صراع المحيط الملكي لا يتوقف، فبعد فترة استأسد فيها محمد منير الماجيدي، مدير الكتابة الخاصة للملك ووجه لغريمه فؤاد عالي الهمة ضربات موجعة قبل فترة منها إبعاد مصطفى البكوري عن إدارة صندوق الإيداع والتدبير ثم انتخاب مسؤول على رأس الباطرونا من أتباعه (محمد حوراني)، وانتزاع الإشراف على مؤسسة "ماروك سوار" الناشرة لمجموعة من الصحف منها "لوماتان" و"المغربية"، عاد الهمة، في مرحلة ما بعد الدستور ورغم الهجوم الذي تعرض إليه والمطالبة بإبعاده من قبل حركة 20 فبراير، عاد إلى الظهور من جديد والتحكم في ملفات ظلت بعيدة عنه، فقد ضمن لصديقه مصطفى بكوري (المطرود من سي دي جي) منصبا على رأس الوكالة المغربية للطاقة الشمسية، بعدها انتخب أمينا عاما لحزب "الأصالة والمعاصرة" وظل على رأس الوكالة، واسترجع الهمة ملف الصحافة من خلال الإشراف على "ماروك سوار" وهو الملف الذي كان قد تسلمه منير الماجيدي. الهمة يسعى لخلق جريدة تنقل الأنشطة الملكية وتحقق مبيعات مرتفعة. ملف لن يظل حكرا عليه لوجود أشخاص آخرين في المحيط الملكي يدلون بدلوهم في الموضوع. ظهرت بصمة الهمة في الإعلام في قضية "دفاتر التحملات" فالتعيينات الأخيرة على رأس الهاكا ثم النقاش الدائر وهجوم برلمانيي "العدالة والتنمية" وحتى رئيس الحكومة تظهر أن المستهدف هو الهمة وليس غيره.
وكان مشروع الماجيدي للهيمنة على الإعلام خاصة الصحف المستقلة والحزبية قد أظهر محدوديته، فاقتناء مؤسسة تابعة للهولندينك الملكي لشركة التوزيع "سابريس" لم تقنع صحفا ذات انتشار واسع بالعودة إلى تلك الشركة، كما أن الثقة التي أنشأها الرئيس المدير السابق محمد برادة مع مدراء الصحف بدأت تهتز في هذه الفترة، ينضاف إلى ذلك فشل مشروع الماجيدي الهيمنة على الإعلانات بعد أن كان أنشأ شركة متخصصة، فتراجع عن الفكرة مع بدايات حركة 20 فبراير 2011، كما أن مشروعه الكبير القاضي بخلق "بطل وطني" في الاقتصاد عبر الهولدينك الملكي قد أثبت ليس فشله بل خطورته على النظام، فالحركات الاحتجاجية ظلت تطالب بابتعاد الملكية عن الشأن الاقتصادي، وقد تلا ذلك بداية مسلسل بيع شركات تابعة للهولدينك الملكي بدأت بشركة "لوسيور" للزيت وستليه شركات أخرى.
في علاقة بالموضوع، نجح الهمة في توجيه ضربة موجعة إلى الماجيدي والإسلاميين بحجرة واحدة، عندما أوصل امرأة إلى الباطرونا وهي مريم بنصالح، لتنتهي فترة هيمنة محمد منير الماجيدي على الباطرونا ودامت لسنوات.
إذا كان الهمة قد فهم إلى حد ما خطورة استمرار مهرجان "روافد" الذي كان ينظمه في بنكرير، فأوقفه منذ السنة الماضية، فإن الماجيدي ظل مصرا على تنظيم مهرجان "موازين"، فنظمه السنة الماضية وهذه السنة، وهو ما يعتبره أتباع الهمة، في تصريح ل"كود.ما": "خطأ استراتيجيا" و"استفزازا مجانيا". لكن النجاح الجماهيري للمهرجان يظهر أن الماجيدي كان على صواب عندما تشبث بموازين، وعليه أن يدخل تعديلات كثيرة ويبتعد عن تدبير هذا المهرجان كي يستمر دون أن يثير نقاشا أو احتجاجا أو موقفا يضر بصورة الملكية أكثر من ضرره بصورة الماجيدي.
وكان كتاب "الملك المستحوذ" لإيريك لوران وكاترين كراسيي الأخير قد ركز على صراع الهمة والماجيدي ونقل مقتطفات لتجليات هذا الصراع سبق ل"كود.ما" أن قدمت بعضا منها. كما أن صحف ومجلات مغربية كثيرة تناولت هذا الموضوع ومن زوايا مختلفة وهو ما نجده حاضرا في كتاب "الملك المستحوذ".