لي في فكيك بضع نخلات ورثتها عن أبي الراحل. لي طعم الكسكس اللذيذ وسمن فكيك الذي أعرف رائحته وأميزها عن أي سمن آخر. لي حصتي من التمر التي تأتيني في شاحنة مرة في السنة. لي صورة النساء وهن يهيئن الثريد ويهرقون عليه المرق. لي الحليب المجفف الذي يقدمه الفكيكيون على موائدهم على شكل حصى أبيض. لي جيران في الجزائر. لي واحتي التي لم أزرها يوما. لي ضب يشبه التمساح جاءني من فكيك وربيته في الدارالبيضاء. لي صور كثيرة في الخيال. لي أعمام وأخوال هناك. لي عائلة كبيرة تتكلم الأمازيغية ولا أفهم ما تقول. لي فخر الفكيكيين محمد عابد الجابري الذي قال لهم أنا قومي عربي. لي مقاومون وأغنياء حرب خرجوا من فكيك وانتشروا في مدن المغرب. لي أنا متضخمة ورثتها عن أجدادي. لي الوالدة التي أدخلت عبدة إلى فكيك. لي نخوة الفكيكيكين واعتزازهم بالنفس. لي عصبية الانتماء التي أمجها وأراها عيبا. لي زرابي النساء التي تنسجها نساء يلتحفن الأبيض. لي قصور ومخطوطات قديمة. لي واحة كانت قلعة لليسار. لي بغداد في زناكة. لي جيش للتحرير وأهل كانوا ضد السلطة. لي أهل وعشيرة لا يرقصون ولا يغنون. لي زغرودة خاصة لا تشبه زغاريد النساء في مناطق المغرب الأخرى. لي إشاعة حقل بترول لم يكتب لها أن تتحق كي استحق كنيتي. لي أخبار تصلني هذه الأيام من فكيك. لي صور وفيديو عن أهل غاضبين. لي نساء متلفعات بالأبيض يقدن المسيرات. لي شعارات ضد الباشا. لي أهل شوشوا على هواتفهم كي لا تصل أخبارهم إلى أحد. لي أهل يسعون إلى فك الحصار المفروض عليهم. لي نساء لا يبعن الزرابي في السوق فقط، بل يثرن ضد التهميش. لي تواطؤ الأغنياء مع السلطة. لي فقراء يصعدون أشجار النخل ويحرسون جمال الواحة. لي أقارب يحملون جريد وسعف النخل كشعار سياسي. لي عقارب تلسع في فصل الصيف. لي خليجيون وسياح أجانب يقنصون في فكيك. لي دكاكين مغلقة وواحة منتفضة. لي أهل محافظون يخرجون عن بكرة أبيهم ليراهم المغاربة. لي جالية في الخارج. لي رغبة جارفة في أن أكون هناك. لي هويتي الملتبسة التي تأتيني في الصور. لي حاجز المسافة وغموض البعد. لي صفعة الأصل. لي فكيك التي أصبحت في قلب المغرب، وأنا الأنا فيها، وأشعر بالرعشة، وأنني أيضا ضد الباشا، لذلك لا يقل لي أحد كن محايدا!