي بيني وبينك, بل إنك من الناحية الإنسانية تروق لي _ وقد اشتركنا في الانتماء لنفس المدينة وعرفت أناسا يعرفونك عن قرب مما مكنني من التعرف على جوانب عديدة منك قد يجهلها البعيدون _ لكن المسألة بالنسبة لي كانت تصورا للتلفزيون أعتقده منذ سنوات التسعينيات بل وقبل ذلك لم يعد قادرا على إيصال الرسالة, وأضحى مزعجا حد القيام بالنقيض من المطلوب منه أي الإساءة عوض الإحسان, والإضرار عوض جلب المنفعة, بل تعويضها بالمفسدة الكبيرة ودفع الناس إلى السخرية مما تقوله وتعبر عنه بتلك اللهجة الخشبية البعيدة عن عالم اليوم. قال لي بعدها أناس أثق فيهم إن "طريقتك تعجب نوعا من الشعب يريد سماع "الهيبة" في كلماتك ويتوق للالتقاء مع (الخطبة) لكي يعرف أن المخزن موجود". لم أقتنع لكنني تقبلت كلام الآخرين, وقد عودت نفسي على أن أسمع مبررات الآخر وإن كانت بعيدة بالنسبة لي عن المنطق لاقتناعي أن الديمقراطية هي القدرة على الإنصات للأصوات المخالفة لا للأصوات التي تساندنا في كل مانقوله, وامتدت الحكاية وسارت وكنا نتذكرك بين الحين والآخر, فنبتسم بحزن ونقول "ألم يئن الأوان لكي يتغير هذا الإيقاع". وكنا في الأحايين الأخرى نستل من برنامجك الحواري "حوار" بعض الفلتات التي كنت تصنعها, فنقول "هاهو قدر يبدل طريقتو فالمحاورة والكلام, علاش إذن مازال متشبث بالطريقة القديمة فالتعليق؟.". لم نكن نجد جوابا, فكنا نكتفي بقضاء الحاجة بتركها وانتظار يوم يهل فيه تلفزيون حقيقي على البلد. ثم كان ماكان من هفوتك يوم حفل الولاء, وقد سمعناها مباشرة ولم نلق لها بالا لأن الأمر خطأ في التعبير قد يحدث لأي "منطيح" على سطح الأرض, وإعطاؤه أكثر من حجمه سيكون أمرا دالا على مشكل حقيقي لدى من يقوم بهذا الأمر, لولا أننا انتبهنا إلى أن مااعتبرناه أمرا تافها وغير ذا قيمة وعابرا ويقع باستمرار لأي صحافي أمام الميكروفون, تحول إلى ضجة لا تبقي ولا تذر في الأنترنيت, وركب الراكبون والمركوب عليهم _ وما أكثر بهلانهم هاته الأيام _ على المسألة لكي يحولوها إلى قضية الأمة الأولى, حد طرح السؤال بكل جدية فعلا "فين مشاو الأطباء النفسانييين فهاد البلاد وكل هاته الجموع من الحمقى مطلقة السراح في الفيسبوك والتويتر؟"
صراحة شعرت بالتعاطف معك, وشعرت بشيء يفوق الحملة ويتحول إلى السحل في الساحات العمومية؟ "لانشاج" من النوع الرديء لست المستهدف به, لكنك الوسيلة للعبور منه إلى مايريد الكاذبون, ووجدتني رفقة مجموع من الزملاء نتساءل "كيف كان يعيب الديمقراطيون أكثر من اللازم على العلوي استعماله عبارة "المرتزقة" للتدليل على أعداء الوطن من أهل البوليساريو, وكانوا يعتبرونهم مخالفي رأي وسياسة, واليوم هاهم يصفونك بالكلمة بل وبكلمات أسوأ منها لمجرد أنك أخطأت في اللحظة الخطأ ومنحتهم فرصة الشماتة بشكل لا يفعله إلا الخسيسون حقا؟"
بالنسبة لي أنت أولا وقبل كل شيء زميل صحافي. نعم لك طريقتك في العمل وأختلف معها لكنني مع حقك في أن تشتغل وفقها ووفق ماتراه ملائما لك مع الحفاظ على حقي في نقدك, لذلك أبلغك عبارات تضامني الحقيقية والصادقة, ومعها عبارات الإدانة للصبيانيات التي تريد أن تمنع المغاربة من طرح نقاشات كبيرة وحقيقية لكي يصبحوا أسرى تفاهات أضحت مرعبة يوما بعد الآخر.